بدأ الجادر بناء هذه المجموعة عام 1958م باقتنائه أول قطعة فضية في بغداد وكان دبوساً معاصراً من الفضة يحمل صورة عبد الكريم قاسم، قائد ثورة 14 تموز، واستمر بجمع الفضة بموازاة درراسته وعمله في تخطيط المدن، وخلال هذه الفترة المبكرة لاحظ الجادر ان موضوع فنون الصياغة الإسلامية مهمل في كل من كتب تاريخ الفن وفي المتاحف العالمية، وان كميات ضخمة من فضض المسلمين تذوَّب وتحوَّل إلى سبائك صامتة، لذلك كان الهدف الأساسي في بناء هذه المجموعة هو انقاذ مايمكن انقاذه من الإذابة والحفاظ على تراث الفضة الإسلامية لأجيال المستقبل كتعبير فني انساني وأدلة تاريخية وثقافية إسلامية ثمينة ومفيدة وجميلة تبرهن بشكل مادي ملموس على عبقرية واقتدار الصاغة الذين صنعوا هذه المآثر وعن طبيعة المجتمعات التي استخدمتها .
كتاب الفضة العربية والإسلامية
وقد كانت المبادرة الأُولى لتقديم هذا الموضوع من خلال طباعة الجادر لكتابه الأول " القضة العربية والإسلامية "لندن 1981م وبعد سلسلة من الفعاليات الثقافية المتواصلة أصبحت هذه المجموعة معروفة عالمياً بعد أن كُتب عنها الكثير وبعد أن حضت بخمس معارض دولية في كل من لشبونة والخرطوم والرياض واستوكهولم وكوالالمبور . والجادر هو جامع هذه المجموعة وصاحبها ومؤلف عدة كتب ومقالات متخصصة عن فنون الصياغة الإسلامية . والمجموعة محفوظة حالياً في المنطقة الحرّة بمدينة زيورخ السويسرية .
تكمن القيمة الرئيسية لهذه المجموعة في تكاملها وفرادتها :
- تزيد قطع المجموعة على أحد عشر ألف تحفة متنوعة مصنوعة من الفضة، والفضة المعشقة بالذهب والأحجار الثمينة والمينا، منها ما يقرب من سبعة آلآف حلية وألفي نموذج للإستخدام البيئي "كالمباخر والمحابر ومرشات ماء الورد والشمعدانات والعلب والزهريات والأباريق والطاسات ..." وألف وثمانمئة مسكوكة ( من العصر العربي قبل الإسلام وفي فجره وعبر مختلف الأُسر الإسلامية الحاكمة ) ومائة وخمسون سيفاً وخنجراً وسكيناً، وثلاثمائة ختم ووسام وميدالية .
- تغطي جميع الأقاليم الإسلامية من الفلبين شرقاً مروراً بالعالم الملايوي وشبه القارّة الهندية ووسط آسيا والبلقان والقوقاز وإيران وتركيا والعراق وسوريا وفلسطين ومصر وشبه جزيرة العرب وانتهاء ببلاد المغرب وغرب أفريقيا ووسطها وشرقها
.
- يمتد تاريخ المجموعة إلى ألف وأربعمئة عام تمثل مختلف الفترات التاريخية، وبينما ترجع معظم تحف المجموعة إلى القرون الثلاثة الماضية، فإنها تتضمن تحفاً مدموغة من قرون سابقة . وربما هناك نماذج أُخرى تعود إلى فترات مبكرة لأن كثيراً من قطع المجموعة غير مدروس ولا موثّق تاريخياً، كما أن تحف الصياغة الإسلامية نادراً ما كانت توسم، وبذلك تعكس هذه المجموعة مشهداً فريداً لصياغة المسلمين منذ فجر الإسلام وحتى بداية القرن العشرين: كما تمثل قطاعاً مهماً من تاريخ صناعة المعادن الإسلامية .
- تعكس المجموعة اللغة الزخرفية المعروفة في الفنون الإسلامية من كتابية وهندسية ونباتية وحيوانية وآدمية وتجريدية .
- نُفذت تحف المجموعة بمختلف التقنيات الصياغية المعروفة وذلك من عمل آلآف الصاغة غير المعروفين والذين لم يثبّتوا أسماءهم على التحف التي أنتجوها .
- تعتبر مكوّنات المجموعة بمثابة وثائق ذات الأهمية الأكاديمة والتقنية والجمالية، والوظائف الإقتصادية والإجتماعية والثقافية .
- ان احد اهم وأثمن المزايا في هذه المجموعة انها خلافاً لطرز الفنون الإسلامية المنفذة على مواد كالطين والخشب والورق والزجاج والنحاس وغيرها ، فإن فنون المسلمين في هذه المجموعة منفذة على الفضة، المعدن الثمين الذي يحتفظ بذاته بثمنٍ عالٍ يتصاعد عبر الزمن في أسواق البورصة العالية ولدى الصاغة .
وبذلك يتضح جلياً بأن هذه الشمولية والإتساع والتكامل الذي تتميز به هذه المجموعة تجعلها فريدة عالمياً، إضافة إلى أنها مرجعاً تراثياً وثقافياً وفنياً إسلامياً وإنسانياً مهماً ومتميزاً .
تحف توفر معارف متنوعة
تشهد الكثير من مجتمعات العالم، وخاصة الغربية منها تعاظم الرغبة للتعرف بشكل أفضل على الثقافة الإسلامية، والتحف التي تتكون منها هذه المجموعة الفضية التي توفر جانباً معرفياً جميلاً ومتنوعاً يمكن ان يخدم قطاعات كبيرة من السكان ويقدم لها منوعات من المعارف الخاصة بالثقافة الإسلامية، كما ان هذه المجموعة كنز لا ثمن له في ظل الهجوم الكاسح للعولمة الوحشية وأخطار نهب وتفتيت وضياع التراث الثقافي للعرب والمسلمين .
لقد تم عرض حوالي ألفي تحفة فقط من قطع هذه المجموعة لحد الآن، وهناك فرصاً لعرض آلآف أُخرى في المتاحف والمؤسسات الثقافية، ويمكن لهذه المعارض أن تكون عامّة او متخصصة جغرافياً ( بلد أو اقليم ما، مثل بلاد المغرب، شبه جزيرة العرب، العالم الملايوي، وسط آسيا الخ ... ) أو تقنية ما ( كالمينا والتطريز والتطعيم وغيرها ) أو على أساس زخرفي .
للمزيد عن هذه المجموعة راجع الموقع www.al-jadir-collect.org.uk