بعد عودة الفنانة فريدة من مهرجان الموسيقى الصوفية في العاصمة النرويجية أسلو جاءت لتحيي ليلة الختام لمهرجان العالم العربي فاجتمع على قاعة قصر الفنون في مونتريال الصوت الرخيم والأداء المتميز مع اللحن الجميل ليشكل لوحة رائعة يكللها صوت آلة الجوزة حيث جاء منساباً كأنه قادمٌ من بين دروب أور وبابل وزقورات آشور، لتعلن عن مهارة عازفها الفنان محمد كمرالذي استطاع ان يتحاور مع آلته ذات الخصوصية العراقية وكانه يغوص نحو الجذور ليحاكي آلهة الحب والعطاء ويجدد العهدعلى الوفاء للفن الأصيل .
التقيت الفنانة فريدة وزوجها الفنان محمد كمر وبعفويتهما وفرا عليَّ عناء المجاملات، فدخلنا في حوار كان يحمل متعة خاصة كمتعة الاستماع الى اغانيهما لانه كان إبحاراً عفوياً في قضايا الأغنية والمسيرة والتراث ...
توجهنا الى الفنانة فريدة وقلنا لها :
نبدأ بسؤال تقليدي هو كيف كانت البداية ؟
- أولاً تشجيع الأهل، حيث اني كأي طفلة عراقية تعيش في حيٍ شعبي تُمارَسْ فيه الشعائر الدينية كانت تصطحبني والدتي الى الجلسات الدينية النسائية الخاصة بذكر واقعة كربلاء، كنت انصت الى صوت المنشدة ( الملايا ) لما يحمل من عذوبة وشجن، وكنت احاول تقليدها فكنت اجد في نفسي القدرة على الغناء، والدتي ووالدي كانا قد لمسا هذه الموهبة ولذا شجعاني على دخولي معهد الدراسات النغمية عندما كبرت، وبعدها تخصصت بالمقام العراقي والأغاني التراثية .
ما هي أول أغنية لك ؟
- اغنية ( أحلى عتاب ) التي لحنها زوجي محمد كمر وكانت كلماتها للشاعر الغنائي نزار جواد، وهذه الأغنية قريبة جداً الى نفسي لأنها أول اغنية لي، انها اول تعاون بيني وبين زوجي
سيدة المقام
صوت الرافدين وسيدة المقام ما هي حكاية هذين اللقبين ؟
- سميت بسيدة المقام لأنني السيدة الوحيدة التي تمكنت من أداء هذه المجموعة من المقامات، اما لقب صوت الرافدين فهو لقب منحه لي مجموعة المثقفين العراقيين الذين شاركوا في الملتقى الثقافي العراقي الأول الذي اقيم في العاصمة البريطانية لندن وذلك لدوري في نشر الموروث الغنائي العراقي الى العالم .
لمن الفضل في تنمية موهبتك الفنية ؟
- ادين بالفضل الى استاذي منير بشير، شعوبي ابرهيم، حسين الأعظمي، روحي الخماش، ومحمد حسين كمر، وجميع الأساتذة الذين درست على يدهم وتعلمت منهم .
أحفاد زرياب
ما تقييك لمشاركتك في اسبانيا ؟
- غنيت في أليكانتا، في غرناطة، في ملكا، لكن اكثرها وقعاً هي مشاركتي في البيت العربي في مدريد، كان الحضور في مدريد ملفتاً، شعرت بالفخر لأنني مثلت بلادي بتراثه النغمي أمام أكثر من ثلاثة آلاف متفرج، عربي واسباني، وقد ملأني الفخر حين قدمتني مديرة البيت العربي ( نوريا مدينا ) حين قالت : "اننا سعداء أن يكون العراق بيننا في مهرجاننا الأول ممثلاً بالفنانة الكبيرة سيدة المقام العراقي فريدة وفرقتها والذين هم أحفاد زرياب، وسعداء بهذا الحضور الكبيروالذي كان الأكبر من بين أيام المهرجان "
انني فرحة لما لمست من تجاوب من الجمهور الأسباني لأنني وجدت ان بعض المقامات قريبة جداً على اذن المستمع الإسباني .
ماذا اعطتك هذه التجربة ؟
- استنتجت ان الموسيقى العراقية تستطيع ان تصل الى أسماع المستمع الغربي وخاصة الاسباني وهذه المشاركات تفتح آفاقاً واسعة لانتشار الأغنية العراقية، بدأت الصحافة تكتب عن النغم العراقي
غنيت للجمهور العربي، أيهما كان اكثر تجاوباً ؟
- غنيت في مهرجان جرش في الأردن، وفي المغرب، في الجزائر، في تونس ان الفضائيات لعبت دور سلبي في طرح الأغنية العربية ومع الأسف انها جعلت السائد والأكثر سماعاً هو النوع الهابط البعيد عن الأصالة، وبالضرورة فانها تلاقي رواجاً من قبل الشباب العربي لأنها ابعدتهم عن سماع التراث والفن الراقي، مثلاً في مهرجان جرش كانت حفلتي مترافقة مع حفلة نانسي عجرم، فالذي حصل ان الحضور كان اقل من المتوقع وكان الحضور يفتقد الىالعناصر الشابة ...
مع هذا هنالك دول عربية تهتم بتنمية ذوق الفرد وهذا ما لمسته لدى الجمهور التونسي والجزائري من ذوق راقي وانجذاب للأغية الأصيلة .
على مسرح موزارت
ما هي اهم المشاركات بالنسبة لك ؟
- في البرتغال حضر اكثر من عشرة آلاف متفرج، وفي استراليا ستة آلاف، في اسبانيا سجلت حفلتي المركز الأول من حيث الحضور الجماهيري من بين مشاركة اثنا عشر بلداً من انحاء العالم هذه مشاركات اعتبرها مهمة جداً، ولكن حضوري كأول عربية على مسرح موزارت في فينا وكذلك مشاركتي على المسرح الأولمبي في باريس الذي غنت فيه ام كلثوم وعبد الحليم حافظ و وردة الجزائرية وانا كأول عراقية تقف على خشبة المسرح الأولمبي هذه المشاركة حققت بعض طموحي، ومن المشاركات المهمة ايضاً كانت على مسرح كوين أليزابيث في لندن .
جمهور مونتريال ذواق وسميع
هل تعتبرين ان حفلة مونتريال ناجحة ؟
- جداً... لقد لمست تجاوب كبير من جمهور مونترال، العرب وغير العرب، انه جمهور سميع وذواق من الطراز الأول، وتعاون فرقة الأوركسترا الكندية معي في عزفهم معي في اغنيتين من اغاني الحفلة اضاف قوة وبهاء وأنا سعيدة جداً بهذه النتيجة .
اي المقامات اقربها الى نفسك ؟
- مقام الحجاز ومقام المخالف الذي هو عراقي فقط والذي اعتدنا ان نسميه مقام الشجن .
اي المطربات اقرب الى نفسك ؟
- رجاء بن مليح وذكرى و وردة الجزائرية .
هل انت راضية عما وصلتي اليه ؟
- انا مقتنعة ان هذه المشاركات العديدة اضافت لي الكثير، لكن الفنان يشعر انه مهما قدم فانه قليل، لأن الموسيقى والغناء بحر لا نستطيع الوصول الى قراره ...
هل هنالك من النساء من سبقنك في هذا المجال ؟
- سليمة مراد صاحبة الأغنية البغدادية الأصيلة أدت قطع قليلة من المقام، ولازالت في الذاكرة العراقية الفنانة صديقة الملاية، وزهور حسين حيث غنت الدشت، وكذلك الفنانة القديرة مائدة نزهت ادّت بعض المقا مات بمقدرة وصوت جميل جداً ...
اعتقد ان ابتعاد المطربات عن المقام هو ان الجمهور لا يقتنع بالمرأة كمؤدية مقام، لأنه تعود على الأصوات الرجالية
هل لك ان تحكي لنا عن موقف محرج مررت به ؟
- من المواقف المحرجة انني كنت مرة اقدم على المسرح الوطني مقام كامل وانا مندمجة في أدائي وإذا بالتيار الكهربائي ينقطع، ثم استدركَتْ بألم ( هذه المشكلة التي يعاني منها الشعب العراقي ) ثم اكملت: كان المفروض ان اترك المسرح لكنني وضعت المايكرفون جانباً و واصلت الغناء ففوجئت بتصفيق حار وجاءني الأستاذ منير بشير مهنئاً ومبدياً اعتزازه، نفس الحالة وقعت لي في مهرجان القبانجي وأنا اغني مقام المخالف وبدأت اغني على ضوء الشموع وكان لضوء الشموع مع صمت القاعة تأثير عميق كتأثير الغناء في أماكن العبادة ...
ثم توجهنا للفنان محمد كمر وسألناه :
ما دورك في شهرة فريدة ؟
- ان شهرة فريدة لم تأت من فراغ، ساعدها في ذلك دراستها الأكاديمية المتخصصة في علم الغناء في معهد الدراسات الموسيقية في بغداد والتي منحتها الحصانة العلمية اضافة الى امكانياتها الصوتية القوية الواسعة التي تمتد الى ( اوكتافين ) في الموسيقى العربية وهذه المساحة الصوتية وقدرتها الأدائية مكنتها من أداء مجموعة كبيرة من المقامات قاربت العشرين . بالنسبة لي كانت اضافتي باللحن، لأنني اكثر من يعرف صوت فريدة من حيث مكامن القوة والحلاوة وإمكانيات التعبير وهذا مكنني من وضع ألحان تناسب هذه المعرفة .
يعرفها العالم وتتجاهلها الفضائيات
هل نالت فريدة ما تستحقه ؟
- فريدة أصبحت معروفة في العالم أكثرمما هي معروفة في الوطن العربي، انها اعتلت مسارح ذائعة الصيت عالمياً، ومثلت العراق في المهرجانات ذات الشهرة الأوسع في العالم مثل ( ولكس )ولها صفحة في سجله
ما هي المساحة التي وفرتها لها ؟
- الذي وفرته دعمي الكامل من خلال العمل في المؤسسة ( مؤسسة المقام العراقي ) واتصالاتي بالمهرجانات والحرص على وضع الألحان المناسبة أو التوزيع الموسيقي المدروس .
هل اهتمامك بالمقام جاء لارتباطك بفريدة ؟
- لقد عملت بالمقام منذ عام 1974 في معهد الدراسات النغمية، وعملت مع أشهر قارئي المقام مثل يوسف عمر، حسين الأعظمي، وأستاذي شعوبي ابراهيم، خبرتي جاءت من مصاحبة كبار قراء المقام مع الدراسة الأكاديمية، كنت ادرّس المقام بالمعهد النغمي وكانت فريدة إحدى تلميذاتي .
أي الآلات أقربها الى نفسك ؟
- أنا اعزف آلات عديدة الجوزة، العود، الكمان القانون، لكن آلة الجوزة أقربها الى نفسي و ولعي بها يعود الى استاذي طاجكستاني هو الذي جذب الطلاب لدراسة الجوزة بعد ان كانوا يرفضونها انه كان يعزفها بتكنيك عالي جداً وأنا احد الطلاب الذين أقبلوا عليها وقد استفدت من تكنيك استاذي الطاجكستاني وكلاسيكية استاذي شعوبي ابراهيم .
ماذا يميز المقام العراقي ؟
- هنالك فرق بين المقام العراقي والمقام العربي، فمفهوم المقام في العالم العربي هو السلم الموسيقي المؤلف من سبع درجات موسيقية أما المقام العراقي فهو صيغة من صيغ الغناء له من الأصول الثابتة التي يجب ان يتقيد بها قارئ المقام وما يؤهله ان يكون ضمن الموسيقى التقليدية .
واخيراً هل تجدوا في أطفالكم من سيكون فريدة أو محمد كمر ؟
- الأبن الأكبر لطيف من الشباب النادرين الذين يعزفون المقام بأصوله الكلاسيكية بالإضافة الى روحيته الخاصة التي تشبعت بالموسيقى من خلال العائلة وكذلك تأثر كثيراً بالأستاذ منير بشير، انه تشرب بالموسيقى منذ الطفولة، هنا تقطع فريدة الحديث بصوت ضحكة صافية وهي تقول ليس من الطفولة بل منذ ان كان جنيناً في بطني وهويسمع المقام ...
ثم يضيف اما ابنتنا ثريا فإنها تمتلك اذن موسيقية رائعة وتحب سماع الموسيقى كثيراً منذ كان عمرها أربع سنوات كانت تغني اغنية انا من اكولن آه اتذكر ايامي الأغنية العراقية التراثية القديمة .
تأسست فرقة المقام العراقي عام 1989 على يد الفنان محمد حسين كمر امتدادا لفرقة التراث الموسيقي العراقي ألتي أسسها الفنان الكبير الراحل منير بشير عام 1973. الغرض من تأسيس الفرقة احياء المقام العراقي وبقية الألوان الغنائية والموسيقية التراثية العراقية وتقديمه في المحافل والمهرجانات العربية والدولية من خلال الصوت النسائي المتميز في أداء المقام العراقي الفنانة فريده محمد علي.
أعضاء الفرقة خريجوا معهد الدراسات الموسيقية وكلية الفنون الجميلة قسم الفنون الموسيقية تعتبر الفرقة حاليا من أهم الفرق ألتي تهتم بأحياء موروث المقام العراقي وتوصيله الى العالم من خلال جولاتها الفنية المتعددة حيث حظيت الفرقة بأهتمام واسع في كل مشاركاتها وقد أختيرت من ضمن أفضل أربعةعشر فرقة تم أختيارهم من بين خمسمائة فرقة من مختلف أنحاء العالم بترشيح من لجنة تحكيم مهرجان WOMEX2001 (ملتقى ومعرض موسيقى العالم ) ألتي أقيمت في مدينة روتردام الهولندية والتي أختيرت كعاصمة أوربا الثقافية 2001 وهذا المهرجان يعادل في مكانته مهرجان كان السينمائي وأدرج أسم الفرقة في سجل WOMEX 2001العالمي صفحة 103 وصفحة 150.
في عام 2004 أختيرت فريدة وفرقة المقام من قبل البلاط الملكي الهولندي لتقديم حفل عيد الملكة بحضور ملكة هولندا بياتريكس والعائلة المالكة.
صدرت لسيدة المقام العراقي الفنانة فريده والفرقة ثمانية سيدياتCD:
2007 الأسطوانة الثامنة ( جوزة أون جاز – محمد كمر ) إنتاج شركة بلو كاب العالمية في هولندا.
2005 الأسطوانة السابعة ( إشراقات ) إنتاج سنيل ريكورد مع وورد كونكشن في هولندا.
2004 الأسطوانة السادسة (بغداد الأزل قصائد ومقامات) إنتاج مؤسسة المقام في هولندا.
2003 الأسطوانة الخامسة (صوت الرافدين) إنتاج شركة لونك دستن العالمية.
2002 الأسطوانة الرابعة ( تراث ) من أنتاج مؤسسة منير بشير.
2001 الأسطوانة الثالثة (الرحيل) من انتاج شركة ( شمس وقمرالهولندية).
2000 الأسطوانة الثانية (مواويل ومقامات عراقية) . 1998
الأسطوانة الأولى ( موسيقى كلاسيكية من العراق).
الأسطوانتان الأولى والثانية من انتاج شركة (سمرقند الهولندية الحديثة).
2007 حازت الأسطوانة السابعة ( إشراقات ) على مرتبة أفضل عشرة أسطوانات عالمية في أختيار لمجلة (Songlines) الأنكليزية ألتي تصدر في لندن كذلك حازت الأسطوانة الثانية ( مواويل ومقامات عراقية ) على مرتبة أفضل عشرة أسطوانات عالمية لعام 2000 في أختيار انفس المجلة , وأختارت المجلة أيضا أغنية من هذه الأسطوانة لتكون ضمن الألبوم الغنائي World Music لأربعين فنانا من مختلف نحاءالعالم.
2007 ايضا منحت وسام الخيمة العربية في جزائر عاصمة الثقافة العربية 2007.
2007 منحت وسام مهرجان سحر الموسيقى الصوفية في باكستان .
2006 حصلت على(درع الملتقى الدولي الأول للتعبيرات الفنية الصوفية) في مدينة مستغاتم في الجزائر.
2005 منحت فريدة (قلادة العنقاء الذهبية) من قبل اللجنة العليا لمهرجان العنقاء الذهبي الدولي الرحال للثقافة والفنون والأعلام في مجال الفن الأصيل وكذلك( وسام الوفاء) من أطفال العراق وحصلت عام 2005 على( درع مهرجان القبانجي الدولي الأول ) الذي اقيم في السليمانية. 2003 تم أختيار فريدة ( أول رائدة للغناء المقامي التقني النسوي للقرن العشرين ) وذلك من قبل وزارة الثقافة العراقية ومعهد الدراسات الموسيقية وبيت المقام العراقي في بغداد لأدائها الأكاديمي المتميز للمقام العراقي وتثمينا لدورها في نشر المقام العراقي وتقديمه في المحافل والمهرجانات الدولية والعربية.
منذ عام 1997 أستقرت الفرقة في هولندا وقد قام الفنان محمد حسين كمر في عام 2000 وبدعم من المؤسسات الفنية والثقافية الهولندية بتشكيل مؤسسة المقام العراقي ألتي تقوم بتوثيق ونشر وتعليم الموسيقى العراقية المتمثلة بالمقام العراقي في أوربا والعالم وفي عام 2005 أصبحت المؤسسة واحدة من المؤسسات التابعة والمدعومة من قبل التجمع الثقاقي الهولندي ال (Raad Cultuur ) وحصل الفنان محمد حسين كمر على عضوية أتحاد الموسيقين الهولنديين ال ( Ntb ) وكذلك على عضوية جمعية حقوق المؤلفين الموسيقيين الهولنديين العالمية ال (BUMA STEMRA)