إنطباع أوّل
حدث ذلك في سنوات الحصار وتحديداً في منتصف التسعينات، كنت أرتبُ مكتبتي، فجأة ً بإيعاز ٍ من عينيّ، ألتقطت أصابع يدي اليمنى، مجموعة ً قصصية ً، كان قد اشتراها أخي منذ سنوات وكنت قد استعرتها منه . ولم أقرأها بعد، توقفتُ عن ترتيب المكتبة.. تصفحتُ الكتاب. بحثتُ عن الفهرس وتوقفت عند عناوين القصص :
فتيات الملح
جامع أسماء الموتى
الانعتاق
الحواجز
من أجل الرغيف
في انتظار الطير
الصوت
باقة أزهار ذابلة الى سوزان
القبر
حرود وفراش الملك
الآن وليس آنذاك، لماذا توقفتُ عند عنوان (من أجل الرغيف) ؟ هل بسبب الحصار البشع الذي كابدناه آنذاك بِلا ذنب ٍ.. ؟!
تأملت عيناي في قصة (من أجل الرغيف) بتأنٍ وتفكر .. كنت ُ أشعرني كلما تقدمتُ في قراءة القصة تضوعتْ رائحة ُ الخبز الحار.. شعرتُ كأن القاص كاتبها الآن في 1996 حيث الجوع والبطالة والجور والظلم.. عدتُ إلى سنة الإصدار،عرفتُ أن المجموعة صادرة في البصرة 1973.. فتبسمتُ وجعاً ..
قلت لروحي : هل قدر العراقيين مواصلة الجوع في كل حين ؟
وتساءلت ْ قراءتي : لماذا صاحب المخبز بهذا اللؤم ونحن في زمن كان أهلنا يسمونه سنوات الخير، أليس هذا ما يطلقون عليه أعني زمن السبعينات من القرن الماضي ؟.. ثم أستدركت ُ ربما تجربة الخبز تشير إلى سنوات غير سنة الإصدار... ؟
مرت السنوات وصرتُ أتواصل مع الأُدباء واحضر بعض جلساتهم، ولم أتعرف إلى الأُستاذ القاص مجيد جاسم – طيّب الله ثراه-
وفي 2009 حصلتُ على نسخة من (جراد من حديد)، تشوقت لأسلوبه القصصي العميق البسيط، ولمستْ أن القاص مجيد جاسم العلي لديه الكثير من الأسى العراقي الذي يريد إراقته، ذلك الأسى الذي يشوقنا أسلوبه على مناهضته لنتخلص منه بروح ٍ عراقية ٍ وثّابة .
طيّب الله ثراك أيها القاص المُجيد معنى ومبنى