يعد يوهان فولفغانغ غوته واحداً من أشهر أدباء ألمانيا المتميزين، والذي ترك إرثاً أدبيا وثقافياً ضخماً للمكتبة الألمانية والعالمية، وكان له بالغ الأثر في الحياة الشعرية والأدبية والفلسفية، ومازال التاريخ الأدبي يذكره بأعماِلهِ الخالدة التي مازالت أرفف المكتبات في العالم تقتنيها كواحدة من ثرواتها، وقد تنوع أدب غوته ما بين الرواية والكتابة المسرحية والشعر وأبدع في كل منها، واهتم بالثقافة والأدب الشرقي واطّلعَ على العديد من الكتب فكان واسع الأفق مقبلاً على العلم، متعمقاً في دراساته.
ولد يوهان فولفغانغ غوته عام 1749 في فرانكفورت حيث ترعرع في كنف والده الغني الذي وفّرَ له تعليماً مدرسياً خاصاً، كما لعب إهتمام والديه بالنواحي الأدبية والثقافية، دوراً في تكوين شخصيته الأدبية فيما بعد.
عُرِفَ غوته منذ نعومة أظفاره بالذكاء والتميز وتعدد المواهب. فإلى جانب اللغة اللاتينية قام بتعلم اللغات الفرنسية والإنجليزية والإيطالية والعبرية. وفي عام 1765 بدأ بدراسة القانون في مدينة لايبزغ وستراسبورغ نزولا عند رغبة والده، لكن ذلك لم يمنَعهُ أبداً من الإهتمام بالأدب والفلسفة.
في عام 1775 إنتقل غوته إلى مدينة فايمر (Weimer) وعاش فيها حتى وفاته عام 1832. كان غوته ومنذ صغره مولعاً بالطبيعة، ميّالاً للرسم والشعر، لكن ميلَهُ للشعر غلب عليه. ولم يكن غوته شاعراً فحسب، بل مؤلفًا مسرحياً وروائياً وعالماً. ومن أشهر إسهاماته العلمية مورفولوجيا النبات ونظرية الألوان. وكان ايضا عاشقاً ومولعاً بالنساء حيث احبهن وكتب فيهن أجمل قصائده وأعماله الأدبية، ولكنه لم يتزوج اي منهن لأنه كان يفضل الحرية والإستقلال ....
لم يكن غوته مجرد شاعراً عادياً يسجل خواطرَه وأفكارَه من خلال قصائده الشعرية، وكتبه الأدبية، بل مال إلى التبحّر في مختلف العلوم، فأنكب دارساً العلوم والفنون المختلفة مثل الرياضة والرسم والشعر والموسيقى والتصوير، كما قام بدراسة النبات والطب والهندسة والحقوق والسياسة.
وعكف على تعلم اللغات وساعده والده في ذلك، كما سعى غوته نحو التعرف على ثقافات أخرى فتعمق في الأدب الشرقي، فأطلع على الأدب الصيني والفارسي والعربي، بالإضافة الى تعمقِهِ في الفكر الإسلامي، ولم يكتف غوته في مجمل إطلاعه على الثقافة العربية على الشعر العربي فقط بل أطّلع على كتب النحو والصرف متلهفاً وساعياً نحو المعرفة، كل هذه الأمور أهّلتهُ لان يكون شاعراً متمكناً واسع الثقافة مطلع على العديد من العلوم .
كان لهذه الشخصية الأدبية الفذة أثرٌ واضحٌ في إثراء الأدب الألماني من خلال الكتابات والأعمال المتميزة التي تركها في شتى المجالات ومن أشهرها العمل الأدبي المسرحي فاوست (Faust) الذي يعد بحق من أهم الأعمال الأدبية العالمية الخالدة حيث إستطاع غوته من خلاله التعبير عن الكثير من أفكارِهِ الجمالية والفلسفية بلغة غاية في الدقة والروعة.
كان غوته مولعاً بالمشرق وهائماً فيه حيث قام بقراءة حكايات ألف ليلة وليلة وتأثر بشخصياتِها ومضامينِها وكتب على منوالها كتاب "نزوة العاشق" (Die Laune des Verliebten). بالإضافة إلى كتابه "الديوان الشرقي الغربي" (West-Östlicher Diwan) والذي تطرق فيه كثيراً إلى الثقافة العربية والإسلامية. ولقد كان غوته معجباً بالإسلام وخصوصا بشخصية النبي محمد وبالأفكار الإسلامية ذات الطابع الصوفي، كما انه اهتم كثيرا بالمعلّقات وببنيتها الادبية، من حيث الوقوف على الأطلال ووصف الرحلة ووصف الناقة حتى انه ترجم جزءاً منها من اللاتينية الى الالمانية.