هادي العلوي أهم عشرة مفكرين في القرن العشرين

2014-08-08

*

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/229b9bb3-2891-4c81-ab02-6819ff052e8b.jpeg

 كتبُهُ صدمة للمثقفين ولقرائِه، لما فيها من أشكالية في طرح قضايا تعتبر من المقدسات والمحرمات التي لايستطيع المثقف العربي طرحها او مجرد ذكرها .

* انتقد المثقفين على نفاقهم وتملقهم للسلطة، لذا أخرج شعر المديح من تاريخ الأدب العربي واعتبره "عارًا"

* في جدله وجداله مع زواره، وتأكيده المستمر على إيمانه المطلق بالعقل الأنساني، مايؤكد نظرته العلمانية، فالعقل عنده عدو الوهم والأنخداع والتعصب، لأنه لايفتأ يجوب الآفاق سعياً وراء المجهول، حتى يكشف عنه ويجلوه للعيان .. والعقل بطبيعته منتظم وناظم .

* على الرغم من تقديره العميق لما قدَّمه أدونيس، نقدًا وإبداعًا، لكنه عارضَه في عبارته: "قل كلمةً وامضِ/ زِدْ سعة الأرض". فانه يرى أنه يجب أن "تقول كلمتك" من دون أن تمضي، بل تناضل في سبيلها. ودعا، في سياق تكريس مفهوم المعارضة، إلى قطع العلاقة مع الدولة وأربابها، الذين هم – في عرفه – "عماد الظلم".

* شرط المثقف عنده هو: مناهضة الظلم، والعمل على إقامة العدل الاجتماعي، والنأي عن الحكام وعدم العمل معهم، والدفاع عن المستضعَفين من كلِّ جنس ودين، والاستقلالية القائمة على عدم حبِّ المال، والروحانية، والتجرد عن اللذائذية.

* وجَدَ في فلسفة التاو (الحق) الصينية، اتجاهاتٍ قريبةً من هذا المنحى.. والتقاطعات بين الفلسفتين الإسلامية والصينية هي التي دفعتْه إلى التعمق فيهما، لِمَا تختزنان من نزعة إنسانية نبيلة تنسجم مع تفكيره وتخاطب مشاعرَه وطموحاتَه، التي تجسَّدَ بعضٌ منها في "جمعية بغداد المشاعية" التي وضع لها أسُسًا نظرية تهدف إلى إعانة الفقراء واليتامى. وقد حققت هذه الجمعية عمليًّا بعض الأهداف الطموحة ومازالت قائمة .

* من اولوياته، الفكر واللغة، فأنجز ثلاثة قواميس بحثت في صيغ جديدة للّغة العربية، زاوج فيها بين اللهجات المحكية والفصحى وكان يطمح بأكمال هذا المشروع حتى لو تجاوزت قواميسه العشر ...

* بعضهم يصرّ على ان هادي العلوي لو لم يكن ماركسياً، لما انجز مشروعه الثقافي الذي عُرفَ به في مجال الفكر واللغة، في حين يرى البعض ان التوجه الاسلامي للعلوي كان هو السبب الرئيس في عطاءاتِه الفكرية واللغوية حيث نهل من الفكر الاسلامي المتوارث والجديد ما أهله لوضع مشروعه النهضوي المعروف على سطح النقاشات الفكرية في العالم العربي والاسلامي 

* أنه صوت حار، شديد التوتر، عميق الآنين، فياض بنور المحبة على مرارة الخيبة وحُرقة الوجع ... لباسه متواضع، وطعامه أكثر تواضعاً، لكنه في كتاباته عاتٍ، قوي الروح، يهبّ  في مواقفه كما تهب العواصف، حاضر الحجة، ذكي القلب، همُّه القراءة والقراءة المضادة، والقراءة المضادة هي أستثارته للمثقفين الذين يثق في وعيهم، في ما يقرأ وما يقرأون، وكثيراً ما تجده محتدم النقاش، لكن بموضوعية العالم، مع أصدقائه المثقفين، فهو يرى ان النقاش هو خلاصة التجربة والوعي، وفي كتاباته كان يسعى لأن يقدم لقرائه ما يعلق على فم النحلة من الزهر، تعصره شهداً، فيما الزهر لا يزال مبتسماً بجلاله محتفظاً بروائه وجماله، وهو ليس من الرجال العطاشى الذين يديرون ظهورهم للبئر التي شربوا منها عندما يرتون، بل كان وفياً لكل قراءآته ونقاشاته وتجاربه في الحياة ويحفظ جميل كل من قابله بأبتسامة ...

* ترك ارثاً ونتاجاً معرفيا، في مجالات التصوف، والفكر العربي والاسلامي، وقضايا المرأة، وكان نصيراً  للمرأة، ويعتبر كتابه عنها مصدرا هاما حيث قام بدراسة المرأة قبل وبعد الإسلام وكتب بجرأة وصراحة، وأنشأ مشروع المشاعية اخريات عمره بعد ان هجر ألايديولوجيات الحزبية، وقد اعتبره المستشرق الفرنسي جاك بيرك احد أهم عشرة  مفكرين في القرن العشرين.. كان ضد كل انماط السلطة، وكان عنيف المزاج رقيق القلب، متواضع، كالحقيقة، وشَموخٌ مثلها.. كتب العديد من المؤلفات تجاوز العشرين كتابا ...

هادي العلوي سليل الحضارتين 

 انه  هادي العلوي، مفكر، مشاعي، صوفي، عراقي، كوني، اهتم بالتراث العربي وقرأه قراءة نقدية. كما اهتم بالحضارة الصينية، انه المثقف "المختلف"، الذي تمادى في "الحداد" والاحتجاج والرفض، فكان النموذج الأندر بين أقرانه. وربما كانت نقطة الاختلاف تكمن في انه أعطى لشيخه الحلاج عهدَه حين قال :

 أجوع مع الجائعين، فذلك هو شرط المعرفة؛ وألتحف المنافي، فذلك هو شرط الحرية.

 حين نذكر هادي العلوي فإننا نستحضر آلام وأوجاع عشرات المثقفين والمفكرين والفنانين العراقيين الذين أُخرِجوا من مرابع طفولتهم عنوة، وغادروا "أرض السواد" و"دجلة الخير"، وفي حنايا روحهم شوقٌ يتأجج، وحنينٌ يغلي، وتوقٌ أبدي إلى عناق الأرض التي توارت خلف مناديل الوداع والتي احتضنتْ براءتَهم الأولى ورسمتْ لسنوات العمر اللاحقة ملامحَ أيامٍ قاتمة في المنافي وعلى أرصفة الموانئ والمطارات وأبواب السفارات، تَشكلت إبداع شفيف، مترع بالشجن واللوعة والأسى، حيث الوطنُ مستباحٌ، وضحكةُ "بنت الجيران" تذبل في وحشة المساءات الباردة، وكأنما لم يروِها ماء "الفراتين".

مع صعود بعض تيارات التكفير والاغتيالات، التي قامت بها أجهزة الامن العربية وراح ضحيتها الكثيرين في عمليات الاغتيال والتشهير لم يكن أول شهدائها الدكتور حسين مروه، ولم تقتصر الملاحقة على مارسيل خليفة، أو نصر حامد أبوزيد، برز الباحث الماركسي المطعم بفكر الشرق الذي قال أتحدى أي عالم دين يثبت ويفتي بقتل المرتد أو الكافر وكتب مقالة لم يرد عليه أحداً على العكس قلبت موازيين النقاش، رغم أنه من الذين تعرضوا للتكفير .

ولد المفكر الراحل هادي العلوي في(1933 - 27 سبتمبر ) في بغداد في كرادة مريم حي العباسية، التي تقع بين المجلس الوطني العراقي والقصر الجمهوري في المنطقة الخضراء حاليا، وعاش فيها طفولته ضمن عائلة فقيرة ومتعلمة تملك مكتبة ضخمة غنية بكتب التراث والفقه واللغة والتاريخ والتي تعود إلى جده السيد سليمان، فقيه الكرادة وإمامها، حفظ القرآن ونهج البلاغة والكثير من دواوين الشعر العربي.

أكمل الدراسة الابتدائية والثانوية في بغداد عام1950 وكان لمكتبة جدهِ السيد سلمان التأثير الكبير في بداياتهُ الفكرية، تخرج من كلية التجارة والاقتصاد بتفوق عام 1955 ورفضَ مصافحة الملك فيصل الثاني حين وزع الشهادات على المتفوقين.

واكبَ العلوي على دراسة التراث الإسلامي وسعى في اطلاعه على ثمار الحضارة الإسلامية والعربية منذ بداية الخمسينيات، كما ساهم في الحركة الوطنية العراقية، وتحول في وقت مبكر إلى الفكر الماركسي، وخرج من العراق في وقت مبكر بعد مضايقات السلطة، مما مهد الشيخ جلال الدين الحنفي سفرَه إلى الصين، لحاجتهم إلى من يعمل في الجانب الثقافي والفكري، ثم تنقل عام 1976 بين الصين ولندن، بيروت ودمشق، حتى رحيله عام 1998،  ولقبَ نفسهُ قبلَ رحيله بأعوام بـ ( سليل الحضارتين) أي الحضارة الإسلامية والصينية، وقد علقَ على باب داره في دمشق لوحة كتبَ عليها ( هنا يقيم سليل الحضارتين هادي العلوي) .

كانَ الراحل في بداية الستينات محتفياً بالنظرية الماركسية العلمية، وقد انعكست وأضاءت استغراقه في التراث العربي الإسلامي بصورة رائعة جداً، وظهرذلك من خلال كتابه ( الحركة الجوهرية)، لكن هذا الاستقرار سرعان ما زال وبانت مرحلة الاضطراب السياسي والاجتماعي، الذي تثبت تحفيزه في أعماقه, فراح يضفى عليه صفة ( المفكر الثوري) بحيث دُفعَ إلى مدى عصي على التوجيه والسيطرة، فأصبحَ هادي حزباً متطرفاً في ذاته لا يستقر على موقف سياسي، فهو لم يصبح داخل حلبة المعترك السياسي المشروط بالحذر والاعتدال، فكان يستمرئ ذلك ويغذيه بدفء اليقين والاندفاع حتى رحيله إلى الصين، حيث تحولَ إلى الزهد والقناعة والتواضع، واجتهد في إحالة كل ذلك إلى قوانين، حتى بات مفكراً متصوفاً متروّحناً، بمعنى الذات الباحثة عن الحقيقة لصالح الذات المتولدة عن اليقين، يتعامل مع قوة الحياة عبر الشاعر والمتصوف فيه، وينعكس ذلك في نثره وشعره، حتى أطلقَ على صوفيته تلكَ اسم ( الصوفية الاجتماعية)، فقد انتخب من( لاوتسه، تشوانغ تسه، أباذر، الحلاج، النفَرٍي، أبا العلاء المعري, عبد القادر الجيلي ) وإنتهى بالمحدثين ( كوته، ماركس، تولستوي ) وقد وظفَ تلك الجذور إلى معترك العقائد المشهودة، فكانَ يَترفع عن ملذات الحياة ويدعوا إلى الزهد والحرمان، لاعتباره معياراً للمجتمع الصالح، معَ أن النزعة النباتية لديه كانت وليدة دوافع تدميريه، حتى تطبع هادي العلوي عليها وعززها بشديد الضعف، يسير الانقياد في يوتوبيا المشاعية، إن يوتوبياه التي تتطلب عنفاً قسرياً لتطبيقها على الأرض العراقية والدعوة إلى ( دولة المشاعية العراقية) سيئة الطالع لتبدوا أخطر من الايديولوجيا، من خلال وضع مجموعة من القوانين التي تفرضها المؤسسات التي تُحَدّد معالمها، كانت يوتوبيا ( السلطة المشاعية ) التي أحاطها بعلماً، غير قاصر أبداً، فانتابهُ حُلمٌ غريب تسلطَ على عقله، فتصور إن التغييرات القادمة ستؤدي إلى إصلاح كامل للجميع،  وإن اللحظة قد حانت لإقامة جمهورية عالمية، ستكون تحتَ قيادته.

لكن هادي العلوي كان يحاول أمراً جديداً من خلال كتابه ( مدارات صوفيه .. تراث الثورة المشاعية في الشرق) بإيجاد جذور لهذه المشاعية في التراث الشرقي وفي الموروث الصوفي، فالكتاب بيان تأسيسي يعتمد لغة غاية في التلقائية والتًدفق والدقة والرشاقة معاً، فكانت ( يوتوبيا المشاعية) التي أعدها العلامة العلوي وخص بها الشعب العراقي جاءت في ظرف لم يعد فيه هذا الشعب يحتفل بمزيد من الحلول اليوتوبية، التي أنهكته على مدى نصف قرن، وذهبَ ضحيتها ملايين من أبناء الشعب بين قتيل ومفقود ومشرّد، فكان يدعو إلى تشكيل وزارة التنظيم المشاعي في العراق وبث اللجان المشاعية في كل حي وقرية لكي يدافعوا عن أسواقهم ومطاعمهم الشعبية ومستشفياتهم المجانية ضد الدولة، فكانت هذه الفقرة قد كشفت عن الجوهر العقائدي للعلامة العلوي، فهوَ ابن المِحنّ التي لا يليق إلا أن يكون ضحيّتها، ولكن كتابه ( مدارات صوفية ) رائع رغم ذلك لكونه يعتمد جوهراً محاطاً بمعارف واسعة وعواطف فيّاضة، على أن تقود إلى عالم الرؤى الممتحنة بالوجود المطلق .

توفي هادي العلوي في مستشفى الشامي بدمشق يوم 27/9/1998 في دمشق التي دفن فيها. وبرحيله ترك فراغاً قلما يستطع أحد أن يملأه وبخاصة فيما يتعلق بالتراث.

من مؤلفاته

شخصيات غير قلقة في الاسلام 

موسوعة معرفية في مجالات سياسية وإجتماعية 

من تاريخ التعذيب في الإسلام 

الإغتيال السياسي في الاسلام 

ديوان الهجاء 

المرئي واللامرئي في الأدب والسياسة 

فصول عن المرأة 

المعجم العربي الجديد المقدمة 

شخصيات غير قلقة في الإسلام 

كتاب التاو 

خلاصات في السياسة والفكر السياسي في الإسلام 

فصول من تاريخ الإسلام السياسي 

المعجم العربي المعاصر: قاموس الانسان والمجتمع 

المستطرف الجديد 

المعجم العربى الجديد
المرئى واللامرئى فى الادب والسياسة
محطات فى التاريخ
من التاريخ الحضارى لبغداد
من تاريخ التعذيب فى الاسلام
من قاموس التراث

المنتخب من اللزوميات..نقد الدولة والدين والناس
نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازى
حوار الحاضر والمستقبل 

فصول من تاريخ الاسلام السياسى
المستطرف الصينى..من تراث الصين
شخصيات غير قلقة فى الاسلام. 
فصول عن المرأة
قاموس الدولة والاقتصاد

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved