جيل بَلَرا والحب المجنون للأدب

2013-11-12

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/f05f4740-ae42-4e5a-b4b2-4c16167bb90e.jpeg
لو اردنا التحدث عن القصة القصيرة في مقاطعة كيوبك الكندية، فلا بد ان نتحدث عن المدرسة المعاصرة فيها، ومن بين اهم كتاب القصة المعاصرين في كيوبك هو جيل بَلَّرا Gilles Pellerin
الذي ولع بالأدب وعشق اللغة منذ صغره واعتبر وجوده في الحياة مقترناً دائماً بالأدب، لذا فانه كان في كل مناسبة يردد مقولته : 
" لا شئ يشعرني بوجودي سوى الأدب "
لقد شبه العديد من النقاد اسلوب بَلَرا باسلوب الكاتب الفرنسي المعروف ( دانييل بينال ) من حيث التوقد والحيوية والإنفعال، ولذا استحق ان يلقب بدنييل كيوبك .
 
لقد حرص بيلرا على نشر الأدب بنفس التوقد الذي سلكه في كتاباته، حيث اسس داراً للنشر ساهمت بان يكون للقصة القصيرة انتشاراً واسعاً، وكذلك عرّف الكيوبكيين على العديد من الأدباء الكنديين والعالميين، من خلال ترجمته مجموعات قصصية لكتاب من ثقافات اخرى، منها مجموعات ايرلندية، مكسيكية، وبورتريكية، واكتشف العديد من الأُدباء الكنديين الناطقين باللغة الإنكليزية، من كتاب الأدب الخيالي، والأُسطوري، مثل دوغلاس كلوفر,Doglds Glover وألستر ماكلوود Alister Macleod وبوني برناردBonnie Burnard  وبدرجة عالية من القدرة التصويرية والإبداعية وضع دليل للكتاب المعاصرين  .    
في سنوات الثمانينيات من القرن العشرين عاد للقصة القصيرة صوتها وسحرها مع القاص بَلَرا، بعد صدور مجموعته " مغامرات كليوم " التي اثارت ضجة ادبية، والتي صنفها النقاد من ناحية الإسلوب ضمن الأدب الفنتازي، وجعلته يحصل على جائزة فرانكو كيبكوا للشباب عام 1988، ثم اعقبها بثلاث مجموعات للقصة القصيرة .
 
من يقرأ مجموعات بّلّرا يشعر انه يقرأ رواية واحدة بأحداث مختلفة، هذا لا يعني بان اسبوب بّلّرا لم يتغير، فعبر مجموعاته الأربع، خلال الأعوام 1982 – 1992 نجد ان مادته وطريقته تتبدل من حين الى آخر، فقصص المجموعة الأولى، ( مغامرات كليوم ) التي صدرت عام 1982 كان فيها تقليدياً، واظهر فيها مهارة فائقة باللعب بالكلمات، فشخصيات القصة الأولى لهذه المجموعة  – مرآة مرآة – نجد انها قد اختفى فيها الحس الفنتازي الذي طبع القصص الأُخرى، في حين ان القصة الأخيرة في المجموعة ( الرجل الذي أراد ان يشيخ ) هي قصة تقليدية، لكنها عامرة بالحوار المحبب على لسان بطلها ( ليوبول  والذي عاش حياة تقل بدرجة الخوف عن حياة الآخرين لكها لا تعدو ان تكون مليئة بالألم :
" ثلاثون سنة من العمل الإجباري، وها انا بلغت الرابعة والستين، جميع من في العائلة حصل على حقه، بعد ان أَعطيت عصارة قلبي، لأحكم القبضة ... كنت قد امضيت حياتي امارس عمل لم اكن احبه، انت تحلم بسن الأربعين، لكنك عندما تصل هذه السن، تجد انك قد شخت وانتهى كل شئ .... ص 165
 
لقد اتفق النقاد في الجمعيات الأدبية المختصة، ومن خلال العديد من المجلات الأدبية، على اعتبار بَلَرا كافضل كاتب قصة فرانكفون للعامين 1990 _ 1991 ولقد خضعت اعماله لتحليلات النقاد الكلاسيكيين، وصمدت امام الكثير من النقد والتحليل، وبذا اعتبر كاتباً متميزاً بين جيله من الكتاب، وهذا المقطع من من احدى قصصه في مجموعته ( اصل الإغتصاب ) يشرح دينامية اعماله :
" انني أحييت نفس الهيجان الذي دفعني قديماً لعمل كرات ورقية مما كنت قد كتبت، والذي قاومني كي لا انقطع عن كتابة القصة ... ص177
 
اتخذ جيل بَلَرا في اغلب قصصه اسلوب السيرة الذاتية فكان في العديد من قصص مجموعاته ذلك الجوال عبر الذاكرة، وذلك المسافر الدائم عبر الماضي الخاص، وبين حين وآخر يعود في احداثه الى شاوينيكانShawinigan Leopold  مدينته التي كبر فيها، ليطبع أعماله بنكهتها، وليجعل  حركتها من حركة عمالها، وليجعلها تتنفس أتعابهم وتستنشق حسراتهم ...
من خلال رحلة الذاكرة في قصص مجموعاته الأربع، نكتشف جنون وولع بَلَرا بالأدب واللغة، ففي قصته ( قراءة عمومية ) من مجموعته الإغتصاب ص 174 يقول :
انا مصغر وجه، او مصغر جسم يتحدث خلف الأنا ... منذ وضعت تصوراتي، ارتضيت بالتحدث عن نفسي البعيدة المخبأة سراً ... وهذا لم يمر دون الم ... قصصي هي سيّري الذاتية، بشعورٍ هائل، هي لا تحكي من انا فقط، وانما ايضاً ماذا أستطيع ان اكون ... 
 
ولد جيل بَلَرا عام 1954 في مدينة شاوينيكان Shawinigan Leopold في شمال مقاطعة كيوبك في كندا، عضو في جمعيات الترجمة، كاتب وناشر، عمل كرئيس لتحرير مجلة ( ليل ابيض ) المختصة بالنقد الأدبي، عمل مع نادي الكتاب في شبكة لراديو كندا، يعمل في مجال تدريس الادب في احدى كليات كيوبك، وتجربته هذه جعلته يخرج باستنتاج، ان الشباب في هذه السن يمتلكون التوقد الذهني الذي يجعلهم يلتقطون الثقافات، ويمتلكون استيعاب هائل للعديد من الأمور المتعلقة بالادب .
فاز بَلَرا في عام 1988 بالمسابقة الأولى للقصة لدائرة الناطقين باللغة الفرنسة للشباب، وفي نفس السنة حصل على الجائزة الكبرى لقصة الفنتازيا الكيوبكية عن مجموعته لا المكان ولا الساعةNi le lieu ni lheur بعد مجموعته (مغامرات كليوم الفلاني )، اصدر ثلاث مجموعات تشتمل على ما يقارب المئة قصة .) MFNult Bganch  (

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved