كما لو أنها قفص وربما منصة..، حين تحتويني تصيُّرني طفلة ً في حضن منطاد . من الطابق الرابع، حين أطل منها لا أرى سوى سقوف المركبات وأحواض مركبات الحمل كما أرى المظلات البارزة فوق المحلات.. مثل أهداب ٍ قماشية، المشاة أرى سقوف رؤوسهم.. تصلني أبواق المركبات وزعيق الدراجات، الصغار زهور متنقلة .
عند الفجر الشارع غاف مثل بساطٍ أسود، تتخيله عيناي : نديا مثل حديقة بيتي هناك .
عند الشروق يغتسل وجهي بذهبها الطري، قبل أن ترتفع وتغسل جدران البنايات والشوارع وسقوف السيارات فيسيح الندى من نوافذها . فجأة يقف عصفورٌ مغبشٌ مثل رجل أمام فوهة مخبز.. تخطف فاختة، فأحيها بفتيت حرف لين من رغيف ستعود له بعد حين..
أمد حبلاً من عيني إلى واجهة رابضة في الجانب الثاني من الشارع
: بناية شاهقة نوافذها منزوعة الإطارات، الثغرات المستطيلة، تعني الأبواب منتزعة، الطابق الأسفل يرحب بالقطط السائبة، والخطى المريبة في الظهيرة وعند المساء .
البناية ليلاً مضاءة كل ثلاث نوافذ لها لون خاص، يتعالى عزف على العود، من خلال النوافذ وقد أزيحت ستائرها أرى رقصا مشتركا بين فتيان وفتيات في نوافذ أخرى الستائر مسدلة صوت عال للقارئ علاء الدين القيسي .. في النافذة الواسعة في الطابق الأخير هناك من يواصل الرسم والتدخين . النافذة التي تحت نافذة الرسام : شابة لا تتوقف عن خلع ملابسها ولبسها !! هل تصور مشهداً اعلانيا لشركة ملبوسات ؟ .
قبيل الفجر يوقظني صوت أبيض للحياة، اقف في الشرفة أستنشق هواءً جديداً .