خدَمٌ أذِلاّء ...

2017-03-05
الصحفُ الناطقة باسم الاحتلال في العراق ، ثلاثٌ :
الصباح
طريق الشعب
المدى 
 والحقُّ أن صحيفة الاحتلال الأولى التي صدرت، صبيحةَ الاحتلال، متهلِّلةً ، فائقةَ السعادة، هي صحيفة ما كان حزباً شيوعيّاً عراقيّاً : طريق الشعب .
هذه الصحيفة تواصلُ حتى اليوم، دورَها، ومَهَمّتَها، ناطقةً باسم الاحتلال .
لكن صحيفة الاحتلال الرسميّة ( الناطقة باسم حكومات الاحتلال المتماثلة ) هي : الصباح .
العجيب أن من تولّوا رئاسةَ تحريرِها، منذ عددها الأول،  كانوا شيوعيّين  مرتدِّين :
هكذا من الأعور جمعة، إلى الأعسم عبد المنعم .
أمّا اليومَ، مع مجيء شوقي عبد الأمير ( الذي لايستطيع أن يكتب جملتين معْرَبَتَين ) ، فقد اتّخذت الأمورُ مسرىً آخر .
نحن اليوم مع بعثيّين مرتدِّين .
لقد أدخلَ علي الشلاه، سمسارَه، أيّامَ سويسرا، شوقي عبد الأمير، في المستنقع .
في أواسط التسعينيّات كنت مقيماً في عمّانَ، على قلقٍ .
آنَها كان علي الشلاه يتولّى إدارة غاليري الفينيق، وهو واجهةٌ لبارزان التكريتي .
كان عبد الوهاب البيّاتي، إيّاه، مسؤولاً عن المثقفين البعثيّين الذين أرسلَهم عديّ صدّام حسين إلى عمّان، ليتدبّروا أمرهم، في اللجوء، أو العمل، بعد أن نضبَ ما بين يديه من موردٍ .
البيّاتي كان يتلقّى مرتّبَه الشهري من وزارة التربية الأردنيّة، بموجب ترتيب خاصٍّ بين الحكومتَين العراقية والأردنيّة .
هكذا صار علي الشلاه في قبضة عبد الوهاب البيّاتي !
كانت لعبد الوهاب ابنةٌ ليست ذات حظوظ باهرةٍ .
كان البياتي  يريد  من علي الشلاه أن يتزوّجَها .
علي الشلاه كان له رأيٌ مختلفٌ .
*
في أحد الأيام طلب الإيطاليّون من البيّاتي أن يرشِّح لهم شاعراً شابّاً ليقرأ في ميلانو .
البيّاتي رشّحَ علي الشلاه، زوج ابنته القادم ...
بعد أن وصلَ  " الشاعرُ " الشابُّ  ميلانو، اتّصلَ بفوزي الدليمي المقيم هناك، ليساعده في التسلّل إلى سويسرا، عبرَ البحيرة .
قال له فوزي : أنا مواطنٌ إيطاليّ، ولا يمكننتي القيامُ بأمرٍ كهذا .
على أيّ حال ...
عثر علي الشلاه على مُهرِّبٍ، فعبرَ البحيرةَ، إلى سويسرا، حيث طلبَ اللجوءَ السياسيّ باعتباره مضطهَداً.
*
في سويسرا، أسّسَ الثعلبُ المدرّبُ، المركزَ العربي السويسريّ، كسباً للمال، وللمآل .
شوقي عبد الأمير كان سمسار علي الشلاه، في الاتصال، وتدبير الدعوات، وقد أفلحَ حتى بدعوة أدونيس!
شوقي عبد الأمير خادمٌ بطبيعته ...
*
حين افتتحت جمهورية اليمن الديمقراطية سفارتَها في باريس، اتّصلَ الرفاقُ اليمانون، بمنظمة الحزب الشيوعيّ العراقي في باريس، طالبينَ مستخدَمَينِ محليّينِ  ليعملا بوّابَينِ في السفارة .
المنحطّ المقبور رحيم عجينة، كان مسؤول منظمة باريس .
رشّحَ اثنَين :
شوقي عبد الأمير
فيصل لعيبي
*
كان فيصل لعَيبي ( باعتبار بِنْيَتِه ) بوّابَ الشارع .
شوقي عبد الأمير ( القميء ) كان بوّابَ أعلى السلّم .
*

لم يمكث فيصل لعَيبي طويلاً، فذهبَ إلى إيطاليا .
لكن شوقي عبد الأمير، المولَع بأن يكون خادماً، فقد استمرّ في المهنة الأثيرةِ، حتى تولاّه الوهمُ بأنه من اليمن، بل لقد اقتنع مدير اليونسكو، حينَها، الأبلهُ فكتور مايّور، بالأمر، فقال في مناسبة يصف شوقي عبد الأمير بالشاعر اليماني الكبير :
Le grand poete Yemenit
( سمعتُ العبارة بأذُنَيّ )
*
ليس في هذا كلِّه ما يُعِيبُ، مقايسةً .
لكن المعيب هو الآتي :
في مطلع التسعينيات، ومع الانتفاضة في العراق ، كنّا في :
Forum Democratiqe Irakien
ننظم التجمّعات والتظاهرات في شوارع العاصمة الفرنسية وقاعاتها . كانت الشرطة الفرنسية تطاردنا وتضربنا .
في هذا الوقت بالذات، كان شوقي عبد الأمير ينسِّقُ مع جهات فرنسية وعربية وعراقية، أنشطةً مؤيدةً للنظام، نظام صدّام حسين .
العراقيّون الذين كانوا في باريس، تلك الأيامَ، يعرفون هذا جيّداً .
وربّما كان  " أبو رواء "، رائد فهمي، أكثر مَن يعرف، باعتبار مسؤوليّته، آنذاك، عن منظمة باريس للحزب الشيوعيّ العراقيّ .

لندن  05.10.2016
 

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved