كم من أمواهٍ ...

2017-04-12
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/149b53a7-b6f6-48d3-9846-06de73212015.jpeg  
 
  (1)

ما كنتُ أحسَبُ أنّ البحرَ
 أسودُ
حتى رُحْتُ أقصدُ أوديسّـا ...
لقد بَعُدَتْ عني النُّخَيلاتُ
لا حمدانُ مُتْرَفةُ اللبلابِ تبدو
ولا تحت القميصِ  الـمُـنَدّى جسرُها الخشبُ
تحتَ السفينةِ كان الماءُ يضطربُ
والريحُ تَسْوَدُّ ...
...............
...............
...............
كادَ الكونُ ينتحبُ .
(2)

عدَنٌ في ضبابِ الظهيرةِ تنأى ...
سفائنُ روسيّةٌ
واللصوصُ، قدامى، قراصنةٌ، يُبحِرون
بها ؛
يُبْحِرون بنا ...
كالمساجينِ أيّامَ  روما ؛
وقالوا : هو البحرُ أحمرُ،
يأخذُنا، عبْرَ كلِّ المراسي التي كرِهَ اللهُ .
عبرَ المراسي التي تكرهُ اللهَ .
لكننا، سوفَ نهبِطُ في اللاذقيّةِ
فجراً ...
عراةً
مساكينَ
ملتحِفينَ البطاطينَ ...
والبحرُ أحمرُ .

(3)

قد كدتُ أبْلغُ برشلونةَ في نسيمِ الفجرِ ،
كان البحرُ يهدأُ
والنوارسُ تنفضُ الميناءَ نفضاً  صائحاً
والبحرُ أبيضُ  .
أين تمضي، أيها المخبولُ، بالأطفالِ، بامرأةٍ معَذّبةٍ ؟
كأنّكَ قاصدٌ بغدادَ !
هل أنصَتَّ للعصفورِ ينقرُ تمرةً ؟
يا ضيعةَ الأيّامِ !
لو لم تقطعِ البحرَ الخفيفَ 
ولم تحاوِرْ  نَقرةَ العصفورِ
يا ولَدي ...
لو التففتَ ببرشلونةَ بُرْنُساً
ونسِيتَ بغدادَ التي تنأى، وتَبْرُقُ كالسراب  ...

لندن 14.09.2015

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved