أكتوبر، شهر الشهور !

2017-03-09
مطْلعَ أكتوبر هذا، وفي المملكة التي ما زالت متّحدةً، اختُتِمَ مؤتمرٌ، وافتُتِحَ مؤتمرٌ .
في ليفربول، اختتمَ حزبُ العمّال البريطاني مؤتمرَه، موحَّداً، بزعامة جيرِمي كوربِن، وبنفَسٍ ظلَّ غائباً عن الحزب، طويلاً .
وفي برمنغهام، افتتحتْ تيريزا ماي، رئيسةُ الوزراء، مؤتمرَ حزب المحافظين، بعد أن أزاحتْ إلى الأبد، ديفيد كامرون رئيس الوزراء السابق، عن الحياة السياسية في البلد .
وبينما حقّقَ حزبُ العمّال وحدتَه الضروريّة، بدا حزبُ المحافظين موحَّداً أيضاً، لكنْ في هشاشةٍ لن تخْطِئها عينٌ، فالآفاقُ غير واضحة، وصراعُ ديناصورات الحزب قائمٌ، وإن أنكرَه مُنكِرون، ومستقبلُ المملكة المتحدة غائمٌ، في أيّامٍ مشمسةٍ .
*
والحقُّ أن القولَ، لا الفِعل، هو المثيرُ في المؤتمرَين :
في حزب العمّال، قال أكثرُ من زعيمٍ عمّاليّ، إن الإشتراكيّةَ يُجْهَرُ بها، الآن، ولا يُهمَسُ بها همساً، كما كان الأمرُ في الأيّام الخوالي .
بل أن جيريمي كوربِن سمّى هذه الإشتراكيّةَ :
اشتراكية القرن الحادي والعشرين !
*
أمّا في مؤتمر حزب المحافظين، وقاعته الأنيقة بل الباذخة، ببرنغهام، فقد تواتَرَ تعبيرٌ نسِيناه منذ آبادٍ .
هذا التعبيرُ العائدُ إلينا مع تيريزا ماي هو : الإمبراطورية !
في خطابها الطويل كرّرتْ رئيسة الوزراء، وزعيمة حزب المحافظين الجديدة، كلمة الإمبراطوريّة، في ثنايا كلامِها، بداعٍ، وبغير داعٍ أحياناً .
وزير الخارجية بوريس جونسون، الأثيرُ مقاماً لدى تيريزا ماي، ردّدَ  كلمة الإمبراطورية مستعيداً التاريخَ، ومستعيراً كلماتِ ونستون تشرشل عن الإمبراطورية .
*
العودة إلى الحلم بالإمبر اطورية، ليست مستبعَدةً . بل يمكنني القولُ إن حمّى الإمبراطورية ستشتدُّ مع الخروج الوشيك من الوحدة الأوربية .
ملفّات الخروج الأولى ستُفتَحُ  في نهايات شهر  مارس ( آذار ) 2017 .
لكن الباوند الإنجليزي بدأَ يفقد من قيمته منذ الآن .
عمليّة الخروج من الوحدة الأوربية لن تنتهي بين ليلةٍ وضحاها .
وهناك مشكلاتٌ لا تحصى، اقتصاديّة واجتماعيّة، متّصلةٌ بالعمليّة الطويلة .
إذاً لا بدّ من علاجٍ  سايكولوجيّ :
الوهم !
ليأتِ الحلمُ بالإمبراطوريّة !
والناسُ العاديّون، سينتشون بإمبراطورية الوهم، أكثر من انتشائهم باشتراكية القرن الحادي والعشرين التي وعَدَنا بها جيريمي كوربِن !
*
شخصيّاً، أظنُّ الحديثَ عن الإمبراطورية، ليس عابراً، أو دغدغةً .
لقد أشار بوريس جونسون إلى الجبَروت العسكري . أشارَ إلى الجنود البريطانييّن، في أكثر من بلدٍ، في سوريّا مثلاً ...
وإلى الأسطول العتيد، في سواحل الصومال، والبحر المتوسِّط .
*
العالَم عادَ قديماً، كما كان، بعد غياب الرادع الشيوعيّ .
إننا في حقْبةٍ استعماريّةٍ !

03.10.2016 لندن

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved