اذا كان دور المهرجانات السينمائية بالعالم هو المساهمة في صنع صورة سينمائية متطورة، وتفعيل الدور الإبداعي والصناعي والتجاري للسينما، فان مهرجان سينما المؤلف المغربي في العاصمة ( الرباط ) قد ساهم بشكل ايجابي في دعم هذا الدور وكذلك في خلق مناخ ملائم لتبادل الخبرات وعقد مشاركات على مختلف الأصعدة . ولقد اكد انفتاحه على تجارب سينمائية عريقة على المساهمة في إثراء الحقل السينمائي المغربي . لذا اصبح هذا المهرجان الذي اسس عام 1994 يحظى بمكانة هامة في سباق مهرجانات السينما اليوم، والتي تتزايد بفعل زخم تزايد الإنتاج السينائي العالمي من سنة إلى أخرى، وليحظى بمتابعة محلية وخارجية، كما اعتبر بوابة جديدة ومهمة في عالم السينما لما يتيحه من فرص عديدة لتلاقي تجارب سينمائية مختلفة. لقد حظى هذا المهرجان بمتابعة محلية وخارجية، كما اعتبر بوابة جديدة ومهمة في عالم السينما لما يتيحه من فرص عديدة لتلاقي تجارب سينمائية مختلفة .
جاءت الدورة الواحدة والعشرون لهذا المهرجان والتي امتدت من 29 يناير ( كانون الثاني ) الى 5 فبراير ( شباط ) من اجل الإستمرار في ترسيخ ثقافة فنية متنورة والمساهمة في الارتقاء بالذائقة الفنية السائدة ...
ما يميز الدورة ال 21 للمهرجان هو الإحتفاء بالسينما الإيطالية وسينما الدومنيك كضيفتي شرف على المهرجان، اعترافاً لما قدمتاه من عطاءآت وابداعات في مجال السينما، وبذا عرضت اربعة افلام للمخرج الإيطالي بازوليني وثمانية افلام ايطالية مختلفة اخرى بالاضافة الى ثلاثة افلام من آخر انتاج الدومنيك ...
تميز حفل الإفتتاح بتكريم الممثلة وكاتبة السيناريو المغربية فاطمة الوكيلي، والمخرج المصري داوود عبد السيد، والمخرج اللتواني شاروناس بارتاس، مع عرض الفلم المغربي ( جوّع كلبك )، للمخرج هشام العسيري .
عدد الأفلام التي شاركت بالمهرجان 60 فلماً، وتنافس على جوائز المهرجان 14 فلماً، كما تراس لجنة التحكيم الممثلة المسرحية الرومانية كرستينا فلوتور ..
كان لا بد من سؤال بعض المختصين ممن حضورا المهرجان عن مدى نجاح المهرجان في تحقيق اهدافه :
_لميا بن محمد تونسية وكيلة شركة chalLenge prodUction ( شركة التحدي للانتاج الاعلامي )، ومديرة مكتب جريدة ربيع اللواء العربي المصرية في تونس :
* ان المهرجان رغم ما به من سلبيات فيه كثير من الأيجابيات، اذ من خلاله تعرفنا على تجارب مختلفة من انحاء العالم واتاح لنا فرصة اللقاء والتعارف باناس من مختلف البلدان وهو فرصة ايضاً لمعرفة مدينة الرباط عن قرب ...
- هل تعتبرين انه حقق اهدافه ؟
* ليس تماماً، لأنه كان من الممكن ان يكون احسن لما يمتلكه من تاريخ طويل، وبالنسبة لتجاربه الطويلة، لكن الجيد فيه اننا ربحنا علاقات جديدة واطّلعنا على تجارب سينمائية جديدة ..
_ رياض شهيد ( مخرج سينمائي ) فلسطيني
لاشك ان المهرجان كان نقطة تواصل بين الإعلاميين وشركات الإنتاج، وكذلك كان نقطة تواصل للمواطنين المغاربة في حضور افلام جديدة مختلفة عن الأفلام السائدة، ولاننسى ان هنالك مجموعة كبيرة من المهرجانات السينمائية المغربية المدعومة من المركز السينمائي المغربي، فهنالك اكثر من خمسين مهرجان، اي معدل مهرجانين في الشهر على مدار العام، وهنالك منافسة كبيرة بين مدراء المهرجانات، ولا ننسى ان الفلم الذي يشارك في احدى هذه المهرجانات لا يحق له المشاركة في المهرجانات الأخرى، مما يضيّق مساحة الإختيار، كان حضور المغاربة في قاعات العرض جيد، وكانوا يشاركون بالمداخلات مع المخرجين ومع بعضهم البعض، وبذا كانت هنالك رسالة جيدة استطاع المهرجان ان يوصلها، هنالك بعض الأخطاء وهناك سلبيات وهذا وارد في كل مهرجان مهما بلغت عظمته والأيجابيات موحية بان المهرجان نجح في مهمته .
- محمد عهد بنسودة مخرج مغربي يعيش في باريس ويدرّس تاريخ السينما في جامعة السوربون، له العديد من الأفلام القصيرة والطويلة، والأفلام الوثائقية، اخر فلم اخرجه عن ظاهرة التحرش الجنسي في الإدارة المغربية والذي كان الفلم الاهم لمدة السنتين الأخيرة ..
هل حقق المهرجان هدفه؟
اعتقد ان مهرجان الرباط يختلف عن المهرجانات العربية، لو وضعنا مقارنة مع المهرجانات العربية ( وليست الدولية ) والافلام التي تعرض بها والاهداف التي تصبو اليها، فسوف نجد ان هذا المهرجان يختلف عن باقي المهرجانات بشئ واحد هو نوعية العلاقة التي تجمع هذا المهرجان بمهرجانات اخرى بالاضافة الى الافلام الروائية التي قلت المهرجانات التي تعرضها لان في اغلب الأحيان تعرض المهرجانات كل الأنواع السينمائية، وليس هنالك تخصص، فهذا المهرجان يختلف ايضاً بصفته يجمع ويصبو الى ما يسمى بالدوبلماسية الموازية، فكل سنة هنالك معاهدات واتفاقيات شراكة تنحو الى تطوير العلاقات السينمائية مع دول اخرى، ومهرجان الرباط له قصب السبق في ذلك، انا كنت مدعو منذ سنتين وكنت اشارك في نفس الوقت بفلم، وتم الاتفاق مع سلطنة عمان في التشارك، وهذا العام مع الهند من اجل التعاقد وتبادل الثقافات والخبرات السينمائية، وانا اعتقد ان هذه هي خاصيته المهرجان ومهمته لان يفسح المجال امام السينمائيين للاستفادة المهنية ..
والسلبيات ؟
* اغلب الاحيان السلبيات تتعلق بالناحية المادية، وعندما تتعلق بالناحية المادية فانا لا اسميها سلبيات، لا السلبيات التي لها علاقة بالتنظيم، ولو تكلمنا عن التنظيم ساضع مقارنة بالامكانيات المتاحة، انا اعتبر كل اللقاءات السينمائية ايجابية لانها تتيح التعرف على الأخر، مثلاً انه مجرد اتاح لي التعرف عليك اعتبرها ايجابية، في الوقت الحالي هنالك صدامات، العالم ليس في احسن احواله تبقى هذه المحطات الجميلة لقاءات متعددة وفرجة ممتعة، وهذا مهم بحد ذاته .
ما هي مشاركتك
في اطار الورشاة التقنية لفاائدة الطلبة المغاربة في مجال الاخراج وكتابة السيناريو، ومسؤول عن العلاقات الخارجية وكل ما يتعلق بالعلاقات التي يقوم بها المهرجان مع دول اخرى وهذه السنة هي من احسن سنوات المهرجان رغم الامكانيات المحدودة .
ما مدى تجاوب الجمهور المغربي على مستوى المحاضرات ؟
هنالك مشاركة مكثفة، وهي ليست جديدة بالنسبة للجمهور المغربي كانت هناك حقبة معينة من تاريخ السنما المغربية عندما اذكر ذلك اشير الى المركز السينمائي المغربي الذي يسهر على تنظيم هذا القطاع في البلد كانت هنالك استراتيجية تعمل بغياب القاعات السينمائية في غياب المعاهد لم تكن هناك فضاءات للتعامل الفني فكان الفضاء الوحيد الموجود هو المهرجان كان هو المنفد الوحيد الذي كان يجتمع فيه السينمائيون والمختصون، فالمهرجان لعب دوراً مهماً في تكوين جيل اصبح الآن يحضر في كل اللقاءات وفي كل الندوات وكل العروض، لو ذهبت الى احدى القاعات السينمائية ستجدين ان هنالك جمهور يحضر الأفلام حتى لو لم تكن تجارية، اي هنالك جمهور اصبح يعي اهمية هذا القطاع وهنالك حقيقة هي اننا كشعوب عربية صَحَونا متأخرين جداً، فاننا لم نكن نعي اهمية وضرورة الإعلام والإعلام يمر من خلال السينما لأنها اداة تعبيرية مهمة .
عبدالسلام بو طيب مدير مهرجان سينما الذاكرة في الناظور يقول :
لمهرجان الرباط السينمائي كان دائماً وفياً لحقه بكل دوراته 21، عندما اقول وفياٌ لحقه يعني انه وفياً لأهدافه ولخطه الثقافي وفياً للتراكم الخبراتي، يمكن ان نحكم على اي مهرجان بالنجاح اذا استمر عشر سنوات سنوات، ونحن امام مهرجان استمر 21 سنة، هذا الإستمرار يدل على تمكنه ونجاحه، الا ان شحة الموارد المالية الموزعة على مؤسسات المهرجانات سوءاً على صعيد الدولة او على صعيد المؤسسات الخاصة تعيق امور كثيرة، ان تمويل المهرجانات ضعيف وصعب جداً ربما لأن عدد المهرجانت اصبح كبير وانا مع اتجاه تقليص عدد المهرجانات وتبقى المهرجانات التي تقدم نوعية متميزة كي لا نتحول نحن منظمين المهرجانات كالشحاذين نطرق الأبواب مستجدين للمهرجانات، ان الناس تتعامل مع الثقافة على انها شئ ثانوي مع انه مؤسس اساسي للامن الذي اصبح حقاً من حقوق الإنسان ..
ما الذي يميز هذه الدور للمهرجان عن ما سبق ؟
الذي يميز المهرجان تشبثه بالخلطة الأصلية وظل وفياً لنوعية الأفلام ولنوعية الضيوف لتأكيده على القيم الجمالية ..
أسدل ستار الختام على مهرجان سينما المؤلف في دورته ال21، وما ميز الختام انه كان مكللاً بروعة الموسيقى المغربية الأصيلة من خلال مقطوعات للإخوان عكاف، وتصفيق الحاضرين الذي انتزعه تألق السينما الإيرانية حيث حصلت على اربعة من جوائز المهرجان
افتتح الحفل بتقديم كلمة ل "عبد الحق منطرش" رئيس المهرجان تناول فيها صور نجاح هذه الدورة وتنوع فقرات المهرجان قياسا بالدورات الماضية، مشيدا بالحضور الجماهيري الذي فاق التوقعات، ومشيرا الى أن الأفلام المعروضة أو تلك التي برمجت ضمن مسابقة الدورة، حظيت بإعجاب جمهور العاصمة الذي وصفه ب "الذواق."
هذا، وقبل الإعلان عن جوائز هذه الدورة، سلم سفير الهند بالرباط "دينيش ك. باتنيك" درعا تذكاريا لرئيس مهرجان الرباط "عبد الحق منطرش" احتفاء باتفاقية التعاون التي وقعت بين مهرجان الرباط ومهرجان نيوديلهي.
إلى ذلك، أعلن عن جوائز المسابقة الرسمية التي تبارى فيها 14 فيلما، حيث عادت جائزة الجمهور لفيلم ( قطار الليل ) للمخرجة "طلا حديد"، في حين ذهبت جائزة النقد لفيلم ( ليعم السلام ) من لتوانيا وهو من إخراج "شاروناس بارتاس."
السينما الإيرانية التي تألقت خلال الفترة الأخيرة على مستوى مختلف المهرجانات العالمية، كانت "نجم" هذه الدورة من مهرجان الرباط، حيث توجت بأربع جوائز، وهكذا عادت جائزة أحسن دور نسائي للممثلة "حسيبا ابراهيمي" عن دورها في فيلم أمتار مكعبة من الحب للمخرج "جمشيد محمودي"، ليعود زميلها "ساعد سهيلي" للتتويج بجائزة أحسن دور رجالي عن دوره في نفس الفيلم، أما جائزة أحسن سيناريو فقد عادت لفيلم جزيرة الذرة من جورجيا وهو من إخراج "جورج أوفاشفيلي"، أما المغرب فقد توج بجائزة أحسن فيلم عربي عن فيلم إطار الليل، ليعود الفيلم الإيراني أمتار مكعبة من الحب لإحراز الجائز الكبرى للحسن الثاني.
- ملحوظات
- غياب السينما التونسية
- غياب السينما اللبنانية
- تضارب الاوقات بين قاعات العرض الثلاث ضيع الفرصة على الكثيرين من المتابعة
-بعض الأفلام لا تستحق المشاركة