الى روح الشهيد « محمود درويش

2008-04-08

 شاعر ريتا و البندقية لمذا تركت الحصان وحيدا يا شاعر القضية و المقاومة لماذا رحلت دون ان تكمل الحلم؟! ذاك الذي وعدتنا به لكي تحقق فيه أحلامنا ! حلم لنا و لعالمنا الذي نحيا به الأن ! اهديك هذه القصيدة

 يا معلمي في النضال..
طرقٌ على جدرانِ المكان
نامَ المكانُ داخلَ جَّرةِ فخار
بينَ يدي امرأةٌ ملساء
تَمشي الفراقَ عن أرضِ كنعان
في نحيب الليل
وعويلُ النهار
على موتِ الصباحِ وأبدية المساء..
وَقت هُجرت رغماََ
عن زغاريدِ أُمّها
ومَهُرها الذي لا يتجاوزُ
أَلف زيتونةٍِِ بَكتْ
على رحيلها بعيداً عن الدارْ
تَعبَ المكانُ من المكانِ
كتعبِ طفلٍ صغير
من حُلمه البريء
التحليقُ فوقَ حقلِ الأُقحوانِ
وتناول خُبزِ السماء
واحتساء خمر السماء
ثُمَ تَجاهُل قسوة المصير
يا امرأةَ الرحيلِ الأَخير
دَثريه بشَعرَكِ وخبئيه
واكشفي لهُ أسرارَ ذاتِك
لعلّهُ يعودُ وقتَ الأصيل
ليُمارسَ عِشْقكِ
ويُلبي النداء..
قَبّليه قصة مذاقها حنين
ومفتاحُ بيتكِ القديم ..
ففي ُكلّ قُبلةٍ يكبرُ أكثر
ويقسو على جرَّةِ الفخارِ أِكثر
بجنونٍ يصلُ حدَّ البكاء
يكبُر المكانٍُ
ويَشدُّكِ من ثوبكِ المغزول
من أغاني الفرحِ البعيد
ويَرحلُ بكِ إلى حيثُ يشاء..
إلى ذاتكِ يرحل
إلى فراشاتِك التي تُغازل
زهر اللوزِ والرُّمان ..
إلى حلمٍ من أجلكِ كان
قد خبَّأهُ في جوفِ غيمة
خوفاً عليهِ من حقدِ الزمان..
امتطاء صهوة فرس بيضاء
تَصهلُ وطناً..
وقتل صحراء الحرمان
بحروف النجمات..
ثُمَّ النومَ على سريرٍ من ماء ...
لا منطق للأشياء ..
ولا الضميرُ ضمير..
وجّرةُ قَدَرٍ صغيرةْ
على صفحاتِ الطفولةْ
هيَ كلُّ ما يكفي ويدوم
لَجعلِ الذاكرةِ المكانَ الأخير
الذي يحيا فيه المكان
بعدَ اختفاء الموتِ بأمٍّ
داخلَ مقبرةٍ جماعيةْ
بعيداً عن مسقطِ رأسِ الأحلام
حزنٌ متينُ البناء
عصّيٌ على التدمير
جاءَ وقتَ نومِ السماء
وقسوةِ قطراتِ المطر
على جناحّي فراشةْ
تُحلّقُ في فضاءِ الحكايةْ
مُستنشقةً نسيمَ وطنها العليل
من كلماتِ أُمّها الطاهرةْ
هذي وصيةٌ لا رثاء
خَبئُتكَ في جّرةِ فخار
يا طفلي
خَلقتُها من عرقي
وتُراب وطنك
لتكبرَ فيها
وتَعي أَسبابَ وجودك
إنَ التاريخَ لايرحمْ
ولكنهُ يمنحُ الذاكرةَ الكرامةْ
ولقِطَعِ الفخارِ المدفونةْ
في رحمِ الوطن
الحِفظُ والصونُ والتقدير
قد ترتفعُ الصخرةُ
ولكن الأرضَ لا تطيرْ
تلكَ هِيَ جدليةُ التراب
ومنها تُخلفُ الهويّةْ
في زيتونة الحكاية
وعلى غُصنِ الرحيل ..
تركت الأُمُّ لمكانِها الصغير
قمُر الساحلِ وقصةُ الشهداء
وثوبُ المدينةِ البعيدةْ..
وخبزُ الأرادةْ ... وحُلْمٌ أخير ..
رسمُ كرمِ عنبٍ نائم
على عرشِ السماء..
وعِشْقُ امرأةٍ تُرضِعُ الأرض
من ثدييْها الشامخيْن
حليبَ الكبرياء ..
ورؤيةُ المسيحِ مُتكئاً
على جذعِ زيتونةٍ عتيقةْ
قُربَ ناصرةِ البشارة
وفي عينيه حزنُ الأنبياء ..
أخَذَ المكانُ يكبر أكثر
وصوتُ الطرقِ يعلو أَكثر
والفراغُ المطلقُ داخلَ الجَّرة
أَصبحَ وهماً خائفاً من الحلمِ
الذي صارَ حلماً أكبر..
الإمساكُ بالصدفِ الهاربة
إلى حريةِ المجهولِ الأسودْ
وإحراقِ صفحاتِ القدر
بلهيبِ الحرمان
والطفلُ المُشّردْ..
الطرقُ لا يفي بالَوعدْ
اكسر ما يجب كَسرهُ
مرةً واحدةً وإلى الأبد..
عضو اللجنة المركزية
لحزب الشعب الفلسطيني
سجن جلبوع المركزي
الحكم مدى الحياة

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2025 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2025 Copyright, All Rights Reserved