العودة إلى شارع الملِكة ( تورنتو ) Back to Queen’s Street

2017-08-12
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/68f221d3-cdfc-43fb-a229-e46ccda8f497.jpeg

 (1)
أنا منذُ أعوامٍ أعودُ إلى الزوايا تلكَ،
أستقصي زوايا " شارع الملِكةْ " ...
لي رِحلتانِ، العامَ :
تورنتو الشتاءِ
نَعَم !
وتورنتو المصيفِ ...
كأنني البارونُ، أغنى أغنياءِ العالَمِ !
القمصانُ مُتْرَفةٌ
ونِصْفُ حقيبتي سِيجارُ هافانا ...
(2)
ولَسوفَ أسألُ :
كيف يبدو المعْبَدُ البوذيُّ ؟
هل ما زالت التبِتُ البعيدةُ، مثلَ ما كانت،
وهل تعلَّمَ أهلُها أن يلبسوا ما يلبسُ الكنَدِيُّ ؟
هل قد أهملوا السُّبَحَ الطويلةَ ؟
هل تعلّمت البناتُ، بناتُ بوذا، الجازَ ؟
زرتُ المعْبدَ البوذيّ .
طوّفْتُ في تلك الشوارعِ حيثُ يسْكنُ سادةُ التبِتِ؛
الضحى  رَطْبٌ
ورائحةُ الماريجوانا لها الأرَجُ اللذيذُ :
إذاً، ما زالت التبِتُ البعيدةُ مثلَ ما كانت ...
سلاماً، سيّدي بوذا
سلاماً !
(3)
للمرّةِ الأولى
وقبلَ سنينَ، عند رصيفِ مقهى
صيفَ تورنتو  ...
رأيتُ هناك طيفاً جاءَ من " هَرَرٍ " !
تحدّثَ . كان يلثغُ. إنها العربيّةُ !
الطّيفُ الذي قد جاء من " هَرَرٍ " يُحَدِّثُ عن ممالكَ
عن ملوكٍ سَوّروا " هَرَراً " وأعلَوها ...
سأسألُ عنه ...
قد يأتي خفيفاً، مثلَ طيفٍ
قد يمُرُّ بجانب المقهى القديمِ
وقد يُحَدِّثُني عن السورِ ...
المدينةُ، تدخلُ في مباهجِ صيفِها
والناسُ ينتظرون في صفٍّ طويلٍ عند حانوتِ الخمورِ
وليس من أثرٍ لِطَيفٍ جاءَ من " هَرَرٍ "...
.........
.........
.........
سأسألُ عنه رامبو !
(4)
في حانة غروسمان للجاز
Grossman’s Tavern of Jazz
في حانة غروسمان للجازِ
الحياةُ بسيطةٌ؛
حتى كأنّ الجازَ بَعضٌ من حياةٍ ...
أنت ترقصُ
أو تَعُبُّ البيرةَ السوداءَ
أو تلهو مع البليارد...
هل درّبتَ صوتَكَ ؟
فلتكُنْ، في لحظةٍ، ملِكَ الغناءِ!
الجازُ مفتوحٌ
كأبوابِ السماءِ ...
كأنّ تورنتو سماءُ الكونِ، سابعةٌ، وأكثرُ !
فلتكُنْ ملِكَ الغناءِ !
ألستَ في بوّابةِ غروسمانَ للجاز ...
(5)
شحّاذُ " دُنْ آفِنْيو"، حيث أُقِيمُ
يأتي في الصباحِ
وينتهي من سعيِهِ عصراً ...
دوامٌ كاملٌ !
شحّاذُ " دُنْ آفِنْيو "يبسِطُ كفّهُ مُتَحَدِّياً،
أبداً ...
ويمضي صامتاً ،
حتى كأنّ له نصيباً من جيوبِ الناسِ،
من جيبي ...
ولكني  أهابُ ذراعَه، ممدودةً كالسيفِ :
إنْ لم تُعطِني
أعطَيتُ وجهَكَ لَكْمةً !
إني هنا :
شحّاذُ " دُنْ آفِنْيو" أُطْلِقُ صرختي، خرساءَ، في أعماقِ تورنتو...

تورنتو  30.04.2017






سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved