يطلق على الحميات التي تفتقر إلى الأساس العلمي، أو تقدم أدلة علمية زائفة وتضعها في غير مكانها الصحيح مستنتجة نتائج خاطئة، ب"Fad diets"، أي حميات الموضة أو البدعة، أو الحميات الشعبية أو الحميات الرائجة .
كانت حمية معجزة تلك التي وضعها روبرت لين، طبيب تقويم العظام، وأعلنها في كتابه «حمية الفرصة الأخيرة – The Last Chance Diet»، وسار على خطاها مشاهير عصرهم في سبعينات القرن الماضي، فاتبعها ملايين الناس وحققت تلك الحمية المعجزات .
وبعد تحقيقات إدارة الأغذية والأدوية في الولايات المتحدة وجدوا أن حمية لين هي المتهم الأساسي، في بعض الفيات فهي تعتمد على المشروبات الغنية بالبروتين، ولا يستهلك الفرد في هذه الحمية أكثر من 300 إلى 400 سعر حراري يوميًا. وبعد الفحص، وجد المحققون أن الوفيات حدثت جراء عدم انتظام في ضربات القلب بسبب تأثير سوء التغذية الناتج من خلل في البروتينات والسعرات الحرارية، ما أدى إلى ضمور عضلة القلب .
تشير إميلي بنفيت في كتابها «طعام حقيقي لحياة حقيقية – Real Food for Real Life» أن المهووسين بالحميات يدخلون في حلقات مفرغة، تبدأ بمشكلات في رؤيتهم الذاتية عن جسدهم، ومن ثم وضع قيود على تناولهم للغذاء. إلا أن شعور الكبح يؤدي لزيادة اشتهاء الطعام ما يقود إلى فقدانهم السيطرة، والشعور بالخجل والفشل والذنب، يليه الإفراط في الأكل، ما يعني زيادة الوزن، ثم تزداد مشكلات رؤيتهم الذاتية عن جسدهم ويرتبط الطعام بصورة سلبية وهكذا .
وضع علماء الأحياء والأورام وخبراء التغذية من جامعة شرق فنلندا قائمة بالحميات الغذائية التي لها تأثير سلبي خطير على صحة الإنسان .
وحلل العلماء الفنلنديون الآثار طويلة الأمد لعدد من الحميات التقليدية المتبعة، وخلصوا إلى أن الحميات التي تعتمد على نسبة عالية من البروتينات يمكن أن تقتل الإنسان .
ووجد الباحثون أن النظام الغذائي الغني بالبروتينات يضاعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى الأشخاص في منتصف العمر . كما تسبب البروتينات ذات الأصل الحيواني، بحسب العلماء، تطور أمراض قصور القلب، وتجعل الدم أكثر لزوجة وتؤثر على صحة الأوعية الدموية . كما أن هذه البروتينات تؤدي مع العوامل المرضية الأخرى إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية وجلطات الدم .
وتنصح منظمة الصحة العالمية باتباع نظام غذائي معتدل منخفض السكريات وفيه الكثير من الأسماك والبقول والخضروات وشرب الماء
أيهما أكثر صحة، من يستهلك الخضروات والحبوب الكاملة أم اللحوم ؟
جرت العادة على التحذير من استهلاك اللحوم والإكثار من الخضروات والحبوب الكاملة . إلا أنه وفقًا لدراسة أجرتها جامعة جراتس الطبية بالنمسا، كشفت أن ذوي الحمية النباتية معرضون لمخاطر صحية جسيمة بالمقارنة بنظرائهم من مستهلكي اللحوم .
كما اوضحت الدراسة التي أجريت على نحو 1320 مشاركًا فحص خلالها الباحثون العادات الغذائية، والاختلافات في نمط الحياة بين المشاركين، أنه على الرغم من أن ذوي الحمية النباتية يستهلكون كثيرًا من الخضروات والحبوب الكاملة ويقللون من الكحول ويتمتعون بجسم أنحف، إلا أنهم معرضون لخطر الإصابة بأمراض السرطان والحساسية بجانب أمراض الصحة العقلية ويحتاجون لرعاية طبية على نحو أكبر . لم تفسر الدراسة سبب النتائج إلا أنها أكدت ضرورة الحاجة لمزيد من الدراسات لكشف العلاقة بين نوعية الغذاء وأثره في الصحة .
فقدان الوزن أم للصحة؟
يمكن للحميات التي تعتمد على الاخفاض الشديد للسعرات الحرارية أن تسبب فقدان الوزن، مثل Crash Diet وHCG Diet، والتي تعتمد على الحقن بهرمون «gonadotropin» وهو هرمون تنتجه المرأة خلال الحمل، ثم تقليل السعرات الحرارية لـ800 سعر يوميًا، وتجنب ممارسة الرياضة، لكنه يعني كذلك فقدان العضلات .
لكن، لهذه الحميات أضرارها كذلك، فيمكن أن يعاني الفرد في هذه الحميات من نقص في عناصر مهمة، مثل المغنسيوم والبوتاسيوم والنحاس والصوديوم، وقد تسبب عدم انتظام ضربات القلب . كذلك تؤدي الحمية لانخفاض الضغط وبطء عمليات الأيض ما يقلل من مستويات الطاقة، فيشعر الشخص بالتعب والإرهاق والعصبية. مثلما تتأثر وظائف المخ ويصبح الجسم في حالة مجاعة، فهو يعاني للحصول على المواد الغذائية اللازمة للقيام بنشاطاته، فيقوم باختزان الدهون ومن ثم يضطرب الأيض .
علاوة على أن تخفيض السعرات الحرارية لمعدل أقل كثيرًا من احتياج الجسم يرفع من معدلات هرمون الكورتيزول، هرمون التوتر، الذي يمكن أن يؤدي إلى عدد من المشكلات الصحية الجسيمة، أبرزها السكري وأمراض القلب والسرطان . مثلما أن تكرار مثل هذه الحميات يضعف المناعة، ويزيد خطر الإصابة بالنوبات القلبية، كذلك يمكن لتقليل السعرات الحرارية على المدى الطويل أن يتسبب في فقدان عضلة القلب .
بالاضافة الى أن الفقدان السريع للوزن يحدث من فقدان الجسم للماء، ويزيد من احتمالات اكتساب الوزن مرة أخرى، لكن بنسبة أقل من العضلات وأكبر من الدهون، وتزداد هذه الخطورة مع الكبر في السن، وهذا ليس كل شيء .
هوس الحميات يهدد بالاكتئاب واضطرابات الأكل
قد تتسبب الحميات الغذائية المتطرفة مثل تلك التي تنصح بتناول عدد محدود فقط من الأغذية، مثل حمية «HCG» والحمية الكيتونية -التي تعتمد على استهلاك الدهون وتقليص حصة الكربوهيدرات والبروتين لنسبة تصل إلى 10% فقط- إلى الإصابة باضطرابات في الشهية، سواء فقدان الشهية العصبي أو الشره المرضي. أما في أستراليا لوحظ ارتفاع عدد الذين يعانون من السمنة واضطرابات الأكل معًا، ويعتقد أن ذلك يعزى إلى انتشار رسائل تحذيرية من مخاطر السمنة؛ ما يؤدي بهؤلاء الأشخاص إلى اتباع حميات غذائية غير صحية أو فعالة .
ووفقًا للدراسات تزداد احتمالات إصابة النساء اللواتي يتبعن حميات قاسية باستمرار باضطرابات التغذية بنحو 18 مرة، فيما تقل هذه النسبة لنحو خمس مرات للنسوة اللواتي يتبعن حميات قاسية لكن على وتيرة أكثر اعتدالًا، فضلًا عن أن الذين يتبعون أنظمة غذائية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب .
كذلك يمكن أن تتحول الحميات الغذائية إلى هوس حول الغذاء وفقدان الوزن بين الأشخاص، ويعد المثال الأبرز برنامج «الرابح الأكبر» أو «The Biggest Loser» الذي يعزز مفهوم التنافسية بين الأفراد لفقدان الوزن الأكبر في أقل مدة ممكنة .
قد تؤدي الحميات الغذائية المتطرفة كذلك إلى حرمان الجسم من عدد كبير من العناصر الغذائية، ما يسبب انخفاض ضغط الدم والخمول ويفقد الجسم الأنسجة المفيدة وكتلة العضلات. وقد يعاني أصحاب هذه الحميات من صعوبة في الاحتفاظ بحرارة الجسم الذي يقلل بدوره من معدلات استهلاكه للطاقة. وتزداد الخطورة بالإصابة بأمراض القلب مع فقدان الوزن الكبير، بجانب خطر الإصابة بحصوات المرارة.
نصائح
1. الفقدان البطيء والمستقر للوزن هو أفضل السبل، لذا لا يجب أن تخسر أكثر من نصف كيلو جرام إلى كيلو جرام في الأسبوع، مع الممارسة المنتظمة للرياضة، فالحمية وحدها لا تكفي .
2. أصغِ إلى جسدك، فالحميات الغذائية تحول بين الأشخاص واستجاباتهم الطبيعية للجسم؛ نظرًا للقيود التي يضعونها، فقد يغفلون الشعور بالجوع ويهملون احتياجات الجسم ومتطلباته .
3. اختر نظامًا غذائيًا يناسبك على المدى الطويل ويتوافق مع نمط حياتك، وابحث عن نظام غذائي يقلل من الدهون المشبعة والسكريات، ويركز على الفاكهة والخضروات والأسماك والحبوب الكاملة واللحوم الخالية من الدهون . لا ينصح بتخفيض السعرات الحرارية لأقل من 1200 سعرة حراري، إلا بموافقة الطبيب .
4. استشر طبيبك أو اختصاصي التغذية أولاً قبل أن تقرر تناول أي من المكملات وأقراص فقد الوزن أو اتباع حمية غذائية .
5. ابتعد عن الأنظمة الغذائية التي تؤدي إلى استخدام الحمام بشكل مفرط .
6. لا نشجعك إذا كنت تعاني من زيادة في الوزن ألا تتبع حمية غذائية، لكن عليك أن تتبع الحمية الآمنة المناسبة لذلك .
7. إذا كنت تعاني من مضاعفات لإحدى الحميات الغذائية السيئة، خاصة تلك التي تقوم بالتخفيض الشديد للسعرات الحرارية؛ فينصح بالاهتمام باستهلاك مزيد من البروتين وممارسة تمارين القوة البدنية؛ لإعادة عمليات الأيض لمعدلها الطبيعي، وتناول الأطعمة التي تعزز من قوة الكبد فهو عامل حاسم في حرق الدهون، مثل الكركم والخرشوف .