ما ان يحل الصيف، وتخلع مونتريال كساءها الثلجي الابيض، حتى تتحول شوارعها وساحاتها مواقعاً لمهرجانات واحتفالات متواصلة، فمن مهرجان الجاز الذي تفاخر مونتريال بابتداعه، الى مهرجان جنون الفرونكفونيين، ومن مهرجان الكاريبي المبهر برقصاته والوانه الى مهرجان الليالي السوداء ... والمهرجان الأكثر تسلية وطرافة هو مهرجان " للضحك فقط " ويقام هذا المهرجان في قلب مركز مدينة مونتريال الكندية، على شارع مزونيف وشارع سنت دينيز، وفى اكثر من اربعين موقع، بالإضافة الى القاعات المغلقة كالمسارح، السينمات، ودور اللهو، لتُعرض عليها الأفلام الكوميدية الطويلة والقصيرة وافلام الكارتون والمسرحيات، ولتقديم العديد من فناني الكوميديا المشهورين، وكذلك لإقامة المؤتمرات الخاصة بفن الكوميديا ...
قهقهات طفولية وتخيلات بلا حدود
عشرة ايام من النشاطات الكوميدية والألعاب والاستعراضات الموسيقية والغنائية وغيرها من الابداعات الفنية ... وكما للكبار برامجهم الترفيهية المسلية كذلك للاطفال حصتهم في هذا المهرجان من فعاليات تنتزع القهقهات الطفولية واكروباتيك مشوق يبهر الانظار ويفتح الأفواه الصغيرة دهشةً، رياضات متنوعة، اهرامات بشرية، اراجيح بهلوانية والعديد الذي يجعل الطفل فاعلاً يحاور شخوص الفعاليات، يقفز، يركض، ويرقص ... هذا التفاعل مع ما يعرض لهم يجعل تخيلاتهم تسرح في اوسع مساحة ممكنة وتصوراتهم تضع للاشياء ابعاداً لا نهائية، مما يخلق لديهم الرغبة في الخلق والابداعات الشخصية .
ومسيرة للتوائم
من بين الفقرات الفنية الطريفة في مهرجان الضحك، الإستعراض التقليدي للتوائم، والذي يشارك فيه مئات من التوائم من عموم كندا، في مسيرة تتخللها النشاطات والفعاليات الرياضية والثقافية، وحضر لمشاهدة هذه المسيرة عشرات الألوف من الجماهير التي احتشدت على جانبي شارع سانت دنيز، ثم استُكمْلَ الأحتفال بتقديم وجبة طعام كاملة لكل من حضر العرض وقُدرت بآلاف الأطنان من اصناف الطعام وُزعت على جميع من حضر ذلك المساء وكانت هي الأمسية الخاتمة لمهرجان للضحك فقط .
مشاهد احتفالية
عشرة ايام حولت تلك المساحة المخصصة للإحتفال الى ساحة تتبارز فيها الشلالات الضوئية وألوانها الحمراء الصفراء، الخضراء، متحركة، متموجة ، مبتعدة مقتربة، مشكلة تظاهرة ضوئية ترسم -مع ديكورات الشارع، حركة الناس، عرض الكوميديين، واصوات الضحكات الممزوجة بالموسيقى والغناء والصيحات التي يطلقها البعض بغته- لوحة متكاملة تعطيك ايحاءً ومشاعراً احتفالة تعلن عن حضور مؤثر وفعّال ...
ولجمعية بي . دي . المونتريالية دورها في استقطاب العشرات من نجوم كتاب السيناريوهات الكاركاتيرية الهزلية من عموم كندا وبلجيكا ودول اوربية عديدة حيث يعرضون في المساحة المخصصة لهم، كتبهم ومطبوعاتهم بأشكال مختلفة مبتكرة ويفسحون المجال لمن يحاورهم من جمهور المتفرجين او يردون على استفسارات السائلين .
جوائز للمبدعين
وكتقليد سنوي توزع جوائز المهرجان على المبدعين لأحسن الأفلام الكوميدية الطويلة والقصيرة، لأحسن فلم كارتون، وكذلك لأحسن فنان فكاهة ومن بين من حصلو على جائزة الإبداع هو الفنان رشيد بدوري فنان الكوميديا الكندي المغربي الأصل والذي كما تقول عائلته قد ظهرت ميوله الكوميدية وهوفي الخامسة من عمره حيث بدأ بتقليد افراد العائلة ملتقطاً النقاط الهزلية في سلوكهم، وعندما اصبح شاباً لفت انتباه المهتمين وبذا رُشح من خلال هذا المهرجان ونال جائزة احسن اداء كوميدي لعام 2005
عندما يتحقق الحلم
تسعة وعشرون عاماً، ومهرجان الضحك يتجدد ويستقطب العديد من نجوم الكوميديا العالميين، لكن هذا المهرجان لم يكن الا فكرة بسيطة وحلم راود جلبرت روزون مدير المهرجان الحالي، والفكرة هي ان يضع محبي الضحك والفنانين صانعي الضحك في سقف واحد، وفي عام 1983 اطلق روزون العنان لفكرته ووضعها في المشهد الثقافي المونتريالي على شكل مهرجان اطلق عليه اسم للضحك فقط، ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن استقطب هذا المهرجان الاف الفنانين الكوميديين من جميع انحاء العالم، عرضوا اعمالهم امام المليون والنصف لكل عام، وكذلك شاهده الملايين عبر شاشات التلفزيون العالمية لكن نجاح هذا المهرجان حسب قول جلبرت روزون ليس في عدد المشاركين او عدد المشاهدين لكن نجاحه الحقيقي هو في نشر فلسفته في خلق حافز التصور والإبداع وفي ديمومته عبر السنين بنفس الفكرة التي انبثق عنها وبمفردات ومحتويات تتغير من عام الى آخر ...
اضغط على الصورة للتكبير