مدينة محفورة في الصخر ومختبئة خلف حاجز منيع من الجبال المتراصة، التي بالكاد يسهل اختراقها وتحظى بسحر غامض. ويمكن للمرا المرور عبر ممرها الضيق ذو الجوانب الشاهقة العلو التي بالكاد تسمح بمرور أشعة الشمس مما يضفي تباين دراماتيكي مع السحر القادم، وفجأة ينفتح الشق على ميدان طبيعي يضم الخزنة الشهيرة للبتراء المنحوتة في الصخر والتي تتوهج تحت أشعة الشمس الذهبية .
انها تعد إحدى عجائب الدنيا السبع الجديدة، وشاهدة على أكثر الحضارات العربية القديمة ثراءاً وإبداعاً، تم اكتشافها عام 1812 م علي يد المستشرق السويسري يوهان لودفيج بركهارت، من خلال رحلة استكشافية في كل من بلاد الشام ومصر والجزيرة العربية لحساب الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، لذلك يطلق العديد من العلماء والمستشرقين عليها اسم "المدينة الضائعة" وذلك لتأخر ظهورها إلى العالم، وقد وصفها الشاعر الانجليزي بيرجن بأنها المدينة الشرقية المذهلة، المدينة الوردية التي لا مثيل لها. وهي مثال فريد لأعرق حضارة عربية ( حضارة الأنباط )، حيث قام العرب الأنباط بنحتها من الصخر منذ أكثر من 2000 عام،
انها البتراء المدينة الأثرية التي تقع في محافظة معان في جنوب المملكة الأردنية الهاشمية. وتشتهر بعمارتها المنحوتة بالصخور ونظام قنوات جر المياه القديمة فيها. أُطلق عليها قديمًا اسم "سلع"، كما سُميت بـ "المدينة الوردية" نسبةً لألوان صخورها الملتوية.
أُسست البتراء تقريبًا في عام 312 ق.م كعاصمة لمملكة الأنباط، وقد تبوأت مكانةً مرموقةً لسنوات طويلة، حيث كان لموقعها على طريق الحرير، والمتوسط لحضارات بلاد ما بين النهرين وفلسطين ومصر، دورًا كبيرًا جعل من دولة الأنباط تمسك بزمام التجارة بين حضارات هذه المناطق وسكانها. وتقع المدينة على منحدارت جبل المذبح، بين مجموعة من الجبال الصخرية الشاهقة، التي تُشكل الخاصرة الشمالية الغربية لشبه الجزيرة العربية، وتحديدًا وادي عربة، الممتد من البحر الميت وحتى خليج العقبة.
ومملكة الأنباط (312 ق.م - 106 م) هي مملكة عربية قديمة، قامت في شبه الجزيرة العربية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا وشملت في بدايتها الأردن وشمال غرب السعودية . كانت عاصمتهم الأولى هي مدينة الِحجر في شمال غرب السعودية، ثم انتقلوا لاحقاً إلى مدينة البتراء في الأردن وكانت محطة إستراتيجية واقعة على طريق البخور إذ أنها تقع على مفترق طرق القوافل القادمة من اليمن وتربطها بالشام ومصر والبحر الأبيض المتوسط.
كان إهتمامهم قليلاً بسلسلة الواحات المنتشرة التي كانت ضمن مملكتهم ومارسوا الزراعة بشكل محدود ولم تكن حدودهم مع الصحراء مؤمَنة بشكل فعال . فقدت استقلالها في عهد الإمبراطور الروماني تراجان.
وتمكن الأنباط من إستغلال موقع بلادهم لمرور شرايين التجارة بين الشام واليمن، وكذلك قاموا بالوساطة في نقل التجارة بين مصر و"الشام وأماكن أخرى من شبه الجزيرة العربية" ففرضوا ضرائب على التجارة والتجار. وقد كان ميناء غزة المفضل لدى الأنباط لقربه من البتراء. بالإضافة إلى أنهم شقوا قنوات الري واهتموا بالزراعة واستغلال أرضهم وما فيها من موارد
والأنباط قبائل بدوية انتشروا في النقب وسيناء منذ القرن الرابع قبل الميلاد، ذُكروا في النصوص الآشورية على انهم اقوام تعيش على مقربة من قبيلة قيدار الإسماعيلية وورد في النصوص الآشورية أن " "مالك قمرو" ابن "عميطع" سيد قبيلة "مسئا" غزا قبيلة "نبطي"، وقتل عدداً من أتباعها. ويرتبط اسم "نبايوت" مع اسم "قيدار" ويبدو أنهم كانوا أقوياء كثيري العدد يعيشون في الخيم في مكان واحد متجاورين. ذكروا في النصوص الآشورية والتوراة ان النبط وقيدار كانوا متجاورين في السكن. ورود اسمهم في رأس قائمة الإسماعيليين حيث ذكر في التوراة ان النبط ينحدرون من نابت بن إسماعيل وان قيدار هو ثاني ابناء إسماعيل، وأنهم كانوا يقيمون في المناطق الواقعة في جنوب شرقي فلسطين وفي الأقسام الجنوبية الشرقية من بادية الشام.
استخدم النبط في البداية اللغة الآرامية للأغراض الرسمية وبخاصة في الكتابة. ولم تكن العربية بعد لغة مكتوبة ومن الجدير بالملاحظة هو ان جميع النقوش النبطية على واجهات المقابر الخاصة بالنبط وقبيلة السلاميين في مدائن صالح هي باللغة العربية بالخط النبطي.
ويعود تاريخها الى سنة 58 قبل الميلاد نقش على أحد وجهيها الملك الحارث ممسكاص جملاً بيده وجاثياً على إحدى ركبتيه وماداص سعف النخل مما يبين أن النفوذ الهيليني السياسي والعسكري قد زال وحل محله الوجود الروماني. ولم يلبث الرومان أن قضوا على مملكة الأنباط سنة 105 وأسموها المقاطعة العربية . وفي سنة 636 أصبحت البتراء خاضعة للحكم العربي وعاش من تبقى من سكانها على الزراعة لكن الزلزال الذي أصابها سنة 746/748 وزلازل أخرى أفرغتها من أهلها.
تعتبر مدينة البتراء، عاصمة الانباط العرب، اعظم واشهر المعالم التاريخية في الاردن، وهي تقع على مسافة 262 كيلو مترا الى الجنوب من عمان. وقد وصفها الشاعر الانجليزي بيرجن بانها المدينة الشرقية المذهلة، المدينة الوردية التي لا مثيل لها.