المرأة العاملة.. بين تعدد المسؤليات وضعف التقدير

2012-04-13

يشكل العمل محوراً أساسياً في حياة الفرد مهما اختلف جنسه، رجلاً أو امرأة.. ولعل أبرز الإيجابيات التي يحققها الفرد جراء عمله هي تحقيق الذات وصقل التشكيل الشخصي الجواني والوجودي خلال العمل. عندما يشعر الفرد بالانتاجية والأهمية والقدرة على الإنجاز تنفرج أساريره وتتفتح مداركـ متسعة تجاه الإيجابية في الحياة بشكل عام.. ولكن ماذا لو كانت العاملة مناطة بمسؤوليات عدة كونها الأم المربية والزوجة والعاملة في آن واحد؟! تزامناً مع يوم العمال ارتأت بوابة المرأة الإجابة على هذا السؤال عبر تحقيق يجمع بين آراء مختلفة من شريحة النساء العاملات..

ينقصنا الوقت أحيانا.. ونحتاج للتشجيع والتحفيز..
تبتسم أم محمد وتقول:" يمنح العمل للمرأة شعورها بالاستقلالية بغض النظر عن الاستقلال المادي، الأمر الذي يقوي كيانها الشخصي، ومن منطلق تجربتي الشخصية يمكنني القول بأني اغتنيت عمليا وفكريا وشخصياً ودعم عملي ثقتي بنفسي رغم كل الصعاب التي أواجهها والتي أبرزها تربية أبنائي الخمسة وتعليمهم والاهتمام بزوجي ومملكتي الصغيرة"، تتابع:" أقول لكل امرأة عاملة، العمل قد يكون متعباً ولكنه يشعر بالرضا والسرور والنجاح ويمنح الخبرة الحياتية على قدر أكبر من الخبرة الأكاديمية والعملية".

تشاركها الرأي زينب علي:"مما لا شكـ فيه بأن العمل يجعل المرأة أكثر قوة في مختلف النواحي، العمل يبعد الكسل والخمول والفراغ الخبيث والضياع والقلق والضمور في التفكير بشكل عام، أبرز ما أعاني منه في حياتي العملية هو قلة التقدير وعدم مراعاة الظروف في بعض الأحيان، العامل يحتاج للتقدير والتحفيز بين فترة وأخرى حتى يصقل عمله ويمنحه الإبداع ولا أقصد هنا التقدير المادي بل المعنوي على الأقل، أنا امرأة عاملة متزوجة منذ مايقارب الخمسة أشهر وأهتم بأم زوجي المريضة وهذا يتطلب مني توفير وقت كاف لرعايتها لا يؤثر على حياتي الزوجية وحياتي العملية".

يشاركنا زوج زينب في الحوار:" أتفق مع زوجتي تماماً فيما ترمي إليه، وأشكرها جزيل الشكر وبكل الحب على ما تقدمه لي ولوالدتي الغالية.. أرى أن السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية والمعنوية، تكمن في مناسبة العمل لشخصيتها وقدراتها ونوعية وشروط العمل وأدواته وظروفه".

تتنهد ابتسام عبدالله بأريحية وتقول: "أحب عملي جداً على الرغم من أنني أعمل بنظام النوبات في شركة اتصالات، ولكني أؤكد بأنه من العوامل الشديدة الأهمية في نسق عمل شركتنا على أداء العمل هو الشعور بالظلم وبعدم الحصول على كافة الحقوق ونقص المكافآت والتشجيع، قد يبرر حبي لعملي أن السعي إلى إرضاء العمل والتفاني من أجل توفير السرعة والدقة والجودة لكافة الخدمات التي ينتظرها العملاء هي ما تتطلب الضغط علينا على الصعيدين المهني والمعنوي".

تعقدت الحياة والأسعار نار!
فيما تقول أمل خلف:" تغيرت أهمية الأعمال المنزلية بفعل تطور الأجهزة المنزلية واستخدام الكهرباء وآليات التكنولوجيا الحديثة وتقنيات الرفاهية المستعملة في الغسيل والتنظيف الطبخ في الوقت الراهن، كما أن تربية الأطفال ورعايتهم أصبح لها متطلبات أكثر تعقيدا عن ذي قبل من حيث أساليب الثقافة والوعي والتعليم في العملية التربوية مرورا بالتغذية الصحية والرعاية وغير ذلك"، وتضيف:" دخلت أيضا إلى حياتنا في عصر السرعة والتطور تغيرات اجتماعية واقتصادية وثقافية صحبتها مشكلات حياتية بشكل يومي، ساهمت في زيادة النفقات والضروريات المادية التي تواجهها الأسرة تأثرا بالتنمية والتحديث وكل هذا يشكل صعوبات جسيمة من حيث تدني الرواتب وعدم قدرة المرأة وشريكها على مواكبة ضروريات الحياة المثقلة مادياتها بالأقساط والديون"

المشكلات الزوجية والاجتماعية..
وتستطرد منى علي :"كوني تخرجت من قسم الخدمة الاجتماعية، قرأت في إحدى المرات عن دراسة حديثة حول الأسباب المؤدية للكآبة والحزن وهي تبين أن عمل المرأة خارج المنزل هو من العوامل المهيئة للاكتئاب إذا كان لديها ثلاثة أطفال على الأقل يحتاجون إلى الرعاية داخل المنزل، وافتقرت لـ وجود الزوج المتعاون الذي يساعدها ويعينها، إضافة لفقدانها للأم أو الأب." تواصل:" برأيي أن المشكلات الزوجية من أكثر صعوبات المرأة العاملة شيوعاً في حياتها، نتيجة لعدم وضوح الأدوار وتوزيع المسؤوليات التي يقوم بها الزوجين وبالتالي عدم تكافؤ المشاركة والتعانون في الأمور المالية والمنزلية ورعاية الأطفال، الحوار والتفاهم مطلوبان للوصول إلى مايتوافق مع الحياة العملية ويحقق الرضا في الحياة الزوجية". يعزز حديث منى رأي الشابة فاطمة محمد:"نعم قد تتعرض المرأة للظلم ومحاولات الابتزاز حين يتصرف الزوج أو الأب بطريقة سيئة تشكل ظروفا مهيئة للاكتئاب والتدهور النفسي الجسيم، لا سيما إذا كانت تعمل في مجال يتطلب ساعات طويلة من العمل والجهد والوقت كالتمريض على سبيل المثال".

الاتكال عليّ جعلني المرأة الرجل!
تقول رجاء علي:"بدأت العمل في سن مبكرة، وكسبت خبرة جيدة في مجاله حتى وصلت إلى المنصب الذي لطالما تمنيته، ورغم أن عملي يقضم كل الوقت لكني أحبه ولا أبخل عليه بجهدي أبدا رغم التزماتي الأسرية كوني أم لابنين وزوجة" تتابع:"للأسف قوة شخصيتي ربما أو غياب زوجي لساعات طويلة أيضا كونه يعمل في شركة طيران جعلت مني الرجل والمرأة في آن واحد، وصار الاتكال علي بشكل رئيسي في كل الجوانب يتعبني كثيرا مهما تحايلت على الوقت وحاولت جدولته".

لا تتطور الحياة إلا بتكافل المرأة والرجل تجاه ذلكـ، المرأة نصف المجتمع ويعول عليها تحقيق الكثير للنهوض به مما يستوجب تقديم الدعم الكافي والمناسب معنوياً وعملياً للتخفيف من الأعباء والمصاعب والمتاعب التي تتحملها، ومن أجل توفير الظروف المناسبة للارتقاء والرضا والحد من المشكلات العملية. مهم أيضا، دراسة مشكلات المرأة بحيثية دقيقة لتحقيق الخبرات المنشودة والممارسات العملية الإيجابية وتقديم نماذج قيمة لعملها.



 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved