كلما قرأت لافتات تنادي بحقوق المرأة سريعا ما تركض ذاكرتي إلى التطور الديمقراطي الذي يعيشه البلد بعد سقوط الصنم، والانفتاح على الحضارات الأخرى،وما حملته لنا رياح التغيير من مفاهيم جديدة لم يفهمها الشارع العراقي إلا بعد عدة سنين من التغيير السياسي،ضمن عجلة الحداثة السياسية ، تحركت حقوق المرأة وارتفع صوتها في ميدان البلاد للمطالبة بان لها حق في العراق الجديد، فتعتبر قضية المرأة من القضايا الحساسة والمهمة والتي لم تنل اهتماما كبيرا من قبل المؤسسات التشريعية وكذلك وسائل الأعلام، لذلك بقيت المرأة العراقية تعاني الكثير من التهميش وتغييب الدور وعدم المعرفة بحقوقها وضرورة مناهضة العنف ضدها.
بدأت مقالتي بهذه المقدمة الكلاسيكية التي تعرفنا عليها وقد تشعرنا في بعض الأحيان بالاشمئزاز من كثرة أحرفها المتكررة على مسامعنا،فأين هو العراق الجديد عندما تهان المرأة في القانون والعرف والحياة،فهم لم ينصفوها حتى في السياسة،لأنهم اعتقدوا أنها عبارة عن كرسي من الجلد الجميل المعطر تجلس ولا تتحدث أما القرارات فهي للأصوات الخشنة التي تنادي بحب الوطن!!لا نبحث عن كرسي له صوت في السياسة بل نبحث عن حقها في الوظيفة،ووأن تتخذ دورها الحقيقي في المشاركة في تطوير عملها الذي قضت عمرها فيه.
أبعدت عن العمل السياسي تحت تأثير الطائفية وعمودها المحاصصة، مفردات جاءت مع التطور الذي يعيش بلدنا به ألان، فحتى الطفل يفهم هذه المفردات التي يحتاج إلى تفسيرها وقتاً كثيرا، وتحملت وزر أنها امرأة في بلد ينادي بالتغيير، ولكن أيُ تغيير؟؟ التغيير الذي يخضع إلى مزاجات رؤساء الكتل السياسي وصناع القرار في بلدنا العزيز.
تنوع العنف الذي تعاني منه المرأة بتنوع حركتها في المجتمع، فجماعة تنادي حماية الطالبة من العنف في المؤسسات التربوية وأخرى تنادي بحماية المرأة الموظفة من ظلم زملاءها في العمل وتنقلها من بيتها الى مكان عملها، وأيضا حماية المرأة الريفية والمرأة ربة البيت من عنف الزوج، فالمرأة قد قسمت إلى عدة أجزاء وبقي الرجل جزء واحد كامل يتفاخر برجوليته المتعجرفة، الكثير منهم يبحثون عن تحقيق انجاز عظيم كالذي ينحت في جبل لتشهد له الأجيال بعظمته فلا يجد الكثير من رجالنا سوى جسد المرأة الرقيق ليرسم عليه ساديته المريضة بكفه المتغطرس.
وتم صهر جميع هذه المشاكل في جرة من فخار الماضي مصنوعة بآلة الحاضر وسمية العنف الأسري، فمن خلال دراسة قامت بها منظمة بنت الرافدين، حيث أظهرت الدراسة التي أعدتها المنظمة حول واقع العنف ضد المرأة في محافظة بابل، ان نسبة العنف وصلت إلى 86%.
وقد كانت نسبة تعرض طالبات الإعدادية الى العنف الأسري 88% من مجموع العينة البالغة 500 فتاة.
فقد تعرضت 345 فتاة من مجموع 500 (العينة المستهدفة) من أعمار (15 - 18) إلى العنف الأسري، فيما تعرضت 304 امرأة من شريحة (ربات البيوت البالغ عددهن 500 امرأة) للعنف الأسري من جانب الأهل، إضافة الى تعرض 197 امرأة منهن الى عنف الزوج. كما تعرضت نساء الريف الى العنف الأسري أيضا بمعدل 254 امرأة من مجموع (500). فيما تعرضت نساء الريف الى عنف الزوج بمعدل 148 من مجموع العينة المستهدفة.
فالخطوة الأولى التي سوف تكسب المرأة قدرتها على التغيير هي في معالجة مشكلة العنف الأسري لديها، البداية تكون من الداخل الى الخارج، فمناهضة العنف الأسري التي تعاني منها المرأة العراقية عن طريق المؤسسات الحكومية والأعلام الذي يلعب الدور الفعال والمهم في هذه القضية الحيوية، يبقي شعلة الامل موقدة في كفها الجميل.
مهمتنا أن نبدأ ببناء الأساس في توعية وتثقيف المجتمع بحقوق المرأة وايضا التعريف بمفهوم العنف الاسري.
مهمة صعبة على العقول المتحجرة وممتعة للعقول المنفتحة.
متى نبدأ؟