من أهم القضايا التي تثير جدلا في الماضي والحاضر، وتنتشر بشكل كبير بين فئة الشباب والمراهقين هي معضلة التدخين سواءا كانت تدخين سجائر النيكوتين او الارجيلة، اضافة الى الاكثار في تناول مشروبات الطاقة وباستمرار. وهي بكل أسف منتشرة جدّا في مجتمعنا، وأصبح من الضروري، وللحاجة الملحة زيادة الوعي أكثر حول أضرارها والمخاطر التي تنتج عنها والتي يجهلها الكثير من المراهقين او ذويهم .
يعتبرتدخين السجائر او الارجيلة وتناول مشروبات الطاقة بشكل مستمر أكثر انتشاراً بين المراهقين ،حيث يميل كثير من المراهقين للتدخين او شرب مشروبات الطاقة بكثرة ترويحاً عن أنفسهم ، أو ليشعروا برجولتهم ، أو ليكونوا أكثر تقبلاً من قبل أقرانهم ، أو اقتداء بوالدهم او الاخ الاكبر منهم او الاخرين.
ولا مبالغة في اعتبار ان التدخين وتناول مشروبات الطاقة بكثرة بوابة الى تعاطي المخدرات والكحول. فهناك مجموعة من عوامل الخطر التي تهدد المراهقة مثل تعاطي المخدرات أو الانحراف بشكل عام. وتزداد خطورة ذلك في مرحلة المراهقة لانه على المستوى المعرفي، يكون المراهق في طور نمو مهاراته في صنع القرار وإصدار الأحكام، وهذا قد يحد من قدرة المراهقين على تقييم المخاطر حول استخدام المخدرات بدقة واتخاذ قرارات سليمة .
وهذا ما يجعلهم لا يدركون أن تعاطي المخدرات والكحول يعطل وظائف المخ في المناطق الحساسة التي لها علاقة بالدافعية ، والتعلم، والتذكر، والحكم، والسيطرة على السلوك.
أما أغلب حالات إدمان المراهقين فتكون على النيكوتين، المنبّهات، الكحول، والحشيش .
ورغم سهولة الحصول على هذه المواد ورخصها إلا أن آثارها السلبية شديدة، حيث تؤدي إلى تدهور عام في الصحة قد يصل حد الوفاة .
وان المراهقين الذين يتعاطون الكحول والمخدرات، لديهم في الغالب مشاكل أسرية ومدرسية، ويعانون من ضعف أو تاخر التحصيل الدراسي، كما يظهر لديهم مشاكل صحية ونفسية (وكذلك مشاكل اجتماعية وجنائية.
والعوامل والأسباب التي تجعل الشباب والمراهقين يميلون إلى التدخين وأن يكونوا أكثر استعدادا لتعاطي الكحول والمخدرات كثيرة من اهمها : أن فترة المراهقة والشباب هي فترة التكوين الجسدي والوجداني والعاطفي للفرد، وفيها يسهل التأثير الخارجي على المراهق سواءا من قبل الاخرين مثل رفاقه او وسائل الاعلام التي قد تؤثر في سلوكياته مثل تقليد ابطال بعض الافلام في سلوكياتهم للتدخين او تعاطي المخدرات او الكحول .
هذا ويوجد لدى الشباب والمراهقين مشاعر داخلية واعتقادات خاطئة هي أن التدخين يكمل من رجولته، ويجعله أكثر اقتدارًا و قبولاً من الناحية الاجتماعية، وقد يعتبره البعض نوعا من البحث عن إكمال الذات.
كما يعتقد بعض المراهقين انه يبدا في التدخين فقط من باب التجربة وحب الاستطلاع، ويريد بذلك أن يجرب ما يقوم به الآخرون خاصة رفاقه او احد أفراد أسرته، ولكنه يجد نفسه فيما بعد بأنه استمر في ذلك ليصبح جزءا من سلوكياته المعتادة.
وبالتالي فان تأثير الزمالة او الشلة او مجموعة الرفاق او الاقران لها الدور الاهم والتاثير الاكبر في سلوكيات المراهق حيث انها تعتبر ضغط يؤدي الى الانقياد، خاصة إذا كان الشاب صغيرًا في السن، ويسهل التأثير عليه، ولم يكتمل البناء النفسي لشخصيته.
ومن بين الاسباب المهمة ايضا سوء التربية وضعف مستوى تدين الأسرة، الحرمان العاطفي الأسري، إدمان احد أفراد الأسرة . اضافة الى وجود بعض العائلات التي لا ترفض التدخين، وتعتبره عاديا وجزء من عادات العائلة، وهذا يؤدي إلى نوع من الارتباط الذهني بين المراهق والسيجارة او الارجيلة، ويعتبر ذلك نوعا من الإقرار الاجتماعي في حين هو مرفوض وغير مقبول.
وفي حال تورط المراهق في التدخين او تعاطي الكحول او المخدرات يجب ان يكون هناك تدخل سريع لكل من الأسرة والمدرسة لمواجهة ذلك والتخلص منه، ومن اهم الامور التي يجب على الأسرة ان تقوم بها والمدرسة هي : اتباع أساليب التربية الأسرية السليمة من النواحي النفسية والتربوية والتي توازن في التعامل مع الأبناء بعيدا عن التدليل الزائد او الاهمال والقسوة.
مشاركة الابناء المراهقين ومساعدتهم في اختيار أصدقاء جيدين وسلوكياتهم جيدة. ومساعدتهم على تفريغ طاقتهم في مجالات ايجابية متنوعة مثل ممارسة النشاطات المختلفة والمفيدة .
المتابعة المستمرة لسلوك الأبناء، خاصة فى أماكن لهوهم لان ذلك يساعدهم على اكتشاف أي سلوك غير سوي وملاحظة اي تغيير في سلوك الابناء ،وكذلك في حالتهم الصحية والنفسية والاستعانة بمرشد المدرسة او ذوي الاختصاص لطلب المساعدة.
وفي حال الاكتشاف المبكر لأية أعراض أو دلائل تعكس الإتجاه نحو تدخين المراهق او تعاطيه للمخدرات أو الكحول يجب الاتصال بذوي الاختصاص وطلب المشورة والتدخل.وعدم التردد في ذلك خوفا من الوصمة الاجتماعية او كلام الناس لان مصلحة الابن المراهق وصحته هي الاهم. وعند البدء في الإرشاد والعلاج يجب ان يكون للأسرة دور أساسي وفعال في تشجيع ابنهم على مواصلة العلاج ودعمه نفسيا واجتماعيا،وكذلك التدخل لحل مشاكله التي كانت سببا في إنحراف سلوكياته.
الأخصائية النفسية : أ.ثورة أحمد انجاص