النوع الاجتماعي والاقتصاد: من النظرية إلى صنع القرار

2013-01-25

 دائما ما تطرح قضايا المرأة بشكل مرتبط مع قضايا الإنسان بشكل عام، كما تطرح قضايا نوعية التطور الاجتماعي ورفاهة الحياة وشروط التجدد الذاتي الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وتحرير الإنسان من الاستغلال والفقر والمرض والأمية كما أنها ترتبط بالفعل الاجتماعي بمفهومه العام والمتنوع والمتعلق بنصف القوى البشرية داخل المجتمع ومساهمتها في أخذ القرار داخل الأسرة والقرية والمدينة والوطن والاقليم والعالم. لذلك فان موقع المرأة بهذا المنظور الشمولي يطرح مراجعة جذرية لنظام تقسيم العمل التقليدي بين الرجل المرأة داخل المجتمع كما يضمن رؤية متجددة للتوازن المجتمعي مبنية على التكامل والشراكة.

في حين أن الأهداف الأساسية للتنمية تضع في اعتباراتها تحسين أوضاع النساء وتوفير الفرص المتكافئة لهن مع الرجال في المشاركة الاقتصادية و توفر فرص متكافئة للرجال مع النساء في المشاركة الاجتماعية حيث يكون التكامل ضمن التوازن. فوضع الإنسان رجلاً وامرأة في صدارة الاهتمام هو القوة الحقيقة على تحقيق و تسيير عجلة التنمية واقتسام نتائجها حسب آليات توزيع متساوية.

وفي ظل أزمة مالية تحولت الى زمة اقتصادية عالمية عاصفة ليس بقدرة معظم دول العالم استيعابها أو التأثير فيها، فإن النساء اللآتي يتحملن عادة نصيبا كبيرا من عبء الفقر سوف يكن أول الخاسرين وفي وضع أسوء من حيث الأستغلال الأقتصادي والبطالة، ناهيك عن ما لم يعد خافيا على أحد من بروز اتجاهات غير معلنة لتشجيع النساء على الأنسحاب من سوق العمل وقصر إهتماماتها على الأنجاب وتربية النشئ.

وحيث أن المرأة التى تشكل نصف المجتمع، كما يحلو لنا دائماً أن نردد، وهي في الحقيقة النصف المعطل، ما زالت تعامل في الحياة الأقتصادية كقوة عمل عددية يستفاد منها في مواقع العمل التى لا يقبل عليها الرجال وبشروط وظروف عمل مجحفة إضافة إلى أن المهن التى تمارسها النساء تقليدياً هي مهن ذات مردود مالي أدنى من مردود الوظائف التى يشغلها الرجال في الغالب وبالخصوص في القطاع الخاص حتى وان تطلبت مهارات مماثلة. فإن تأثير المرأة في صنع ووضع السياسات الاقتصادية ضعيف أو غير محسوس في أحسن الأحوال وهو في التفسير الحقيقي لحصول البحرين على الترتيب 126 على مؤشر المشاركة الاقتصادية وتوفير الفرص المتكافئة للنساء مع الرجال الوارد في تقرير قياس الفجوة الجندرية لعام 2008 الذي يصدره سنويا المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس).

انطلاقا من هذا المنظور وللمساهمة في حل وتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية أو التي يمكن أن تحدث مستقبلا لا بد من تشجيع الأنشطة الاقتصادية الإبداعية التي تقوم على الاستثمار في القدرات والعقول المعطلة للمرأة والفتاة الذي وهو في رأي المتواضع استثمار ذكي لتأمين مستقبل أكثر عدلاورخاءً.

وهذا الأمر يضع أمام واضعي السياسات والمعنيين بالنهوض بالمرأة من جهات رسمية وأهلية تحديات جدية من أجل دمج منظور النوع الاجتماعي في مختلف المؤسسات، لتصبح هذه المؤسسات واعية للاختلافات بين المرأة والرجل والاحتياجات لكليهما، وأن تأخذه بالاعتبار في معالجتها وفي تحديدها لإيقاف التمييز المبني على أساس الجنس وأن تصبح أكثر وعياًَ بقضية تعزيز العدالة، لتستطيع الدولة بالتالي من تجسير الفجوة الجندرية وتعزيز االقدرة التنافسية لها واستغلال مواردها البشرية الأستغلال الأمثل.


 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved