قال عنه الروائي الجزائري الطاهر وطَّار أنه "في الشعر محمود درويش، وفي النقد لا يقل أهمية عن إدوارد سعيد
حينما وقعت نكبة 1948 كان طفلا، وخلال نكسة 1967 كان طالبا في القاهرة، ولم تتاح له العودة إلى مسقط رأسه في فلسطين، ومن بيروت خرج عام 1982 إلى بلد آخر، ليعود إلى عمان مدرسا للنقد بإحدى المؤسسات الأكاديمية .
خالف النقاد القدماء والمحدثين في وصف الشعر بالفحولة، وخصوصا قصيدة النثر التي أطلق عليها مصطلح "القصيدة الخنثى" وأثار ذلك الكثير من ردود الأفعال، خصوصا في الأوساط الشعرية الشابة ..
انه شاعرٌ مشاكس تغريه القضايا الإشكالية، صدر له 11 ديوانا شعريا و25 كتابا في النقد الأدبي والنقد المقارن والتاريخ والفكر والفن التشكيلي والسينما، والموسيقى، والثقافة الشعبية .
بداياته كانت مع يا عنب الخليل في أواخر الستينيات من القرن الماضي لتتوالى بعد ذلك أعماله وإبداعاته ومنها الخروج من البحر الميت، قمر جرش كان حزينا، بالأخضر كفناه وجفرا وغيرها من دواوين
انه الشاعر عز الدين المناصرة، من أبناء جيل منتصف الستينات. وهو من مواليد قرية بني نعيم، قضاء الخليل . ولد فيها سنة 1946 وفيها ترعرع وتعلم وعمل راعياً وجمالاً وبائعاً متجولاً .
بدأ عز الدين شاعراً في الستينات، حيث كان يكمل دراسته الجامعية في القاهرة ، فكتب القصيدة الفلسطينية الملحمية ذات النفس الكنعاني والروح الشعبية المستفيدة من التراث الشعبي الفلسطيني، موظفاً في شعره لغة الحياة اليومية .
ارتبط عز الدين المناصرة كشاعر سياسياً بالحساسية الشعبية، وليس بالسلطة الثورية أو المعارضة السياسية، وفشل أن يكون منظماً منذ أكثر من اربعين عاماً، وبقي مستقلاً في أفكاره، يتحالف مع الآخرين وفق قانون الوحدة والصراع .
انه شاعر وناقد ومفكر فلسطيني، حاصل على شهادة ( الليسانس ) في ( اللغة العربية، والعلوم الإسلامية ) في جامعة القاهرة 1968- ثم أكمل دراساته العليا لاحقاً، وحصل على ( شهادة التخصص ) في الأدب البلغاري الحديث و( درجة الدكتوراه ) في النقد الحديث والأدب المقارن في جامعة صوفيا، عام 1981 . كما حصل على رتبة الأستاذية ( بروفيسور ) في جامعة فيلادلفيا عام 2005 .
عن سيرته الشعرية وتفجر ينابيع الشعر الأولى عنده يقول :
"بدأت سيرتي الشعرية من طفولة على جبل عالٍ على البحر الميت من جهته الغربية. وبدأ الشعر من مساءلتي لأبي، ما اسم هذا البحر ؟ فيقول لي : البحر الميت، بذا بدأت أتحاور مع نفسي، كيف يكون البحر ميتاً، بدأت أفكر في الوجود المحيط بي، فوجدته حياً في عناقيد العنب وأشجار التين والزيتون، وآثار اجدادي الكنعانيين في القرى المحيطة . كنت أرى أن ثمة شيئاً لا أفهمه في الحجر والتاريخ، ولم أكن استطيع معرفة عمق شاعرية هذا المكان إلا بالمفهوم القبلي المرتبط بالأسطورة والخرافة، حيث تتداخل الأشياء بين الثقافة الشعبية والمكان والتاريخ" .
* "منذ العام 1964، كنت اجترحت خطي الشعري الخاص بي بالتوجه نحو الحفر في الجذور الحضارية، فابتدعت "القصيدة الحضارية الكنعانية الفلسطينية" ولم يكن سبقني إليها أحد."
* "كنت طالب في ما قبل البكالوريا ونشرت بمجلة الآداب اللبنانية لذا كنت أخفي عليهم أنني تلميذ مدرسة حتى لا يتراجعوا عن النشر ."
* "ركبت مئات الطائرات ولكن طائرة واحدة فقط أذكرها، هي التي حملتني ليلة ستة أكتوبر أو خمسة أكتوبر من القدس إلى القاهرة ثم منذ أربعين سنة لم أستطع العودة إلى الوطن ."
* "الملايين يحفظون بعض قصائدي غيبا وليس أفراد، كجفرا ، بالأخضر كفناهم، يا عنب الخليل، التي عُلقت في اليافطات في المظاهرات في مسقط رأسي مدينة الخليل، وهناك قصائد كيتوهج الكنعان وغيرها الكثير يحفظها طلاب المدارس والجامعات في فلسطين، أنا إشكاليتي هي السُلطة في العالم العربي وهي إشكالية عمري ."
* "منذ عام 1983، لاحظت أن درويش وأثناء تنقله بين تونس وباريس قد بدأ يتغير سياسيا، وارتكب بعض الأخطاء المفصلية، وهكذا ناكفته وناكفني، لكن بالتالي، أنا زميله في الشعر، ورفيق رحلته في مرحلة طويلة متقطعة، ولا يمكن أن أكون وريثه، إذ لا توريث في الشعر، لأن "جيناتي الشعرية" لها بصمة خاصة لا تشبه أحدا ."
* "أُجبرت في مفاصل مهمة من حياتي على العراك ضد "الفساد السياسي والثقافي"، وكلاهما ينبعان من بركة آسنة، أحيانا كنت وحيدا في غابة الذئاب أقاوم الفساد وحدي، وكان هناك من يصفق لي، لكن سرعان ما ينحاز إلى الفساد ."
* "صحيح أنني نزفت دما، وصحيح أنني أصبحت أحيانا عاطلا عن العمل. وصحيح أنني قمت بتخفيض المستوى المادي لحياة عائلتي الصغيرة. لكنني بقيت مستورا وكريما، ولم أفقد كرامتي، لأنني كنت وما أزال أعرف طرق المقاومة وأساليبها.."
* "المعاني مرمية على قارعة الطريق كما قال الجاحظ، فالحدث إن كان مهما أو تافها سواء، المهم هو كيف نتناول الحدث ونعصره في المعصرة لكي يشربه القارئ عصيرا صافيا، محتفظا ببصمة خاصة . هذا ما يبقى. وهناك أسرار قد لا يدركها القارئ، فـ"يا عنب الخليل" لم تكتب عام الكارثة 1967، بل كتبت عام 1966، والدليل القاطع أن نواتها منشورة في مجلة الآداب ."
* "اللهجات العربية عندي هي المنجم الذهبي لتطوير الفصحى، لهذا اخترع المستشرقون كذبة "صراع الفصحى والعامية" من أجل أن تكون الإنجليزية أو الفرنسية هي الحل"
* "وللحقيقة، كدت أتراجع عن مصطلحي "كتابة خُنثى" الذي قمت بنحته عام 1997 بسبب الهجومات الكاسحة عليه رغم أنني قلت إن الورد الجوري خنثى، وكذلك الليلك، فقد استوحيته من الأسطورة اليونانية "هيرمس-أفروديت" أي الإنسان الكامل .
ومع هذا كله تراجعت عن التراجع، والسبب هو أنني اكتشفت أن الذين يقدسون سوزان برنار لم يقرؤوا كتابها، وكانت المفاجأة لي أثناء قراءة المجلد الثاني من الكتاب المترجم عام 2000 مصطلح "الشكل المخنث" ص 211 بعظمه ولحمه وشحمه، وصفاً لقصيدة النثر على لسان برنار نفسها ."
مجموعاته الشعرية
يا عنب الخليل، القاهرة – بيروت، 1968.
الخروج من البحر الميت، بيروت، 1969.
مذكرات البحر الميت، بيروت، 1969.
قمر جَرَشْ كان حزيناً، بيروت، 1974.
بالأخضر كفّناه، بيروت، 1976.
جفرا، بيروت، 1981.
كنعانياذا، بيروت، 1981.
حيزية عاشقة من رذاذ الواحات -عمّان، 1990.
رعويّات كنعانية، قبرص، 1992.
لا أثق بطائر الوقواق،- رام الله، 2000.
لا سقف للسماء،- عمَّان، 2009.
يتوهج كنعان، (مختارات شعرية)، دار ورد، عمّان، 2008.
كتبه النقدية، والفكرية
الفن التشكيلي الفلسطيني-منشورات فلسطين الثورة-بيروت -1975.
السينما الإسرائيلية في القرن العشرين، بيروت، 1975.
إشكالات قصيدة النثر، بيروت – رام الله 1998.
موسوعة الفن التشكيلي الفلسطيني في القرن العشرين (في مجلّدين)، عمّان، 2003.
نقد الشعر في القرن العشرين، الصايل للنشر والتوزيع، عمّان، 2012 .
الكف الفلسطيني تناطح المخرز الأمريكي—الصايل للنشر والتوزيع عمان 2013.
النقد الثقافي المقارن- 2005- علم الشعريات 2007- جمرة النص الشعري 2007.
الجوائز، والأوسمة
1.جائزة (المركز الأول في الشعر)، في الجامعات المصرية، الجهة المانحة: رئاسة جامعة القاهرة، الجمهورية العربية المتحدة، 1968.
2.(وسام القدس)، الجهة المانحة: اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، 1993.
3.(جائزة غالب هلسا للإبداع الثقافي)، الجهة المانحة: رابطة الكتاب الأردنيين، عمَّان، الأردن، 1994.
4.(جائزة الدولة التقديرية، في الآداب، (حقل الشعر)، الجهة المانحة: وزارة الثقافة الأردنية، عمَّان، 1995.
5.(جائزة سيف كنعان)، الجهة المانحة: حركة فتح الفلسطينية، 1998.
6.جائزة (التفوق الأكاديمي، والتميُّز في التدريس)، الجهة المانحة: جامعة فيلادلفيا، 2005.
7.جائزة (الباحث المتميز في العلوم الإنسانية)، عن كتابه: (علم التناصّ، والتلاصّ) الجهة المانحة: وزارة التعليم العالي الأردنية، 2008 [3].
8.جائزة القدس، الجهة المانحة، الاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، القاهرة - يوليو 2011 [4].
مراجع
بعضاً من قصائده
وجهة نظر
قال لي
عن زبد البحر
بقايا الكلام
وهو يومئ للنرجسة
وموضع غمازة الخد
أنظر إلى مشية الفارسة
قال لي أنه قارئ الشد
أكتب عن الخنفساء
تهرش أطرافك الواهية .
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية .
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية .
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
أكتب عن الخنفساء
وهي تدخل في الليل فوق سريرك
تهرش أطرافك الواهية .
قال لي - وهو يومئ للراعية :
عن القز والنحل، أكتب عن الساقية.
- أراه: لن تتعب الماشية
في مكاتبها الأبنوس تنم لكي تطعم المتعبين
قال : وانظر لقبعة الجنرال الموشاة بالمادحين
عن الطبل والزمر أكتب عن الحاشية .
قلت : مهلا
تشعلق قلبي طيور الخيام
أخي أيها الثلج في طرقات النعاس
أخي، ترجموك إلى كومة من عظام
وأنا يانع مثل نعناع مريام صعب المرام .
البداية
مفاوضات
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
الرصين .
في جبال اليقين
بعشب يغطي تصحر أفئدة في الصقيع .
حيث الرخام العريق
كانت التينة النبوية تهذي
في السلاسل خروبة وشوشت جارة الماء في الليل
وغرغتها العصافير فانفلقت فلقتين
هوت في البقيع .
تتلولح مفتونة في فضاء البراري العتيقة
تجهز أكواب فرحتها، ليلة الأقحوان .
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
كانت السعفة المائلة
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
كانت المطبعة
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
في كمال غلالتها في الربيع
تتقصع سيدتي الغالية
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
حسدتها طيور الحديد .
كانت الأمهات
يطرزن عرقا من السعف فوق الصدور
يهاهين فوق شواهدهم في الخلاء
كانت السعفة المائلة
تجرجرني في الكلام عن النبعة الجارية .
كان شيخ يقص الروايات في ساحة البئر
عن غضب البحر: زلزالة في الضلوع
وعن عشبة المريمية حيث تخبأ فيها
يسوع
كانت المطبعة
تحرك أسنانها بالمناشير قرب الحدود .
الينابيع والورد كانت وهشت لمقدمها وانحنت
عندما هبطت تحمل الشمع في درج الغرفة العالية
في كمال غلالتها في الربيع
قالت الدالية :
تتقصع سيدتي الغالية
بكمال غلالتها.... وأمام الجميع
عندما وز من جهة الرمل هذا الرصاص الجديد
هوت في الينابيع في مرمر التجربة
حسدتها طيور الحديد .
البداية
جفــرا
أرسلتْ لي داليةً 00 وحجارةً كريمة
مَنْ لم يعرفْ جفرا 000 فليدفن رأْسَهْ
من لم يعشق جفرا 000 فليشنق نَفْسَهْ
فليشرب كأس السُمِّ العاري يذوي , يهوي 000 ويموتْ
جفرا جاءت لزيارة بيروت ْ
هل قتلوا جفرا عند الحاجز، هل صلبوها في تابوت ؟؟ !!
**
جفرا أخبرني البلبلُ لّما نَقَّر حبَّاتِ الرمِّانْ
لّما وَتْوَتَ في أذني القمرُ الحاني في تشرينْ
هاجتْ تحت الماء طيورُ المرجانْ
شجرٌ قمريٌّ ذهبيٌّ يتدلّى في عاصفة الالونْ
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
هل قتلو ا جفرا.. قرب الحاجز هل صلبوها في التابوت ؟؟
**
تتصاعدُ أُغنيتي عَبْر سُهوب زرقاءْ
تتشابه أيام المنفى، كدتُ أقول :
تتشابه غابات الذبح هنا وهناك .
تتصاعد أغنيتي خضراء وحمراءْ
الأخضر يولد من الشهداء على الأحياء
الواحةُ تولد من نزف الجرحى
الفجرُ من الصبح إذا شَهَقَتْ حبّاتُ ندى الصبح المبوحْ
ترسلني جفرا للموت، ومن أجلك يا جفرا
تتصاعدُ أغنيتي الكُحيَّلة .
منديلُكِ في جيبي تذكارْ
لم ارفع صاريةً إلاَّ قلتُ : فِدى جفرا
ترتفع القاماتُ من الأضرحة وكدتُ اقولْ :
زَمَنٌ مُرٌّ جفرا ... كل مناديلك قبل الموت تجيءْ
في بيروت، الموتُ صلاةٌ دائمةٌ والقتل جريدتُهُمْ
قهوتُهمْ، والقتل شرابُ لياليهمْ
القتل اذا جفَّ الكأس مُغنّيهمْ
وإذا ذبحوا ... سَمَّوا باسمك يابيروت .
سأعوذُ بعُمّال التبغ الجبليّ المنظومْ
هل كانت بيروتُ عروساً ،هل كانت عادلةً ... ليست بيروتْ
انْ هي إلاّ وجع التبغ المنظومْ
حبَّاتُ قلادته انكسرتْ في يوم مشؤومْ
انْ هي إلاّّ همهمة لصيّادين إذا غضب البحر عليهمْ
انْ هي الاّ جسد إبراهيم
إنْ هي الاّ ابناؤك يا جفرا يتعاطون حنيناً مسحوقاً في فجرٍ ملغومْ
إنْ هي الاّ اسوارك مريامْ
إنْ هي الاّ عنبُ الشام
ما كانت بيروت وليستْ ، لكنْ تتواقد فيها الاضدادْ
خلفكِ رومٌ
وأمامكِ رومْ. !!!
**
للأشجار العاشقة أُغنّي.
للأرصفة الصلبة ، للحبّ أُغنّي .
للسيّدة الحاملة الأسرار رموزاً في سلَّة تينْ
تركض عبر الجسر الممنوع علينا ، تحمل أشواق المنفينْ
سأغني .
لرفاقٍ لي في السجن الكحليّ ، أُغني
لرفاقٍ لي في القبر، أغني
لامرأةٍ بقناعٍ في باب الأسباط ، أغني
للعاصفة الخضراء ، أغني
للولد الاندلسيّ المقتول على النبع الريفيّ ، اغنّي .
لعصافير الثلج تُزقزقُ في عَتَبات الدورْ
للبنت المجدولة كالحورْ
لشرائطها البيضاء ْ
للفتنة في عاصفة الرقص الوحشيْ
سأغنّي .
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلةَ جئنا لننام هنا سيّدتي ... يا أُمَّ الأنهارْ
يا خالة هذا المرج الفضيْ
يا جدَّة قنديل الزيتونْ
هل قتلوا جفرا ؟؟
الليلة جئناكِ نغّني .
للشعر المكتوب على أرصفة الشهداء المغمورين ، نُغنّي
للعمّال المطرودين ، نغّني
ولجفرا ... سنُغنّي .
جفرا ... لم تنزل وادي البادان ولم تركضْ في وادي شُعَيبْ
وضفائرُ جفرا ، قصّوها عن الحاجز ، كانت حين تزور الماءْ
يعشقها الماء ... وتهتز زهور النرجس حول الاثداء
جفرا ، الوطن المَسْبيْ
الزهرةُ والطلْقةُ والعاصفة الحمراءْ
جفرا...إنْ لم يعرفْ من لم يعرفْ غابة تُفَّاحٍ
ورفيفُ حمام ٍ... وقصائد للفقراءْ
جفرا...من لم يعشق جفرا
فليدفنْ هذا الرأس الاخصر في الرَمْضاءْ
أرخيتُ سهامي ، قلتُ : يموتُ القاتل بالقهر المكبوتْ
منْ لم يخلع عين الغول الاصفر ... تبلعُهُ الصحراء .
جفرا عنبُ قلادتها ياقوتْ
جفرا ، هل طارت جفرا لزيارة بيروت ؟
جفرا كانت خلف الشُبَّاك تنوحْ
جفرا ... كانت تنشد أشعاراً ... وتبوحْ
بالسرّ المدفونْ
في شاطيء عكّا ... وتغنّي
وأنا لعيونكِ ياجفرا سأغنّي
سأغنّي
سأُغنّي .
لصليبكِ يا بيروتُ أُ غنّي.
كانتْ ... والآنَ : تعلّقُ فوق الصدر مناجل للزرعِ وفوق
الثغر حماماتٌ بريّةْ.
النهدُ على النهدِ ، الزهرةُ تحكي للنحلةِ ، الماعز سمراء،
الوعلُ بلون البحر ، عيونكِ فيروزٌ يا جفرا.
وهناك بقايا الرومان : السلسلةُ على شبكة صليبٍ ... هل
عرفوا شجر قلادتها من خشب اليُسْرِ وهل
عرفوا أسرار حنين النوقْ
حقلٌ من قصبٍ ، كان حنيني
للبئر وللدوريّ إذا غنَّى لربيعٍ مشنوقْ
قلبي مدفونٌ تحت شجيرة برقوقْ
قلبي في شارع سَرْوٍ مصفوفٍ فوق عِراقّية أُمّي
قلبي في المدرسة الغربيّةْ
قلبي في النادي ، في الطلل الأسمر في حرف نداءٍ في السوقْ.
جفرا ، أذكرها تحمل جرَّتها الخمرية قرب النبعْ
جفرا، أذكرها تلحق بالباص القرويْ
جفرا ، أذكرها طالبةً في جامعة االعشّاقْ.
من يشربْ قهوته في الفجر وينسى جفرا
فَلْيدفنْ رأسَهْ
مَنْ يأكلْ كِسْرتَهُ الساخنة البيضاءْ
مَنْ يلتهم الأصداف البحرية في المطعم ينهشُها كالذئبْ
من يأوي لِفراش حبيبتهِ، حتى ينسى الجَفْرا
فليشنقْ نفَسَهْ.
جفرا ظلَّتْ تبكي ، ظلَّتْ تركض في بيروتْ
وأبو الليل الاخضرِ ، من أجلكِ يا جفرا
يشهقُ من قهرٍ شهقتَهُ... ويموت .!!!
البداية
بالأخضر كفناه
بالأخضر كفناه بالأحمر كفناه
بالأبيض كفناه بالأسود كفناه
بالمثلث والمستطيل بأسانا الطويل
نزف المطر على شجر الأرزيل ذكراه وعلى الأكتاف حملناه
بكت النزل البيضاء لمرآه
دمه ينزف والبدوي تنتظر الأيام
دمه ينزف زغرد سرب حمام
والبدوية تنتظر حبيبا سيزور الشام
بالأخضر كفناه بالأبيض كفناه
بالأسود كفناه بالأحمر كفناه
كان خليلا من صيدون حمصيا من حدروب
بصريا من عمان وصعيديا من بغداد
كان جليليا من حورام
كان رباطيا من وهران
مطر في العينين وتحت القلب دفناه
عز الدين المناصرة من أبرز الكتاب والمبدعين الفلسطينيين ،ومن شعراء الثورة الفلسطينية من أبناء جيل منتصف الستينات.
نشر عز الدين المناصرة ابداعاته الشعرية الأولى في الصحف والمجلات الفلسطينية والعربية ،منها:"الأفق الجديد "و"الآداب"اللبنانية وغيرهما. وكان الديوان الأول قد صدر له بالاشتراك مع شاعرين آخرين من مصر هما رامي السيد وحسن توفيق،وحمل اسم "الدم في الحرائق"ثم أضاف إليه بعض القصائد وصدر تحت عنوان "يا عنب الخليل". أما ديوانه الثاني "الخروج من البحر الميت"فكان تعبيراً عن خروج لوط من البحر الميت ـ أي من الأرض الخراب. وديوانه الثالث "قمر جرش كان حزيناً"فيتناول قضايا سياسية عديدة بوعي سياسي أكثر نضجاً . أما مجمعيه "باجس أبو عطوان"و"لن يفهمني غير الزيتون"فشكلا مرحلة جديدة في تطوره الشعري ،حيث نزع فيهما نحو الملحمية واختصار الأزمان.
عز الدين المناصرة الفتى الفلسطيني الخليلي،هو نموذج صادق للإنسان الفلسطيني الرافض والمتحدي للواقع ،والباحث الدائم عن واقع حقيقي يتعايش فيه. وفي شعره نحس بالدفء الانساني الحميمي ورائحة الوطن والشوق اللاهب للخليل،التي تشكل لديه رمزاً لفلسطين .. فلنسمعه يقول:
مضت سنتان .. قالت جدتي وبكت
وأعمامي يهزون المنابر آه ما ارتجوا
ولا ارتاعوا
مضت سنتان ـ قال
الشاعر المنفي حين بكى
أضاعوني
واي فتى اضاعوا
مضت سنتان،ارض الروم واسعة
وجدي دائماً عاثر
وسوق عكاظ فيها الشاعر الصعلوك
وفيها الشاعر الشاعر
وأعمامي
يقولون القصائد من عيون الشعر
وأمي مهرة شهباء تصهل قبل خيط
الفجر
تفله هنا ضفائرها
وتلبس ثوب الأسود
وأمي تقرأ الأشعار في الأسواق
وفي الغابات عند تجمع الأنهر
وأمي ..ولدت طفلاً له وجهان
يشبهني
فاقسم والدي في القبر أنكرني
وأنكر كل أعمامي
وراحوا ينشدون الشعر
وراحوا يشترون القول بالميزان
وأمي ولدت طفلاً له وجهان
فما ارتجوا ولا ارتاعوا
وكان الطفل ينشدهم قصيدته
وفي ديوان "جفرا"يركز عز الدين المناصرة على قضية الحريات الديمقراطية،والرمز الكنعاني،والنقد الذاتي الثوري. ويستخدم النفس الملحمي مستفيداً من البناء الشعري للاساطير والملاحم الكنعانية ،وهو في عودته للموروث الكنعاني تأكيد واضح على تجربته القاسية ،وهي عودة طبقية واعية:
لا ممالكة الوهم وجهتنا
سنصلي الليلة لشرايين أرض كنعان
أن ترش الغيث من الغربة
ولتسحي يا أمطار أجدادنا على الوهاد
اهطلي في القرى وأعيدي دخان الطوابين
وفي قصائده الكنعانية يمتزج عبق التاريخ الكنعاني بعبق الحاضر، بالمقاومة الشعبية الفلسطينية وبالنضالات الوطنية التي يخوضها الانسان الفلسطيني، فيكتب عن حلحول ،التي تستمد شجاعتها ضد الاندثار من نقوش الكنعانيين:
كبرت حلحول
أصبحت في الثامنة عشرة
لتقود التظاهر ضد الاندثار
شجر الشجاعة يخرج من كهوف اليونان
من نقوش الكنعانيين
وعز الدين المناصرة من أوائل الشعراء والمبدعين الذين استخدموا رمز "امرؤ القيس"و"زرقاء اليمامة"و"كنعان"و"أبو محجن الثقفي"،وكما يقول ـ فان الرمز ليس ملكاً شخصياً له،لانه موروث عام،ولكنه كان البادئ باكتشافه.أنه صوت شعري حاد ورافض للهزيمة والاستسلام،قدم للثقافة الوطنية والديمقراطية الفلسطينية والعربية،ارثاً أدبياً وثقافياً حضارياً متنوعاً يتراوح بين القصيدة والبحث والدراسة والمقالة الأدبية ،وهو مشارك فعال في الحياة الثقافية العربية المعاصرة ،وباحث جاد عن الحقيقة الموضوعية.
- مواليد (11/4/1946)، محافظة الخليل بفلسطين.
- حصل على شهادة (الليسانس) في (اللغة العربية، والعلوم الإسلامية)، 1968، ودبلوم الدراسات العليا، في النقد الأدبي والبلاغة والأدب المقارن، عام 1969، في ( جامعة القاهرة ) . ثم أكمل دراساته العليا لاحقاً، وحصل على (شهادة التخصص) في الأدب البلغاري الحديث، وحصل على ( درجة الدكتوراه ) في النقد الحديث والأدب المقارن في ( جامعة صوفيا، 1981 )، تمَّت معادلتها في وزارة التعليم العالي الأردنية عام 1993. وحصل لاحقاً على رتبة الأستاذية ( بروفيسور ) في جامعة فيلادلفيا، عمّان 2005. وحصل على جائزة ( التميز في التدريس والبحث العلمي ) من جامعة فيلادلفيا، عام ( 2005 ). وحصل على جائزة (الباحث المتميز في العلوم الإنسانية)، عن كتابه: (علم التناصّ، والتلاصّ)، من وزارة التعليم العالي الأردنية، 2008. وأصدر (11 ديواناً شعرياً )، و( 25 كتاباً في النقد والتاريخ والفكر ) . وهو أحد ( شعراء الحداثة منذ الستينات )، وأحد شعراء المقاومة، والثورة الفلسطينية (1964-1994). أقدم ( قصيدة ) له في مجلدي أعماله الشعرية تعود إلى عام (1962)، وأقدم ( مقالتين نقديتين ) منشورتين له تعودان إلى عام ( 1965 ) في مجلتي ( الأفق الجديد المقدسية )، و( الآداب ) البيروتية. يقول عنه الروائي الجزائري ( الطاهر وطّار ) عام ( 2004 ) بأنه: ( لا يقلّ أهمية عن محمود درويش في الشعر، ولا يقلُّ أهمية عن إدوارد سعيد في النقد الثقافي ). ويقول البروفسور الهندي ( N. Shamnad ) من جامعة كيرلا: ( يعدُّ عز الدين المناصرة من أهم النقاد المقارنين العرب، الذين بذلوا جهدهم في اقتراح: ( منهج مقارن جديد ). وقالت الباحثة الإيرانية ( مريم السادات ميرقادري ): ( الشاعر المناصرة... شاعر عالميٌّ بكل المقاييس ).
ويقول ( كلود روكيه )، مدير دار سكامبيت ( بوردو- فرنسا ) مايلي: ( بعد قراءتي لديوان (رذاذ اللغة ) لعز الدين المناصرة المترجم إلى الفرنسية، أعلن أنه لا يقلُّ أهمية عن شعراء فرنسا العظام في النصف الثاني من القرن العشرين ). وساهم ( المناصرة ) في تأسيس ( يوم الشعر العالمي ) مع فدوى طوقان ومحمود درويش، ( باريس، 1997 ).
- عاش مُهجَّراً في البلدان التالية:
1. فلسطين، (1946-1964) 2. مصر، ( 1964-1970 )
3.الأردن، (1970-1973) 4. لبنان، ( 1973-1977 )
5.بلغاريا، (1977-1981) 6. لبنان، (1981-1982)
7.تونس (1982-1983) 8.الجزائر "قسنطينة"، (1983-1987)
9. الجزائر "تلمسان"، ( 1987-1991 ) 10. الأردن، (1991-....)
1.مجموعات شعرية:
1. يا عنب الخليل، بيروت، 1968.
2. قاع العالم، بيروت، 1969.
3. مذكرات البحر الميت، بيروت، 1969.
4. قمر جَرَشْ كان حزيناً، بيروت، 1974.
5. بالأخضر كفّناه، بيروت، 1976.
6. جفرا، بيروت، 1981.
7. كنعانياذا، بيروت، 1981.
8. حيزيّة، عمّان، 1990.
9. مطرٌ حامض، قبرص، 1992.
10. لا أثق بطائر الوقواق، رام الله، 2000.
11. البناتُ، البناتُ، البناتْ، عمَّان، 2009.
12. (باللغة الفرنسية): مختارات من شعره بعنوان، (رذاذ اللغة)، ترجمة: الدكتور محمد موهوب، وسعد الدين اليماني، دار سكامبيت، بوردو، فرنسا 1997.
13. (باللغة الفارسية): مختارات من شعره بعنوان (صبر أيوب)، ترجمة الدكتور موسى بيدج، طهران، 1996.
14. (باللغة الإنجليزية): (مختارات) من شعره، ترجمة: الدكتور عيسى بُلاّطة، منشورات مهرجان الشعر العالمي، روتردام، هولندا، 2003.
15. باللغة الانجليزية: (مذكرات البحر الميت)، ترجمة: عوني أبو غوش، 2013.
16. باللغة الانجليزية: (قاع العالم)، ترجمة: عوني أبو غوش، 2013.
17. (باللغة الهولندية): (مختارات) من شعره، ترجمة كيس نايلاند، منشورات مهرجان الشعر العالمي، روتردام، هولندا، 2003.
18. (باللغة الفرنسية) (الخروج من البحر الميت)، (مختارات شعرية) – LA SORTE DE LA MER MORTE، ترجمة: محمد ديوري (المغرب)، الصايل للنشر والتوزيع، عمّان، 2012
19. يتوهج كنعان، (مختارات شعرية)، دار ورد، عمّان، 2008.
20. الأعمال الشعرية (في مجلّدين) – صدرت (الطبعة التاسعة)، عام 2015.
2.كتب نقدية، وفكرية:
- الفن التشكيلي الفلسطيني، بيروت، 1975.
1. السينما الإسرائيلية في القرن العشرين، بيروت، 1975.
2. (جمع وتحقيق) – الأعمال الكاملة للشاعر الفلسطيني الشهيد – عبد الرحيم محمود، دمشق، 1988.
3. المثاقفة والنقد المقارن، عمَّان، 1988.
4. النقد الثقافي المقارن، عمّان، 1988.
5. علم الشعريات، (قراءات في مناهج النقد، ونظرية الأدب)، عمّان، 1992.
6. حارس النص الشعري، بيروت، 1993.
7. جفرا الشهيدة، وجفرا التراث، عمّان، 1993.
8. جمرة النص الشعري، عمّان، 1995.
9. شاعرية التاريخ والأمكنة – (حوارات مع الشاعر المناصرة)، بيروت، 2000.
10. إشكالات قصيدة النثر، (رام الله، ط1، 1998.
11. موسوعة الفن التشكيلي الفلسطيني في القرن العشرين (في مجلّدين)، عمّان، 2003.
12. لغات الفنون التشكيلية، عمّان، 2003.
13. الهويّات، والتعددية اللغوية، عمّان، 2004.
14. علم التناصّ والتلاصّ، عمّان، 2006.
15. لا أستطيع النوم مع الأفعى (حوارات)، دار مجدلاوي للنشر والتوزيع، عمَّان، 2011.
16. تداخل الأجناس الأدبية، دار الراية للنشر والتوزيع: عمّان، 2011.
17. نقد الشعر في القرن العشرين، الصايل للنشر والتوزيع، عمّان، 2012.
18. السماء تغنّي: (قراءة في تاريخ الموسيقا العربية)، دار مجدلاوي، عمّان، 2008.
19. امرؤ القيس الكندي، دار الراية للنشر والتوزيع: عمّان، 2012.
20. تفكيك دولة الخوف، دار الراية للنشر والتوزيع: عمّان، 2011.
21. فلسط