مفتاح امسيتنا الأربعاء 26/ 12/ 2018
الإشتغال في حقلين متباعدين، يشترط الكثير من التوازن، في العطاء، فقد تخلى القاص والروائي يوسف أدريس عن مهنة الطب، بعد أن مارسها في بدايته، ليتفرغ إلى الأدب، واستمر حاكم التحقيق القاص والروائي الكبير فؤاد التكرلي في وظيفته بل والأستفادة من إضابيرها واعادة تدوير السرد الجنائي، ليهبنا أجمل النصوص العراقية التي غدت عالمية بفعل الترجمة : العيون الخضر،الوجه الآخر، الرجع البعيد، خاتم الرمل، بصقة في وجه الحياة، المسرات والأوجاع .. وغيرها الكثير .
وهاهي زميلتنا في منتدى أديبات البصرة، الأستاذة الدكتورة إخلاص باقر النجار،الأستاذة في العلوم المالية والمصرفية، بعد مؤلفاتها السابقة، تصّدر رواية طويلة بعنوان ( رسائل بأنامل القدر ).. تدور أجواءها بين فضائين : البيوت والحرم الجامعي، وتتناسج الآواصر على مهل،لتمنحنا رواية عراقية بصرية على مشارف السبعمائة صفحة من الحجم الكبير .
باسم المنتدى أرحب بالحضور العزيز
وباسم الحضور نرحب بالروائية الاستاذة الدكتورة إخلاص باقر هاشم النجار
قراءة خاطفة
القدر والأنامل
بلقيس خالد
أستغرقت ُ في تأمل عنوان الرواية، فالعنوان هو الأول دائما، في النصوص الأدبية، كمنصة إنطلاق ..
المؤلفة لو قالت : رسائل القدر، لوصل العنوان كاملا للقارئ، كما وصلت للأذن سمفونية القدر لبتهوفن أو ليلة القدر : رواية المغربي طاهر بن جلون . والعنوان يتكون من مفردات هامة جدا .
*رسائل : والكلمة تعني تفاهم وتحاور بين طرفين أو أكثر، لكن المفردة الثالثة تكشف عن كفتين غير متكافئتين، أعني هناك قدر وهناك مقّدر، وهذا يعني أن الرسائل من طرف واحد مقتدر هو القدر، وأن السطور هي حيوات الشخوص، المسيرين والمسيرات، والعنوان لم يتعقب خطوات القدر في العنونة، بل انفتحت الكامير بسعة الشاشة على أنامل القدر..
تتشابك العلاقات الاجتماعية والعائلية، حد الأشكال على القارىء . لذا تمنيتُ لو أن المؤلفة وضعت فهرسة خاصة بكل عائلة وهذا الترتيب معمول به في المسلسلات المصرية الروائية، وكذلك في بعض الروايات ومنها روايات أجاثا كرستي . فنحن أمام حشد من الشخوص ولكل شخص وظيفة روائية تتحرك الرواية من خلالها بالترابط مع بقية الشخوص ( هبه، هدى، هالة، هيفاء، ماري، مروة، لينة، سبأ، سبل، أنسام، زكية، أم سالم : المنظفة، وعد، خالد، نائل، منذر، باسم، عبد الحافظ، عبد الرحمن، معاذ، قتيبة.. )
مِن جانب ٍآخر تتنقل الشخوص بين الأمكنة، منها من بيت إلى آخر، وهي نقلة معلن عنها في المشهد الأول من الرواية، وتترك هذه النقلة أثرها السلبي على الأبنة ( يحاول الأب سراج الدين مواساة أبنته أيار 17 سنة والدموع تنحدر من عينيها على ما ألم بها من لوعة الفراق والرحيل من بيتها الذي طالما أحبته . )
السيادة في الرواية : للصداقة وكيفية صيانتها من كل مكروه، ويتجسد ذلك من خلال شخوص الرواية والتواصل الحميم بينهم وبينهن .
................................