كاتب عراقي متميز، تالق وظهر على الساحة الأدبية بسطوع منذ ستة سنوات بروايته الجميلة ( بابا سارتر ) التي فاجأ بها الوسط الأدبي بنبرتها الساخرة البارعة، وحفر مكانه على خارطة الأدب العراقي الحديث بشدة وثقة عالية، واعْتُبٍرَ عمله( خرائط منتصف الليل ) المصنفة ضمن دائرة الأدب الجغرافي، كأضخم عمل روائي، نال لأجله جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي، في عام 2005م، .
رواية تخطو نحوالعالمية
ان ما يميز روايات علي بدر هو انها لا تتقيد بالنظرية اللغوية الجامدة، التي تطغى فيها جماليات اللغة بحيث تشتت الإهتمام بالموضوع و تسحب التركيز على الأحداث نحو التأنق اللغوي، وهذا ما يعيبه الروائي بدر على الأدب العربي عموماً .وتميزه كذلك طريقته في وصف الأماكن والمدن، فإنه يصطحب القارئ على خارطة مرسوم عليها تاريخ احداث الرواية، وهكذا يدخله حاراتها، بيوتها، مكاتبها، خمّاراتها، ملاهيها ... لأن بدر حين يكتب، يشعرك بإلمامه وقدرته الكبيرة ودقته في جمع المعلومات، فحين يتحدث عن المقاهي والحواري والبيوت، فإنه يصفها كصورة حقيقية بكل تفاصيلها الكبيرة والمتناهية بالصغر، لذا فمن خلال اعمال علي بدر تشعر ان الرواية العربية تخطو نحو العالمية .
لقد نجح علي بدر بشكل واضح في تناول الإنحطاط الذي طبع الأدب العراقي بسبب الأحداث السياسية والحروب التي مرت بالعراق، واعتمد في كتاباته نموذج الرواية التاريخية، دون ان يقع في تقليد الواقع والتاريخ، وبجرأة متناهية تناول فترات ثقافية عراقية مزدهرة أو متردية لكنها تشكل انعطافاً في تاريخ العراق الحديث، لذا اعتبر علي بدر افضل روائي عراقي للسنوات العشر الأخيرة .
ولد الكاتب علي بدر في بغداد في منطقة ( الكرادة الشرقية ) في عام 1964م، حصل على بكلوريوس في الأدب الفرنسي عام 1985م، وبعد حصوله على البكلوريوس التحق بالخدمة العسكرية حتى عام 1991م وبذا يكون قد قضى نصف مدة خدمته في الحرب العراقية الإيرانية، وبعد انتهائه من خدمته العسكرية دخل دورات متخصصة في تحقيق المخطوطات واصلاحها في دار المخطوطات الوطنية في بغداد عام 1992م .
في عام 1996 حاول اكمال دراسته الجامعية في بغداد وبدأ بكتابة اطروحته عن ( رولان بارت )، إلا انه فُصِلَ من الجامعة لأسباب سياسية قبل مناقشتها .
جوائز حصل عليها
جائزة ابو القاسسم الشابي للرواية العربية في تونس 2001م
جائزة الدولة للآداب في عام 2002م
جائزة الإبداع الأدبي في الإمارات العربية 2002م
جائزة ابن بطوطة للأدب الجغرافي في الإمارات العربية 2005م
ترجم إلى العربية
رحلة الشرق (بيير جوردا )
كمان العناصر ( شعر )
صدر له
بابا سارتر 2001م
شتاء العائلة 2002م
مصابيح اورشليم 2003
الوليمة العارية (كولونيا - بيروت - بغداد ) 2004م
صخب ونساء وكاتب مغم 2005
الركض وراء الذئاب 2007م
رواية بابا سارتر
بابا سارتر هي ا لرواية التي اطلقت شهرة علي بدر، في هذه الرواية يستعيد ظاهرة الوجودية التي سادت في بغداد في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، ويستطيع ان يحي اجواء ثقافية وشخصيات حقيقية في رواية متفردة وفي خصوصية لامثيل لها في الرواية العربية الحديثة، تدور احداث الرواية في بغداد، وعبر مشاهدها المتلاحقة يستطيع الكاتب ان يقول حقيقة واحدة، هي ان الوجودية في العراق والثقافة بشكل عام هي ثقافة مقاهي، ومن خلال بطل الرواية الوجودي عبد الرحمن، الذي صوره كرمز لجيل بأكمله، يطرح فكرته التي أراد بها ان يشير إلى اننا قوم لا ثقافة خاصة لنا، وإننا نستهلك أفكار الغرب، فمن وجودية إلى ماركسية الى قومية ... نتنقل بين الفلسفات الفكرية الجاهزة، وهكذا ينادي بوجود فلسفة جديدة تتلائم مع مجتمعنا ...
رواية الوليمة العارية
صدرت روايته هذه عام 2004م عن دار الشؤون الثقافية في بغداد، يتناول فيها الكاتب أحداث العراق في نهاية القرن التاسع عشر حتى دخول الإنكليز ألى بغداد في الحرب العالمية الأولى، وببراعة وحذق يستقرئ الكاتب علي بدر طرفاً من تأ ثيرات النهضة وصراع الأجيال، الصراع الثقافي الدائر آنذاك بين أوساط المثقفين البغداديين .
رواية شتاء العائلة
في عام 2007 صدرت طبعتها الثانية، عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بعد طبعتها الأولى التي صدرت في عام 2002م عن دار الشؤون الثقافية في بغداد .
في روايته هذه يجعل من الواقع العراقي والمجتمع البغدادي على التحديد،- في فترة الستينيات والسبعبنبات من القرن الماضي - خلفية سفلية لصياغة حبكة من الممكن ان تعمم على جميع المجتمعات، وحصر شخوصه في حيز مجبراً اياها على التخلي عن زيفها وتصنعها، كأنه وضعها في محيط مختبري ليتاح له الغوص في عمق معاناتها .
استطاع ان يجسم ذلك من خلال حكاية إمرأة اختارت عالمها الذي تريد، وانغمرت في روتين حياتي لتشعر بوجودها، وتخلت عن العالم الخارجي كي ينساها، لكن العالم الخارجي لن ينساها اذ تفتح عينيها فجأة على حضورٍ مربك لغريب اقتحم منزلها ذات ليلةٍ ماطرة، لينسحب ذات مساء عاصف ويتركها لذهولها ...
لقد نجح الكاتب في نقل الإحساس الفاتم لإمرأة تعيش الرتابة وتعيش حياتها في خصام مع الحاضر ثم في نقل احساسها بالسعادة والمرح حين تقع بالحب ولو كان زائفاً،كما انه نجح خلال احداث روايته باصطحابنا داخل قاموس الطبقة الراقية من خلال وصف دقيق لمظاهر حياتهم بكل تفاصيلها الدقيقة .
رواية مصابيح اورشليم
صدرت هذه الرواية عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وقُيّمَتْ كأضخم رواية عربية، موضوع الرواية هو المفكر الفلسطيني الراحل( ادوارد سعيد ) ومكان الأحداث هو القدس، وبطريقة بانورامية يغطّي فيها الكاتب احداث حقبة تاريخية كبيرة من تاريخ فلسطين والعالم العربي والعالم ايظاً .
بإيقاع غاية بالشفافية يكتب علي بدر هذه الملحمة الدرامية التي يتناول فيها عدة محاور، محور الصراع العربي الفلسطيني، ومحور صراع المثقفين العراقيين قبل الغزو الأمريكي، ومحور تأثير أفكار ادوارد سعيد على هذه الحقبة ..
ويستطيع الكاتب ان يجسم الصراع من خلال الصراع بين مثقفي العراق المتمثلين بشخصية علاء خليل المؤيد لغزو العراق من قبل الأمريكان، والآخر أيمن المقدسي الشاب العراقي المولد والفلسطيني الأصل، والذي يرفض فكرة احتلال العراق من قبل الأمريكان، وبعد صراع يحدث بين الشخصيتين يشعر أيمن انه غريب ومنفي، وللتخلص من هذا الشعور يبدأ بكتابة رواية عن ادوارد سعيد يجمع فيها وثائق مهمة، الاّ انه يتركها دون ان يكملها، ويلجأ علي بدر بتوظيف هذه الوثائق دون ان يفسد جو الرواية .
الشق الثاني من الرواية هو عن حياة ادوارد سعيد ويلعب علي بدر فيها باستخدام شخصيات اسرائيلية هم ابطال روايات لكتاب اسرائيليين، يجعلهم، يتفرجون على حياتهم من جديد .
لغة الرواية لغة شعرية أخذها الكاتب عن طريق تفكيك بنية الشعر الإسرائيلي وإحداث تمازج بين اللغتين، ليظهر حدث الدمار في التاريخ المتداخل للشعبين اليهودي والعربي .
الجزء الثالث للرواية يضعه تحت عنوان تخطيطات وأفكار ويوميات انسكلوبيدية وهذا الجزء في غاية الأهمية لأنه ينطوي على معلومات ووثائق هامة .
صخب ونساء وكاتب مغمور
النقطة الأساسية لكتابة هذه الرواية هي افكار صدرت من مفكرة دراسات ما بعد الكونيات من الجماعات التخيلية، وفيها يرى أن فكرة الأمة هي فكرة متخيلة الوجود، ناقش الكاتب في روايته هذه تجدد الهويات وتأثير البيئة في اكتساب الخصائص.
تتضمن الرواية الواقعي والتخيلي، ويدور زمانها في فترة حكم الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم في الحقبة التي تعتبر بداية تكوين المدنية في العراق، ومنها يمر على التحولات السياسية والإجتماعية .
الرواية هي حكاية جيل يحمل كل هذه التحولات . استطاع الكاتب علي بدر ان يطرحها بإسلوب فلسفي ساخر بعيد عن التهكم .
ali3bader@gmail.com