الزواج ... الملل ... حالة تحت المجهر ... مادة للورقية

2014-10-31

( في يدك ان تنقذ حياتك من الملل، إذا رسمت لنفسك خطة لتحليل ذاتك، وتنمية قدراتك علىى الفهم المتبادل )

هكذا يقول د . فرانك كابريو، الأُستاذ في جامعة هوبكز الأمريكية، في كتابه ( لماذا نتصرف هكذا )

لكل زواج حكاية، قد تسبقه قصة حب، أو قد يبدأ بالطريقة التقليدية، حيث يترتب من خلال الأهل، أو الأصدقاء ...

وبكل الأحوال، وكيفما كانت البداية، فالمهم هو ماذا بعد أربع، أو خمسة سنين من التعايش الأسري، هل لا زال الزوجين ينعمان بالسعادة والحيوية التي استأنفا حياتهما بها ؟ أم ان هنالك مللاً قد تسرب الى النفوس، وضجراً غلّف الأشياء، وحجب حلاوة الإستمتاع بها ؟ ...

ولمعرفة الجواب، حملنا أسئلتنا، وطرقنا أبواب البيوت لنطَّلع على أسرارها ...

 

رومانسية متجددة 

السيد سمير نافع ( لبناني الأصل يعيش في مونتريال ) يقول :

تعرفت على زوجتي بالصدفة، وكانت في زيارة لإحدى العوائل الصديقة، أعجبت بها، وعملت المستحيل كي أكرر لقائي بها، وبعد عدة لقاءآت عرفت انها بدأت تبادلني الإعجاب، وهكذا تطور الإعجاب الى حب عميق ربط قلبينا، وبما ان ليس هنالك ما يعيقنا عن الزواج، لذا جمعنا بيت الزوجية الذي بدأ الحب يحيط كل جانب منه، إذا ابتعدنا نحس بأننا لا بد ان نسعى الى جنتنا التي بنبناها معاً ...

مضى على زواجنا خمسة سنين، أصبحنا والدين لبنت وولد، تفرغت زوجتي لتربيتهم، وضاعفت أنا عملي كي أُوفر احتياجات أُسرتنا، وهكذا تسير الأُمور ...

سألناه :

- هل تشعر بالملل من روتين حياتك الزوجية ؟

بعد إطراقة أجاب

الملل هو ملل الحياة بشكل عام، وليس الحياة الزوجية فقط، فإننا بالضرورة نكرر الطقوس ذاتها، كل يوم، لان الحياة تتطلب ذلك الروتين، فالمتزوجزن وغير المتزوجين، جميعاً يلفهم روتين الحياة، لكننا رغم ذلك، نحاول أنا وزوجتي أن نقتطع لمسات رومانسية وجميلة ، بنزهة أو لقاء مع أصدقاء عزيزين، أو بمصاحبة الأطفال في مواقع متعهم، ونأمل أن يكبر أطفالنا ونتفرغ لأنفسنا، ونعوض شيئاً مما فقدناه ...

صخرة صماء 

أما ندى فاضل، ( عراقية الأصل، تعيش في تورنتو ) فلها مع الزواج حكاية مختلفة، فتقول :

تزوجنا بعد قصة حب مليئة بكل مظاهر الرومانسية، وبكل ما تحلم به فتاة، من لمسات حب تفوق القصص والخيال، وشعرنا بأننا لا بد لن نتحد بعلاقة زوجية، ورغم الفارق الاجتماعي بيننا، لأنني عربية وهو من أصل ألماني، الاّ ان أهلي اضطروا للموافقة على زواجنا، لأنهم عرفوا بأنني لا أستطيع العيش بدونه ... 

سألناها :

وماذا بعد أربع سنوات ؟

بعد لحظات صمت، ومن خلال تعابير حزن سكنت قسماتها، أجابت :

قولي ماذا بعد شهر واحد من علاقتا الزوجية ؟ بعد شهر فقط، انصرف عني كلياً، إما أمام الكومبيوتر، أو أمام شاشة التلفزيون، ولا يكاد يبادلني كلمة واحدة في اي موضوع ...

سألناها :

- هل حاولت التغيير ؟

* حاولت أن أُغير بشتى الطرق، لكنني وجدته صخرة صمّاء لا يستجيب، وبعد ان يئست، فكرت بالطلاق، لكنني تراجعت، لأنني خفت ملامة أهلي ومعارفي، ولا أُريد أن أُعلن فشلي أمامهم، وثانياً لأنني أصبحت أُماً لطفلة، تستحق تضحيتي، وللحقيقة انه أب جيد، لا يتردد في أداء واجباته كأب ... وبدأت أستسلم وتعايشت مع حياتي، رغم قتامتها ومللها وروتينيتها، وحاولت التعود عليها، انه يؤدي واجباته تجاهنا بشكل آلي ، ورتبت نفسي على ان لا أُطالب بأكثر من ذلك، لأنه كما قلت لك، صخرة صماء، خالية من العواطف والحيوية ...

وماذا تنصحين المقبلات على مثل تجربتك ؟

أنصحهن أن يستخدمن عقلهن ولا يندفعن وراء العواطف فقط، وان يدرسن المحيط الذي يعيش فيه من ينوين الإرتباط به، لأنه سيعطي الى حدٍ ما، فكرة عن الشخص الذي سيكونه بعد الزواج، وكذلك أن يعطين وقتٍ كافٍ لدراسة شخصيتة ومعرفة الأشياء المشتركة بينهما ...

 

مثالية ... مرتبة... ولكن ... 

يبدو أن الملل يأتي في وجوهٍ عدة... فالسيد ماهر كريم العلوي ( من أصل مغربي يعيش في مونتريال ) يتحدث عن تجربته فيقول زوجتي مثالية، في كل شئ، فبالنسبة لمظهرها، فهي نظيفة مرتبة، وانها تحترم المواعيد وكما عرفتها دائماً لم تتغير عن أول لقاء لي بها، الّاّ في شئ واحد هو انها تشعرك برتابة الحياة الزوجية وروتينها  على الدوام  ... فإنها كالآلة، تعمل كل شئ بصمت وبدون أي تعبير على وجهها، لا بالتعب، لا بالضجر، لا بالفرح، وجهها خالٍ تماماً من التعابير، بعد عشرة السنين الست شعرت بأنني لا أطيق هذه الحياة الآلية ...

-لكن هل حلولت ان تنبهها  ؟

نعم، وبأشكال مختلفة، مباشرة وغير مباشرة، أما رد فعلها فكان دائماً دون اي انفعال، في منتهى البرود ... في كل مرة كنت أتمنى أن تنفعل، ان تغضب، أن تجيب بحدة، أن تصرخ في وجهي، كي تكسر روتين الطريقة التي غلَّفت بيتنا، الاّ أنها لم تفعل ذلك أبداً، وكأنها تحولت الى كتلة ثلجية، كم مرة ساءلت نفسي كيف أصبحت هكذا ؟ ؟ ؟ انني عرفتها بشكل آخر، أكثر حياة .. أكثر حيوية ... أكثر مرح ... 

سعيدة لكنها تخاف أن يداهمها شيطان اسمه الملل 

 طرقنا باب السيدة نهى حمادة ( لبنانية الأصل، تعيش في مونتريال ) سألناها :

- هل تسرب الملل الى حياتها الزوجية بعد العشرة سنين التي هي عمر حياتها الزوجية ؟ فأجابت على الفور :

* من كثر ما سمعت عن روتين الحياة الزوجية وما يسببه من ملل، بدأت أخافه، وأتوقع أن يباغتني في أي وقت ... مضى على زواجي عشرة سنين، أعيش بسعادة أحسد عليها، صحيح ان الحالة التي اعيشها غير الحالة التي كانت في بداية معرفتي بزوجي، فكثير من الأُمور قد تغيرت، حتى نحن أنفسنا قد تغيرنا وأصبحنا أكبر سناً، وأكثر نضجاً، وأكثر فهماً لأمور الحياة، وهذا النضج جعلنا قادرين على ان نستوعب اي مرحلة نمر بها، واصبحت لدينا قدرة أكثر على كسر الروتين بأشياء ممتعة، قد تكون سفرة الى مكانٍ ما، أو دعوة أصدقاء مقربين الى حفلة ساهرة في إحدى المناسبات، وهنالك أساليب كثيرة نشعر بعدها بأن حياتنا تتجدد .

- وهل لا زلت تتوقعين مداهمة الملل لحياتكما يوماً ما ؟  

 لا اعتقد، ما دمنا قد فهمنا لعبة الحياة، وعرفنا الدروب التي تؤدي الى كسر حصار الروتين ...

- وما نصيحتك لغيرك من الزوجات ؟

أقول للمتزوجة، انظري الى الجوانب الإيجابية في الحياة الزوجية، ولا تتوقفي عند السلبيات، حاولي أن تفهمي زوجك واكتشفي بواطنه، ولا تبخلي عليه بكلمات الحب والإطراء، لأنها إكسير الحياة ...

تهمة ليس الاّ 

 نوال محمد ( تورنتو _ عراقية ) سيدة متزوجة منذ ثماني سنوات، تجيب على سؤالنا إجابة العارف والناجح في حياته الزوجية فتقول :

 لماذا نلصق تهمة الملل بالزواج؟؟ فالملل ليس سببه الزواج، واكيد هنالك أسباب أُخرى، فعلينا ان نبحث عنها، فمثلاً ما يتعلق بشخصية الزوج أو الزوجة، فهي قد تحمل العوامل المسببة للملل، فقد تكون شخصية غير حيوية وغير متجددة كي تتغلب على الملل، وحتى بالصداقات العادية سيخيم الملل مع مثل هكذا شخصية، وفي كل العلاقات، وليس بالعلاقات الزوجية فقط ... في رأيي، ان الحياة الزوجية لا تسير على وتيرة واحدة، بل انها تحمل التغيير والتجدد الحتمي، فالحياة الزوجية مراحل، أولها مرحلة اكتشاف شخصية الآخر، وفي كل وقت في هذه المرحلة هنالك اكتشاف جديد، وبعد هذه المرحلة تأتي مرحلة الأطفال، التي هي مرحلة مليئة بالعوامل التي تخلق البهجة والإنشغال، ولذا أعتقد أن ليس هنالك مكان للروتين والملل في حياة مثل هذه مليئة بالتجدد والمفاجآت ...

اذاً باعتقادك ان الأطفال هم من العوامل المهمة في كسر الروتين والملل ؟ 

باتأكيد، فالطفل له في كل يوم بل كل ساعة جديد ... وهل هنالك أجمل وأمتع من ضحكة طفل يتحول صداها الى بهجة ومتعة تعتمر النفوس ...

مضادات وقائية 

من خلال العديد من البحوث والدراسات التي أجراها العلماء والباحثون، استطعنا ان نستخلص بعض النقاط التي وجدنا ان من الضروري وضعها امام القراء لتكون لهم كمضادات، وأسلحة  ليستعملوها كي تساعدهم على التغلب على الملل، عدو الحياة الزوجية :

 - افتحا قلبيكما واجعلا كل منكما يَطَّلع على أحاسيس الآخر كي يشاركه ويتعرف على مزاجه .

- لا ينتظر أحدكما  من الآخر أن يقرأ أفكاره وليكن واضحاً في طرح ما يريد .

- عمّقا الأشياء المشتركة بينكما لأنها ستكون مصدر سعادتكما .

- لا تعيشا في ظل أحلام ما قبل الزواج، كونا واقعيين وافهما حقيقة المرحلة التي تعيشانها، بطبيعتها ومقوماتها ..

- غوصا في اعماق بعضكما، وافهما الأبعاد النفسية والعاطفية والفكرية لبعضكما .

- عليكما بالمفاجآت الجميلة، فإنها توابل الحياة التي تخرجها من رتابتها ...

عالية كريم 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved