تنتشر ظاهرة الزواج السياحي في سوريا إلى جانب زواجي المتعة والمسيار. ويحلل بعض رجال الدين هذا الزواج الذي يتم للمتعة وكسب المال، بينما ترفضه غالبية السوريين ومن ضمنهم المؤسسة الدينية وتدعو إلى عدم تحليليه.
سمر ع. شابة سورية في أواسط العشرينات من عمرها تستعد حاليا على عجل لزواج مؤقت من رجل أعمال سعودي ميسور الحال. تعيش سمر حالة إرباك، لأن الوقت لن يسعفها حتى تستطيع تأمين ما يلزم زفافها خلال أيام معدودة. "تحضيرات الزفاف ترهقني بسبب ضرورة الإسراع في تجهيز الملابس والحلي التي أحتاجها"، تقول وعلى وجهها ابتسامة ساخرة. سمر هذه ليست سوى واحدة من الشابات السوريات اللواتي يتزوجن من سعوديين لفترة أشهر يتفق عليها الطرفان بشكل يتناسب غالبا مع المبالغ المالية التي يقدمها العريس. وُيطلق على هذا الزواج المؤقت " الزواج السياحي"، كونه يتم غالبا في فترات العطل وقضاء الإجازات.
أدى الانتشار المتزايد لهذا الزواج إلى تزايد الأصوات التي تحذر من تبعاته، لاسيما في حالة إنجاب أطفال يدفعون ثمن غياب علاقة أسرية اعتيادية طويلة الأمد. والذي يدفع شابات إلى القبول بالزواج السياحي البطالة والفقر والعوز من جهة، وإغراء المال من جهة أخرى. فكثيرات منهن يرين في المبالغ التي يدفعها العريس كمهر أو على شكل هدايا نوعاً من التأمين لهن ولعائلاتهن. "أعرف بأنني ارتكب خطأ كوني أبيع جسدي، ولكن لا يوجد باليد حيلة" على حد تعبير رنا التي تعتبر أن وضعها المادي المزري هو سبب قبولها الزواج من رجل سعودي متزوج من ثلاث نساء".
وكذلك هو الحال بالنسبة لسامية ص، التي وجدت في الزواج من سعودي "فرصة لدفن الفقر الذي تعيشه مع عائلتها" على حد تعبيرها، وهي لا ترى أهمية لعواطفها في ظل الحرمان الذي تعيشه. ويلعب إغراء المال دورا كبيرا في إقدام الكثيرات على الزواج السياحي، دون الاكتراث بالقيم الاجتماعية، فكما تقول لميس د "أريد أن أستمتع بحياة الترف والحفلات دون أن تعنيني الطريقة التي أكسب بها المال." ولميس لا يخالجها شعورا بالذنب إزاء قبولها بعقد "زواج سياحي مغر" حسب قولها.
على الطرف المقابل يرى سعوديون أن الزواج السياحي حلال ولا يختلف عن زواج "المسيار" المحلل لديهم أيضا ويقول ل. م، رجل أعمال سعودي :"يحق للرجل الزواج بشكل مؤقت، لاسيما إذا كانت علاقته بزوجته ليست على ما يرام" ويرى السائح السعودي صائب د. في هذا الزواج "متعة، كون المرء ينعم خلاله بعلاقة عاطفية بعيدا عن أجواء العائلة وهمومها التقليدية". أما تفضيل الكثير من السعوديين الزواج المؤقت من سوريات، فيعود، كما يقول صائب، إلى نسبة الجمال العالية بينهن من جهة، وإلى انخفاض مهورهن مقارنة بنساء العديد من البلدان الأخرى من جهة أخرى.
وعلى الرغم من أن الزواج السياحي يستوفي الشروط الشرعية من حيث الشكل، حيث يوجد شهود وموافقة ولي أمر الفتاة ومباركة أحد شيوخ الدين، إلا أنه يلقى الرفض بشكل عام في المجتمع السوري. ويعتبر الكثير من السوريين أمثال رجل الأعمال كنعان عثمان بأنه زواج تحايل على القانون، وزنى مشروع تحث غطاء ديني. ويضيف عثمان بأن "الزانية في الملاهي وغيرها تتحمل خطيئتها بنفسها، بينما زانية الزواج السياحي يتحمل القانون والشرع خطيئتها في بيت زوجية يبدو كأنه شرعي". وكان هذا النوع من الزواج قد منع من قبل مفتي الجمهورية في سوريا الدكتور بدر الدين حسون، حيث وجه كتابا إلى أئمة الجوامع طالبا منهم رفضه.
على صعيد آخر يخاف الكثيرون من هذه الزيجات، كونها تشجع ضحاياها على ممارسة دعارة مشروعة أو يشبهها على حد تعبير ملحم العاموري، الحائز على بكالوريوس في علم النفس. وتحذر رنيم معروف، الطبيبة في علم النفس، من خطر هذا الزواج على عودة الفتاة إلى حياتها الطبيعية بعد انتهائه، لاسيما وأن الكثيرات منهن يتعرضن خلاله لأضرار جسدية بسبب تعرضهن لممارسة جنسية عنيفة. وتقول رنيم بأن هذا الأذى يجعلهن يتخذن موقفا سلبيا من الرجال ويرفضن الزواج ثانية بسبب خوفهن من تكرار التجربة ثانية.