الصورة :
هنري ماتيس ، إيكاروس
كان ذلك في دمشقَ ، أواخرَ الثمانينيّاتِ، أو أوائلَ التسعينيّات .
عرفنا أن منقذ الشرَيدة أسيرُ حربٍ عند الإيرانييّن، وأنه ليس في أسوأ حالٍ . أي أن القائمين على معسكر الأسرى خفّفوا عليه ظروفَ الأسْرِ، لقاءَ خدماتٍ يقدمُها : إصلاح أبواب . نجارة أبواب جديدة لبيوت الضبّاطِ ... إلخ .
إذاً، كانت ظروفُ أسرِهِ أفضلَ قليلاً من سواه، لكن الحبس هو الحبس، على أي حالٍ .
لكننا عقدنا العزمَ على إنقاذ منقِذ :
اتّصلْنا بالصليب الأحمر الدولي، وبالهلال الأحمر الذي عن طريقه رجونا من السلطات الإيرانية إخلاءَ سبيله، وتسليمه إلى الهلال الأحمر السوريّ، في دمشق .
*
وصل منقذ إلى دمشق، واستقبلتُه كما يليق .
كنتُ التقيتُه مرةً، في بغداد .
لكن آل الشريدة هم من سَراةِ أبي الخصيب . عرفتُ أباه، عبد الوهاب الشريدة، وكان شقيقه الأكبر هشام زميلي في الدراسة، حتى إنتهاء مرحلة الثانوية، بثانوية البصرة .
*
منقذ، بالِغُ التهذيب .
بل يكاد يكون خجولاً ...
*
بعد لقاءاتِنا الأولى في دمشق، شرع منقذ يختار حياته، كما يشاء .
حاناتُ دمشق بدأتْ تغلِقُ أبوابَها بوجهه .
حياته هناك شرعتْ تضيق .
*
لم أعلمْ برحيله، في الولايات المتحدة، إلاّ بعد مجيئي إلى كندا .
لقد خسِرنا فنّاناً مرموقاً كان وراء أعمالِ نحتٍ مرموقةٍ كانت باسم سِواه .
لندن 16.09.2015