ولد فناناً، وعندما تعلم مسك القلم، بدأ ولعه في نقش اشكاله العفوية الرائعة، ثم لتتطور هذه الخربشات الى اشكال ومواضيع يتلاحم معها وينسى كل ما حوله ... في الرابعة عشر من عمره اكتشف الفنان طالب مكي موهبته، حين كانت له زيارة الى مجلة «مجلتي» للأطفال، الحديثة الصدور آنذاك، فابهرته محاولاته الجرئية، ووجد فيه مشروعاً لفنان ومبدع، أخذه من يده إلى رئيس التحرير طالبا تعيينه، ليكون ضمن فريق عمل المجلة، والذين كان جلهم من كبار فناني العراق التشكيليين المعروفين، انغمس أول الأمر، في رسوم الأطفال ( COMICS )، ثم توجه إلى رسم الكاريكاتير والـ ( ILLUSTRATIONS ) في عدد من الصحف والمجلات العراقية . وحينما واصل دراسته في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد ترسخت موهبتة، وصار بإمكاننا القول إنه فنان تشخيصي، تبرز في لوحته الصرامة الكلاسيكية التي عززها لاحقاً عندما درس في الأكاديمية العليا للفنون التشكيلية في برلين، فنال شهادتي الماجستير والدكتوراه في فن الكرافيك والرسم، افتتح 100 معرض فني مشترك و50 معرضاً خاصاً داخل العراق وخارجه .
منصور البكري، فنان ابدع في الوان فنية متعددة، الغرافيك، الكاريكاتير، البورتريه، رسوم الكتب، واغلفتها، رسم اللوحة، اضافة الى التصوير الفوتوغرافي . تنقل في مراحل فنية متعددة، تبنى فيها أساليب متنوعة تدلل على ثرائه وعمقه الفني . إذ بدأ بالأسلوب الكلاسيكي، ثم انتقل الى اسلوب التشخيص، وتوقف قليلاً عند الواقعية الفوتوغرافية، ثم استقر على التجريد الذي ينطوي على ثيمة ما، وانتهى بالتنقل بينها، بما تفرضه اللحظة ...
يتحدث البكري عن مرحلته الفنية الأولى فيقول :
عند قبولي فنانا مع هؤلاء الفنانين الكبار، أحسست إنني غادرت الطفولة وأصبحت رجلا، حينها رسمت شخصيات أصبحت جزءاً مني، مثل علاء الدين والمصباح السحري، وإحسان، وعندما سافر الرسام فيصل لعيبي إلى خارج العراق في منتصف السبعينات تسلمت مهمة رسم شخصياته، مثل نبهان الحارس .
بعد فترة من صدور مجلة مجلتي، صدرت جريدة «المزمار» التي ما لبثت ان تحولت إلى مجلة هي الأخرى وتكونت «دار ثقافة الأطفال» التي أصبحت هي الجهة المسؤولة عن اصدار المجلتين، إضافة إلى كتب للأطفال جميلة الطباعة والتصميم. بعد مجلتي، انتقل البكري للعمل في «المزمار» حيث تولى تصميم غلافها، لقد كانت دار ثقافة الأطفال بمثابة الأم الأولى والمدرسة التي رعته فنيا وثقافيا، بجو يسوده الانسجام والمحبة، بغض النظر عن الانتماءات السياسية المختلفة لأفرادها . ولكن وللأسف، لم يكن يراد لتلك الروح أن تستمر في العطاء الحر، وأخذت الخوذة العسكرية طريقها الى الفن، حينها شعر بالاختناق، بعدما فقد العمل بريقه وزادت المضايقات والتدخل في العمل الفني تحت شعار «الفن سلاح المعركة».
وعن تلك المرحلة يقول :
عندما شعرت بأن الموت يطحن أبناء جيلي غادرت بغداد في عام 1981، ومحطتي الأولى كانت ايطاليا، التي بقيت فيها عاما، ورغم مرارة تجربة الغربة الأولى، وشظف العيش، لكني تنفست الحرية واطّلعت على روائع الفن الإيطالي . وحين حل الليل في اليوم الأول لدخولي روما، رأيت أنوار المدينة التي تُدخل الفرح والجمال على أهلها، بكيت حزنا على بغداد التي خلّفتها مظلمة تخوض حربا طاحنة تجلب الموت لأبنائها . لقد اضطرتني طبول الحرب التي كانت تقرع بشدة لترك مدينتي وأصدقائي وأساتذتي الذين لم اكف عن التفكير فيهم .
ورغم انني استفدت استفادة كبيرة من وجودي في ايطاليا لتطوير نفسي كفنان، بعدما التحقت بالجامعة هناك وانهيت فصلا دراسيا، الا انني واصلت الجهود للحصول على قبول للدراسة في ألمانيا، وقد تسنى لي الدخول اليها عام 1982 وأنا أعيش فيها منذ ذلك الحين، وهنا أيضا درست في الكلية العليا للفنون، حيث انهيت دراستي الاكاديمية الثانية عام 1989 والأولى كانت في أكاديمية الفنون الجميلة في بغداد التي تخرجت فيها عام 1978 .
ويبقى الوطن هو الذي يعطي الزخم الثقافي والمعنى للّوحة، ورغم كل ما مر به الوطن من مآس وتجارب مريرة تبقى المدرسة العراقية هي الرائدة، والفنان التشكيلي العراقي هو المبدع الحقيقي، ورغم البعد عن بغداد، فإنني انجز العشرات من الأعمال، وانجزت العشرات من المعارض، وتابعت نتاج الفنانين العراقيين ...
ويختم حديثه :
أتمنى أن تزداد المعارض والورش الفنية التي من شأنها أن ترفع مستوى الابداع . أحب اسلوب الرسامين العراقيين لأنهم يمتلكون دراسة كلاسيكية جادة، واللوحة العراقية فيها خصوصية وروح، وحتى الفنانون التجريديون في العراق الذين تأثروا بالفن الأوروبي يضفون بعدا عراقيا بتفاصيل تكسبه خصوصية وتميزا، المدرسة العراقية أكثر خصوبة وتفردا تلك التي بدأها الواسطي وصولا الى جواد سليم .
يكرس منصور البكري الآن جهده للعمل متفرغاً، في مرسمه الخاص في برلين بشغف العاشق الوفي لفنه، وقد اقام 52 معرضا شخصيا داخل وخارج المانيا واشترك بأكثر من 100 معرض جماعي وعمل مشرفا ومديرا فنيا لأكثر من مشروع ومؤسسة المانية ويدير حاليا مشروع سومر الثقافي في برلين وشارك ولايزال في اللجنة الثقافية والهيئة التحضيرية لمهرجانات نادي الرافدين العراقي الثقافي في برلين ومؤسسات أخرى.
كما شارك الفنان في مهرجانات دولية مثل مهرجان الطفل الدولي في كردستان/ العراق – أربيل عام 2007 بدعوة من وزارة الثقافة، وأقام معرضين شخصيين عن ملحمة كلكامش، أولا في مبنى وزارة الثقافة العراقية ثم في المركز الثقافي الفرنسي، وكذلك شارك في مؤتمر الطفل الدولي في بغداد عام 2010 أيضا بدعوة من وزارة الثقافة ومن دار ثقافة الأطفال بالتحديد، واقام معرضا شخصيا على قاعة حوار بدعوة من الفنان قاسم سبتي مدير وصاحب القاعة كما شارك في معرض جمعية الفنانين التشكيليين لرسامي الكاريكاتير في السنة نفسها .
قالوا عنه
* قال عنه الفنان التشكيلي محمد فتاح: كنت في مرحلة الشباب اتابع رسومات الفنان الكاريكاتيري منصور البكري في مجلات الاطفال ( مجلتي والزمار ) وكانت تنتابني مشاعر الاعجاب والاستغراب لما يكنه هذا الفنان من احترام وحب للفن وبخاصة فن الاطفال".
* اما الفنان فاروق يوسف فقال : ان "منصور البكري يسرد لنا على الدوام خلال لوحاته حكاية مكتملة، ويتناول قصة لوحة وصورة شخصية يتابعها على الدوام". ان "رسومات هذا الفنان ترسم الضحكة على وجوه المتلقين لدقائق، ولكنهم من ناحية اخرى يواجهون افكاراً عميقة سواء من حيث الكاريكاتير او من حيث موضوع الرسومات".
الفنان سيروان شاكر رئيس تحرير مجلة (هونه ر) الكردية
ان لوحاته تخدم افكار معينة وتجسد تواريخ محددة، ان أعمال الفنان منصور البكري تتميز بتطورها حيث فرضت بعضها نماذج جديدة وافكار حديثة وتتسم بالدقة في التعامل مع الألوان .
* منصور البكري
1970 ـ 1980 عمل كرسام في دار ثقافة الأطفال في بغداد .
1978 تخرج في أكاديمية الفنون الجميلة ببغداد .
1978 -1982 عمل في عدد من الصحف والمجلات العراقية
1982 التحق بالدراسة الأكاديمية في برلين وأنهاها عام 1989.
منذ 1989 وهو يعمل كرسام حر ومصور فوتوغرافي .
الفنان منصور البكري
الفنان فيصل لعيبي
الفنان علي المندلاوي
الشاعر بدر شاكر السياب
الفنان سليم البصري ( ممثل )
الفنان محمد عبد المطلب ( مطرب )
الفنان كرم مطاوع ( ممثل )
الفنان عمر الشريف
الفنان سيد درويش ( موسيقي )
الفنانة زبيدة ثروت ( ممثلة )
هند رستم
انتوني كوين
الفريد هتشكوك