اعمال سلمى الخوري دعوة لرسم حياة افضل

2016-03-07
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/aa11f200-7891-49a5-934c-6f3f406cbf07.jpeg
عراقها الحبيب قلبها.. دائمة الدعاء له ان يزدهر مرتكزا على ثرواته وارثه الزاخر بالغنى، والتي تشكل حجر الاساس لوطن شامل تسوده المحبة والوئام ... اعطت الاولية لتربية اولادها، ولترتيب عش جديد في بلاد الاغتراب. ولكن اناملها التي خبرت عالم الالوان ظلت تتوق لملامسة اللوحة، اداتها لعكس اضطرابات الروح المشبعة بتتابع احداث الوطن المؤلمة.. كانت تنزوي مساءً، الى ركن صغير في دارها لترسم شخوصها.. نساء واطفال العراق اَّلذين فاقت عذاباتهم ومعاناتهم حدود التحمل..انهم في لوحتها دائمي التساؤل.. يبحثون عن امل هنا وهناك. كتبت لهم سلمى الخوري وصفة - الصبر مفتاح الفرج- علها تفتح لهم باباً لقادم امن مستقر. . حين تزور قاعة المركز الثقافي العراقي بلندن، وبامتداد لوحات سلمى الخوري، لايمكنك الا ان تشارك تساؤلات شخوصها وتأثيرهم المباشر على المتلقي.. فتسكنك عيونهم وانفعالاتهم لايام بعد مغادرتك المكان، هم يدركون وصفة المبدعة سلمى الازلية.. ويدركون جيداً انها تسلحت بها عندما حملت ثمرتيها ( بشار ودينا)، مصطحبة زوجها الفنان التشكيلي المبدع هاشم السمرجي.. وغادرت العراق ، مودعة على امل العودة ...
الحديث معها يحمل متعة التلقائية، ومتعة الإكتشاف، تدخلك عوالمها وتقودك عبر تجربتها دون تكلف ... كان مفتاح حديثنا معها سؤال تقليدي، من هي سلمى الخوري ؟
 فتجيب بتلقائية محببة :
- ولدت وعشت سنواتي الثماني الاولى في قرية بحزاني التابعة الى محافظة الموصل . تشبعت في تلك القرية ببساطة  ووداعة الناس ووضوح نيتهم، بلا  حرج ولا تكلف  أو ازدواجية ، فالحب هنالك صافٍ وبرئ، والناس داخلهم وخارجهم لا تكلف فيه ، فالكلمة  تقال على الطبيعة  بلا تزويق  أو تحوير . 
كان والدي يعمل في سلك التعليم في تلك القرية، ثم انتقلنا الى مدينة البصرة جنوب العراق حيث سيم كاهنا لكنيسة البصرة . وفي البصرة أكملت تعليمي الابتدائي والثانوي، البصرة تلك المدينة الساحلية الجميلة التي كانت تتميز بنظام أجتماعي لا يوصف، نظام مرسوم ومبني على أساس التاّلف والمحبة، فالناس في الغالب أجتماعيون منفتحون على عالم تزينه محبة الغريب وكرم الضيافة ...
وما تأثير الوالدين في حياة سلمى الخوري ؟ 
- تأثيرات الوالدين  في حياتي كان لها أكبر الأثر في نمو شخصيتي، فوالدي بحكم علاقاته الاجتماعية باعيان المدينة وزياراتهم لنا في مناسبات دينية أو اجتماعية، كان بيتنا يتحول الى ملتقى للنقاش والحديث عن مواضيع  إنسانية واجتماعية وادبية، أثرت في شخصيتي،  ونمّت  فيَّ حب الادب والثقافة العامة، وكان أن اصدر والدي مجلة دينية أجتماعية أسمها  ( مجلة السلام )  ولم تدم طويلا  لضيق ذات اليد وقلة الوارد لدعمها، فتوقفت عن الاصدار بعد فترة ليست طويلة .
كان والدي المشجع الأكبر لي في مسيرة حياتي حيث كان يشجعني على البحث  والمطالعة، أما والدتي  فبقدر بساطتها القروية  منحتني كل الحب وأخذت منها صفاء النية، وخدمة المحتاج والعطاء بتواضع لا متناه . وكان لها الأثر في تنمية تذوقي الفني من خلال تشجيعها لي عندما كنت أخيط ثياب أخواتي أو أطرز الشراشف والوسائد وأغطية  المائدة، حيث في العقد الخمسيني  لم تكن تتوفر المنتجات الجاهزة كما هي اليوم، وإن توفرت كانت أسعارها تعتبر غالية على ذوي الدخل  المحدود.
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/ed7d652f-b884-4e98-828d-3dcc0bd6ba32.jpeg
 والدراسة والتحصيل الفني هل كان  مخططا له ؟!
 - عندما أكملت دراستي الاعدادية ذهبت الى بغداد لأكمل دراستي  الجامعية، وكان ان وجدت نفسي في قسم  الفن بكلية البنات التابعة لجامعة بغداد، حيث تتلمذت على اساتذة رواد منهم الاستاذ خالد الجادر الذي كان يرأس قسم الرسم في ذلك الحين، وهو الذي اقترح وشجع، تأسيس فرع الرسم  في هذه الكلية، وأصاب فيما فعل لأنه كان  حريصا على تشجيع  الطالبات  في المدارس  المتوسطة والثانوية على تذوق فن الرسم  وممارسته مستقبلا حسب رغبتهم ما دام هنالك تدريس وتوجيه في هذا الخصوص في المدارس الاعدادية . ولا يفوتني ذكر الفنانة  لورنا سليم ( زوجة الفنان القدير جواد سليم )، هي الاخرى  كانت تشجعني وبقية زميلاتي في هذا الفرع، فالمجموعة اللاتي أخترن فرع الرسم، كن تسع طالبات ولم تكن اي واحدة منا تعلم انها ستدخل هذا الفرع، سوى  الظروف والاقدار ساقتنا لأختياره، فبعد السنة الاولى من أزدواجية تدريس الخياطة والرسم تم في السنة الثانية من دخولي الكلية أن أستجد هذا القسم  فأخترنا الأنتماء له، وكانت  الكلية قد وظّفت العديد  من المدرسين الاكفاء في شتى المواضيع، فهم في الغالب أساتذة أكملوا دراساتهم العليا في الجامعات الاوربية وصار لهم اسما في عالم الفن، إضافة الى استقدام مجموعة من الفنانين الاوربيين في أختصاصات مختلفة. بعدالتخرج مارست التعليم في المدارس المتوسطة  والثانوية في مدينة الكوت أولا ثم انتقلت  الى بغداد  حيث أتيح لي التواصل مع جمعية الفنانين العراقيين والمشاركة  مع جماعة الانطباعيين حتى عام 1981حيث انتقلنا الى لندن وكانت بداية حياة جديدة تميزت بالكفاح المتواصل لغاية التقاعد، وبحكم الكفاح لأجل القوت اليومي وتطمين مستقبل أبنتي وأبني، لم تساعدني الظروف  على ممارسة هواية الرسم  إلا بما قل ّ ودلّ، وتوسمت بمشاركات عدة مع مجموعات  مختلفة من الفنانين العرب المغتربين حتى جاء يوم معرضي الشخصي الاول على قاعة بغداد في المركز الثقافي العراقي في لندن .
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/6c90daf3-799f-44a2-8f72-c7f3838c4d81.jpeg
 ماذا  تعني اللوحة عند سلمى الخوري !؟
 _اللوحة هي شعور وانطباع، تأثير وتأثر .فبحكم الأوضاع الصعبة  التي مرّبها وطني العراق، من حروب متلاحقة ومصائب وويلات، فكانت لمعاناة الناس واوجاعهم الأولوية  في التعبير بالخط واللون، ان آلآم الانسانية تلك كانت تمزقني وتؤجج فيَّ الحقد والكراهية للسياسة الرعناء واللئيمة في أي مكان  فوق سطح الارض، لأن الضحية الأولى هي الانسان البرئ، الذي ليس له يد في كل الجرائم التي تصيب من تصيب من البشر الذي همه الأول أن يعيش بسلام مع أخيه الانسان، يأكل  لقمته ويلبس لباسه  ويسكن بيته،  بلا قلق أو رعب أو خوف .
لقد جسمت هذا القلق  والخوف ومحاولة الشعور بألامل والانفراج وحلول السلام في لوحاتي، ولكن مع الاسف ولغاية اليوم الأمور لم تنجلِ،  والمصاعب تعقدت أكثر وأكثر، والضحية الرئيسية هم الأطفال والنساء ومعيليهم .
متى، وأين، وكيف، هي تسأولات تبحث عن اجوبة في الاطمئنان والسلام، فجسدت لوحاتي، التشرد، الفقر، الجوع، العطش، الغربة القاتلة، كل هذه الآلام التي عانت منها شعوب  منطقتنا، لكن متى وكيف سنتعلم احترام انفسنا وحياتنا، وكيفية أحترام الآخر، لأننا نعرف أن المجتمع يتألف من الواحد في الكل - والكل يتألف من مجموع الواحد، وهكذا يكون الوطن.
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/117b35c6-c72d-4770-a65b-f43a5f384c6d.jpeg  
ماذا يعني العمل الفني  ؟
 - العمل الفني يتشكل من الأحاسيس المنعكسة عن صدى التأثر القادم من نبض الحياة بكل معانيها السارة  والمؤلمة، فالفنان يتفاعل مع الحدث  ويختلف رد فعل أي فنان تجاه الحدث والتعبير عنه بأختلاف تقنيات وأساليب ومواد بناء اللوحة، فكل فنان - صغر أم كبر - أشتهر أم لم يشتهر ‘ فهو يعبر عن تأثره باحداث الكون مجتمعة أو منفردة، بشكل من الاشكال، والتقييم للعمل الفني يتأتى من مقدرة الفنان الخلاقة على أعطاء المعنى لهذا  الفعل المتحرك في الكون الذي يحيط فضاءآت  هذه المكونات على وجه الكرة الارضية التي نعيش فيها وعليها . وهذا ما عمق الحس فيّ لأنني جزء من هذا الحدث ولي الحق في التعبير عنه، بما يساعد المتلقي مشاركة الاحساس الذي أحسه، والتأثر لما يدور حولنا، فاللوحة هي كتاب مفتوح نقرأ فيه، ومن خلاله، ما ينبض  بداخل نفس وعقل هذا الفنان الذي دوره في الحياة، أن يعطي ويجسد القيمة التي يستطيع من  خلالها رسم حياة افضل .
 اضغط على الصورة للتكبير

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved