"ملكة الرياضيات" حاصلة على جائزة فيلدز\ ميم

2017-10-19
أول امرأة تحصل على ميدالية فيلدز، (  نوبل الرياضيات )، قدمت عدة إسهامات لنظرية الفضاءات الوحدوية ونشرت أبحاثًا عدة في الهندسة الزائدية، حصلت على الجائزة لعملها في فهم تماثل الأسطح المنحنية، وصَفَّها البعض بخليفة أنشتاين، حيث بكلماتها الشاعرية عن الرياضيات تُذَكّر بقول أنشتاين « الرياضيات الخالصة هي شعر الأفكار المنطقية » .
فازت في دورتين متتاليتين من مسابقات الأولمبياد العالمية في الرياضيات؛ قال عنها احد المسؤولين في حكومة بلدها ( إن ساحة العلم والإنسانية تحتاج إلى هذه النابغة الفريدة ) .
 
 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/f852dcdc-72cb-4045-b6b5-075d5e2acb83.jpeg
 
شَبَّهَ كريستيان روسو، نائب رئيس الاتحاد الدولي للرياضيات، فوزها بميدالية فيلدز بفوز ماري كوري بجائزة نوبل في الفيزياء والكيمياء في أوائل القرن العشرين .
 
فازت بوسام فيلدز للرياضيات، وعن ردة فعلها على تلقيها الجائزة تقول : « لأكون صادقة، لم أكن أعتقد أن مشاركتي أمر عظيم، وعندما وصلني البريد الإلكتروني، في فبراير ( شباط ) 2014 ليخبرني بأمر حصولي على هذا الوسام العظيم، ظننت أن الحساب الذي أرسل لي ربما تم ( تهكيره ) ووصل لي البريد بالخطأ »، لكن زميلي أليكس أكسين أستاذ الرياضيات في جامعة شيكاغو له رأيًا آخر، فيقول : «الحلقات على السطوح ذات الهندسة القطعية كانت مذهلة حقًا، إنها من نوع من الرياضيين – مشيرًا إلى ميرزاخاني – الذي يعرف لحظيًا أنه ينتمي إلى المراجع » .
 
لكن ما لا يعرفه الجميع، انها حين تلقيها وسام فيلدز عام 2014 كانت على جبهة أخرى تحارب سرطان الثدي الذي أصابها قبل فوزها بعام، هي أربعة أعوام، صمدت فيها مع عائلتها في معركة ضد هذا المرض الذي يحصد أرواح 44 ألف امرأة كل عام .
 
« نورٌ أنطفأ اسرع مما يجب، وكسر قلبي »، هكذا نعى فيروز نادري، الباحث الإيراني في وكالة ناسا وفاة صديقته عالمة الرياضيات الإيرانية مريم ميرزاخاني الفائزة بوسام فيلدز في الرياضيات لعام 2014  .
ويضيف : « نابغة؟ نعم، انها نابغة، ولكنها ابنة وزوجة وأم »، لذا أن هناك أناسًا سيطول حزنهم على فراقها بعد تلاشي خبر وفاتها الرسمي عن الصفحات الإخبارية الرئيسية . مريم ميرزاخاني، من الجانب الشخصي، هي أم لطفلة جميلة الملامح اسمها آناهيتا، وزوجة للبروفيسور المساعد في علم الكمبيوتر النظري والرياضيات التطبيقية جان فوندريك، وابنة محبة لوالدين داعمين ملهمين، وأخت لثلاثة إخوة وصديقة، ودودة داعمة للكثيرين، وهو ما لم تتناقله وسائل الإعلام عند نشر خبر وفاتها .
 
يقول  سعيد كمالي ديغان مراسل صحيفة الغارديان، إن الصحف الإيرانية الرسمية تخلت عن القواعد الصارمة لملبس النساء ومظهرهن لتُظهر صورة عالمة الرياضيات مريم ميرزاخاني دون حجاب، عندما ودّعت البلاد فقيدتها التي توفيت عن اربعين عاما والملقبة بـ "ملكة الرياضيات" .
 ويقول ديغان : أن ميرزاخاني تستمر في تحطيم المحظورات حتى بعد وفاتها، حيث طالب عدد من أعضاء البرلمان الإيراني بالإسراع بتعديل قانون يسمح بمنح الجنسية الإيرانية لأبناء الإيرانيات المتزوجات من أجانب . فأن ميرزاخاني متزوجة من عالم تشيكي ولهما ابنة، وقانون إيران لا يعترف بزواج امرأة إيرانية بغير مسلم، مما يجعل زيارة ابناء هؤلاء النساء لإيران أمرا صعبا . فطالب 60 من أعضاء البرلمان بالإسراع في تعديل القانون حتى تتمكن ابنة ميرزاخاني من زيارة إيران .
 
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/db0cdf82-c540-49c7-8ad7-13d43935deee.jpeg  
ولدت مريم ميرزاخاني في طهران في الثالث من مايو ( أيار ) 1977، لم تبد أي اهتمام في الرياضيات في صغرها، كانت تقرأ كل شيء يقع بين يديها، لكنها كانت تفضل قراءة الروايات، كان حلمها أن تصبح كاتبة، لذا كانت تقول : « في كل ليلة كنت أعيش في خيال بطولات فتاة تسافر حول العالم لتحقق أهدافًا عظيمة » . لذا بعد توجهها للرياضيات تقول : 
 « بشكل ما ان الأبحاث الرياضية تشبه كتابة رواية، في الرواية هناك شخصيات مختلفة وكلما قرأت في الرواية أكثر، كلما عرفتها أكثر، الشخصيات تتطور مع القراءة، فتنظر إليها كلما تابعت القراءة وتجد كم اختلفت عن بدئ الرواية ويختلف معها انطباعك الذي يخلفه تطورها، هكذا تتطور الأمور في الرياضيات أيضًا » . 
وعن حياتها تقول : « نشأتُ في عائلة يجمعها الحب، أنا وإخوتي الثلاثة، كان والداي، داعمين ومشجعين لنا، كانا حريصين دائمًا على أن نحترف مهنًا مهمة، بغض النظر عن مقاييس النجاح والإنجازات في المجتمع » .
ورغم وضع إيران السياسي آنذاك، إلا أن بيئتي  العائلية كانت مثالية، فأخي الأكبر هو من جعلني مهتمة وشغوفة بالعلوم، فكان حين يعود من المدرسة كل يوم، يخبرني ما تعلمه من دروس، وعلقت بذهني دائماً أول ذكرى رياضية، هي كانت حينما أخبرني أخي عن معضلة 1+ 100، وعندما كان يعمل على حلها، كنت مذهولة من طريقته في حلها، وتضيف : إن هذه ربما كانت أول مرة أستمتع بإيجاد حل لمسألة رياضية، رغم أنني لم أحلها بنفسي على أية حال .
 
مريم ميرزاخاني
 
في المرحلة الإعدادية، التقت مريم بصديقة عمرها رويا بهشتي والتي تعمل الآن أستاذة في الرياضيات في جامعة واشنطن، تقول رويا: « كان أداء مريم ضعيفًا في صف الرياضيات في العام الاول من المرحلة الإعدادية، وقد أدى ذلك إلى فزعها، لم يكن مدرسها يعتقد أنها تمتلك الموهبة الكافية وذلك ما أضعف ثقتها بنفسها »، وتقول مريم : « في هذه المرحلة يكون في غاية الأهمية أن يؤمن بقدراتك الآخرون، لذا في هذه المرحلة فقدت اهتمامي بالرياضيات »، وتضيف رويا : لكن في العام الذي يليه تغير مدرس الرياضيات بآخر أكثر تشجيعًا، فتطور أداء مريم كثيرًا ومنذ العام الثاني أصبحت مريم كالنجمة .
 
في المرحلة الثانوية درست ميرزاخاني في مدرسة فرزانگان للمتفوقات، التابعة للهيئة الوطنية لتطوير المهارات الاستثنائية، في طهران بإيران، وقامت بإقناع مديرتها بأن تنضم إلى أولمبياد فريق الأولمبياد الدولي الإيراني للرياضيات بعد أن حصلت على مجموعة أسئلة من مسابقة الأولمبياد وتمكنت من حل بعضها، ففي عام 1994 خلال دراستها في المرحلة الثانوية حصلت على الميدالية الذهبية على مستوى إيران في مجال الرياضيات لتنضم عام 1995 إلى الفريق الوطني الإيراني في الرياضيات فكانت هي وصديقتها رويا أول فتاتين تنضمان إلى هذا الفريق، ثم تتابعت النجاحات، عام 1994 حصلت على الاعتراف الدولي بعد تلقي الميدالية الذهبية في هونغ كونغ، وكان عمرها حينها 17 عامًا، وسجلت 41 نقطة من 42، لتحتل المرتبة 23 بالاشتراك مع خمسة من المشاركين الآخرين، وفي الأولمبياد الدولي للرياضيات بمدينة تورنتو بكندا عام 1995 حصلت على الدرجة الكاملة 42 نقطة من أصل 42، لتحتل المرتبة الأولى بالاشتراك مع 14 شخصًا آخرين .
 
حصلت ميرزاخاني على البكالوريوس في الرياضيات عام 1999 من جامعة شريف للتكنولوجيا في طهران، وتقول عن تلك الفترة: « لقد التقيت بالكثير من الرياضيين الملهمين والأصدقاء في جامعة شريف، كان الأمر مليئًا بالتحديات وكلما أمضيت وقتًا أطول في الرياضيات زاد حماسي أكثر »، وتكمل مريم : « في هارفارد كان تخصصي بدايةً في الجبر والرياضات التوافقية، لكنني كنت فيها دون المستوى مقارنة بالطلاب الذين أنهوا مرحلة البكالوريوس في هارفارد وكان الأمر بالنسبة لي صعبًا جدًا » .
بدأت مريم في متابعة محاضرات البروفيسور كرتس مكملن، الحاصل على وسام فيلدز في الرياضيات وبدأت تهتم بمحاضراته وتناقشه فيها وبدأ من هنا اهتمام ميرزاخاني بالهندسة الزائدية وكان اهتمام مكملن بها وتشجيعه لها بلا حدود، وقد قال عنها إنها تتخيل في ذهنها صورة كاملة عما يجب أن يحدث ثم تأتي إلى مكتبه وتقوم بوصف هذه الصور وفي النهاية تنتبه إليه وتسأل: أليس كذلك؟ يقول مكملن: كنت أشعر دائمًا بالإطراء لأنها تعتقدت أنني سأعرف الإجابة .
 
حصلت ميرزاخاني على الدكتوراه من جامعة هارڤارد عام 2004، كما كانت زميلة أبحاث في معهد كلاي للرياضيات وأستاذة في جامعة پرنستون، ثم أستاذة في جامعة ستانفورد قدمت فيها ميرزاخاني عدة إسهامات لنظرية الفضاءات الوحدوية ونشرت أبحاثًا عدة في الهندسة الزائدية .
 
وسام فيلدز في الرياضيات
 
يمنح وسام فيلدز كل أربع سنوات، ويعادل جائزة نوبل في العلوم لتخصص الرياضيات، أسس الجائزة عالم الرياضيات الكندي جون تشارلز فيلدز عام 1936 ومنحت لـ14 رجلًا حتى أغسطس ( آب ) من عام 2014 عندما فازت مريم ميرزاخاني بوصفها أول امرأة منذ 78 عامًا، وسلمته إياها رئيسة كوريا الجنوبية باك جون هاي، وهي أول امرأة تتقلد هذا المنصب، وقد حصلت على الوسام لعملها في فهم تناظري الأسطح المنحنية .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved