مناضلة فلسطينية اسمها عصام عبد الهادي\ عين

2013-12-26

 //api.maakom.link/uploads/maakom/originals/f05f4740-ae42-4e5a-b4b2-4c16167bb90e.jpegلم يقتصر دور عصام عبد الهادي على النضال في الوسط النسائي من اجل حقوق المرأة الفلسطينية ، بل تعدته من اجل حقوق الشعب والوطن، ولذلك كان طبيعيا ان تحصل السيدة المناضلة على جائزة ابن رشد للفكر الحر عام 2000، اعترافا بمسيرتها الكفاحية الممتدة على مساحة ثمانية عقود من العمل المتواصل، داخل فلسطين وخارجها .

 اطلق عليها والدها اسم "فاطمة عصام" لكنها تخلت طوعيا عن اسمها الانثوي الاول، وقدمت نفسها "عصام عبد الهادي" التي احتلت موقعا اثيرا في اوساط بنات جنسها بشكل خاص، وفي المجتمع الفلسطيني والعربي بشكل عام .

 فانخراطها في العمل السياسي والنقابي والاجتماعي دفع بها للتخلي عن اسمها الاول"فاطمة" لكنها كانت تتشبث بهذا الاسم عند مرورها على الحواجز الاسرائيلية التي تلاحق سيدة اسمها "عصام عبدالهادي" وكثيرا ما نجحت بالافلات من الاعتقال بسبب اسمها المركب .

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a0d06d8e-15dc-4936-a079-db77c6b0aff9.jpeg

ولدت في مدينة نابلس عام 1928، واستطاعت ان تحصل على قسط جيد من التعليم، رغم الظروف الاجتماعية القاسية التي طبعت المجتمع الفلسطيني المحافظ في ثلاثينيات القرن الماضي واربعينياته، حين كانت فلسطين تخوض معركتها في مواجهة العصابات الصهيونية وجيش الانتداب البريطاني .

وجدت عصام عبد الهادي نفسها في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي لمدينتها، فتحول نشاطها السياسي والاجتماعي الى العمل على تحسين ظروف المرأة، حتى تتمكن من تحصين الاسرة، ليستمر الشعب الفلسطيني في كفاحه، ووجدت نفسها تقود التظاهرات والاعتصامات وتلقي الخطابات التي كان لها تأثير مباشر، ليس لدى نساء مدينتها فقط، بل لدى النساء الفلسطينيات بشكل عام، ما دفع سلطات الاحتلال لاعتقالها مع ابنتها فيحاء، ومن ثم إبعادهما الى الاردن عام 1969، بعد ان تعرضتا لصنوف قاسية من التعذيب، لتنضما الى قائمة المبعدين، وتستقبلهما فصائل المقاومة التي كانت تنتشر في الاردن.

  وفي عام 1993 وافقت السلطات الاسرائلية على عودة عصام عبد الهادي مع عدد من المبعدين الفلسطينيين الى ديارهم

اقترنت عصام عبد الهادي بالسيد قاسم عبدالهادي الذي تفهم دورها الوطني والاجتماعي وساندها ووقف الى جانبها لتتمكن من إكمال مشوارها الطويل، وأنجبا ولدين هما فيصل وسعد، وبنتين هما فيحاء وفادية، لكن السيدة النابلسية وعائلتها فجعت عام 2006 برحيل الابن الاكبر فيصل الذي ترك غيابه جرحا نازفا في قلب الام التي حملت اسمه كنية لها.

لم تتصرف السيدة عصام عبدالهادي في المواقع العديدة التي شغلتها بالعقلية الحزبية او الفصائلية، وحرصت على ان تكون "جامعا"لكل الاطراف التي فرقتها المواقف السياسية، من اجل قضية الوطن، وتشهد على ذلك السيدات اللواتي عملن معها في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية الذي ترأسته سنوات طويلة، او في منزلها الذي عادة ما يتحول الى صالون سياسي يضم مختلف الوان الطيف السياسي .

احتلت موقعها في المجلس الوطني الفلسطيني وفي غيره من المؤسسات الفلسطينية، وتنقلت بين عمان ودمشق وبيروت وبغداد والقاهرة والجزائر وتونس وغيرها من العواصم العربية والاجنبية، لشرح قضية وطنها من خلال التركيز على قضية حقوق المرأة الفلسطينية، التي تعتقد عصام عبد الهادي انها مرتبطة ارتباطا وثيقا بحرية الوطن واستقلاله .


//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/b46863ba-48d3-416b-b0eb-fc11effb25b2.jpeg

شاركت في عدد كبير من المؤتمرات والندوات واللقاءات الخاصة بحقوق المرأة وحريتها، بحكم موقعها في قيادة الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، في شرق الكون وغربه، وقد استثمرت تلك المشاركات لفضح جرائم الاحتلال ، وتقديم صورة ناصعة لنضال المرأة والشعب الفلسطيني .


في التاسع من كانون الأول لعام 2000 منحت عصام عبد الهادي للمرة الثانية جائزة مؤسسة ابن رشد للفكر الحر. وتمشيا مع تقاليد مثلها الاعلى، الفيلسوف والعالم العربي أبي الوليد ابن رشد (1126-1198)، فقد وضعت مؤسسة ابن رشد للفكر الحر نصب عينيها هدف دعم الفكر الحر والديمقراطية،  فقدمت الجائزة للعام 2000 تكريما لشخصية تميزت بقدر كبير في الكفاح من اجل حقوق المرأة في العالم العربي.. 

وخلافا للنهضة النسائية الغربية فان المطلب الفردي في تحقيق الذات لا يحتل المكانة الأولى لدى المرأة الفلسطينية في نضالها من اجل التحرر، بل يظل تحقيق حريتها وسعادتها وتحسين ظروف معيشها في إطار الأسرة بالإضافة لتحرير الوطن همها الشاغل . وبكلمة أخرى فان نضالها يتجه نحو الخطوات الصغيرة الأولى، لينتقل بعدها إلى تحقيق المطالب القصوى .


 بدأت عصام عبد الهادي حركتها التحريرية النسائية بخطوات واقعية تركزت على الأوضاع الاجتماعية المحلية، لتحسين ظروف حياة المرأة الفلسطينية. وكما هو الحال لدي جميع النساء الفلسطينيات، فإن الكفاح من اجل حقوق المرأة يرتبط لدىها  دوما وبالدرجة الأولى أيضا بالكفاح من اجل الاستقلال الوطني. وتنجم عن ذلك بصورة بديهية المطالب القصوى الخاصة بتحقيق العدالة والمساواة للمرأة، فهل هناك مطلب اكثر إلحاحا من أن ترسخ حقوق المرأة في قانون الدولة الفلسطينية المقبلة؟ لقد بذلت السيدة عصام عبد الهادي كل الجهود لبلورة هذه المطالب وترسيخها للمرأة الفلسطينية .




عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved