يعتبر مسجد الحسن الثاني، وبحق، معلمة دينية ومعمارية فريدة، شيدت فوق الماء، تبهر الناظر ببنائها الشاهق وبدقة هندستها، التي برع في إنجازها صفوة المهندسين والمبدعين في مختلف المهن العصرية والحرف التقليدية المغربية الأصيلة
لقد استخدم في بناء هذا المسجد، خمسة وستون ألفً طن من الرخام، أما الأعمدة فعددها ألفان وخمسمائة، وتتسع صالة الصلاة، بمساحتها ال 20.000 متر مربع، ل 25.000 مُصلي، إضافة إلى ثمانين ألفًا في الباحة. كما يتوفر المسجد على تقنيات حديثة, منها السطح المتحرك أوتوماتيكيا (للفتح و الإغلاق).
وتشكل الأبنية الملحقة بالمسجد مَجْمَعًا ثقافيّا متكاملاً، بالإضافة إلى زخارف "الزليج" أو فسيفساء الخزف الملون على الأعمدة والجدران وأضلاع المأذنة وهامتها والحفر على خشب الأرز، الذي يغلف صحن المسجد، وأعمال الجبس المنقوش الملون في الحنايا والأفاريز.
- تزين صحن المسجد سلسلة من القباب المتنوعة التي عُلقت فيها ثريات من البلور، ويعلوه سقف إذا فتح أصبحت القاعة صحنا واسعا مفتوحا على السماء.
- تضاء قاعة الصلاة عبر سلسلة من الأبواب الزجاجية في الجدار الشمالي ومجموعة من الشماسات المرمرية الفخمة وثلاث فتحات مصنوعة في إطار خشبي مقوس.
- تتميز المنشأة بارتفاع الأعمدة (13 مترا) وتنوعها من حيث الشكل ووفرة القباب، وهذا المجال برمته يكسوه زليج فاقع ألألوان، وبجبس منحوت مستمد زينته من أنواع الزهور والهندسة والخط الدلالي والمرمر، وأيضا من الخشب المصبوغ والمنقوش.
يقع المسجد في ساحل مدينة الدار البيضاء، بالمغرب، وهو أكبر مسجد في البلاد وسابع أكبر مسجد في العالم، مئذنته أندلسية الطابع ترتفع 210 متر(689 قدم) وهي أعلى بناية دينية في العالم .
شرع في بنائه سنة 1987 م وأكمل بنائه ليلة المولد النبوي يوم 11 ربيع الأول 1414/30 أغسطس 1993، في فترة حكم ملك المغرب الحسن الثاني .
استعملت التقنية إلى أقصى الحدود، خدمة لصناعة البناء وللصناعة التقليدية المغربية ويقدر ذلك بـ 2,500 عامل و 10,000 صانع تقليدي و 50,000 ساعة عمل. وهكذا فإن رافعة الأثقال التي تعتبر أعلى رافعة في العالم قد صيغت لتتناسب مع العلو الكبير للصومعة ذات الفانوس والجامور اللامعين، البالغ ارتفاعها مائتي متر.
إن مسجد الحسن الثاني هو ثمرة لمجموعة متلاحقة من البنايات والمنشآت الإسلامية في سياق إحياء الثرات الأندلسي وتجديده. وبخاصة منها المغربية. ويستمد مكانته وجمال مظهره من جامع القرويين بفاس، ذلك الجامع الذي يبلغ من العمر أكثر من ألف سنة، كما أنه يرث كثيرا من رونق صومعة حسان بالرباط، وصومعة الكتبية بمراكش، والخيرالدة بإشبيلية وجميعها أقامها السلطان الموحدي يعقوب المنصور. وتشترك المدارس المرينية مع مسجد الحسن الثاني في احتواء كل منهما على خزانة. لكن المتحف الذي يعتبر امتداداً للخزانة يجعل منه مركباً ثقافياً حقيقياً يضفي ثراء على مجموع البناية وهي تؤدي رسالتها الدينية. ويرتبط مسجد الحسن الثاني بالعنصر البحري الذي يضفي عليه طابعاً خاصا مع التركيز على إشعاع الإسلام في كل من المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط ..
الصومعة الأكثر ارتفاعا في العالم
إن صومعة مسجد الحسن الثاني، المشيدة حسب التقاليد العربية الأندلسية، تنفرد بارتفاعها وحجرها الرخامي الذي يكتسيها وبالأقبية والجامور اللذان يعتليانها، حيث تصل إلى علو 210 مترا، مما يجعلها أكبر صومعة في العالم. وفي قمتها نجد شعاع ليزر موجه نحو القبلة، حيث يبلغ مدى إشعاعه 30 كيلومترا.
وقد مكن هذا العمل الضخم من ربح مساحة 12 هكتارا في البحر. وقد تطلب وضع أسسه000 26 مترا مكعبا من الخرسانة و000 59 مترا مكعبا من الصخور لمواجهة تأثير الأمواج .
رمز التسامح والسلام
يتألق مسجد الحسن الثاني في سماء الفن الهندسي العربي الأندلسي بزخرفة مساحاته الخارجية والداخلية ويعتبر رمزا للسلام والتسامح . إن كافة عناصر هذا المعمار الذي يعتبر جوهرة الصناعة التقليدية المغربية، معمولة من الزليج متعدد الألوان ذات تركيب هندسي، والجبس المرصع والرخام والخشب المنحوت والمصبوغ شيد الجزء الأكبر منه فوق الماء وتطلب ثلاثين الف عاملاً، وصانع تقليدي يجمعون بين مهارة الصناعة التقليدية والتكنولوجيا المتقدمة، قضوا 50 مليون ساعة عمل لبنائه وأصبح أحد أكبر مساجد العالم. .
ولادة جديدة للفنون التقليدية المغربية
وهكذا، فإن هذا التحدي الرائع سمح، بالخصوص، بولادة جديدة لفنون الصناعة التقليدية المغربية، كما تبين ذلك قظع الزليج والألوان الأكثر إضاءة والبراقة كالعادة، التي تكسو الواجهة الخارجية للصومعة، أو أيضا الأقبية من خشب الأرز والزان المرصعة بشكل دقيق والمزخرفة للسقف المفتوح على قاعة الصلاة.
إن مسجد الحسن الثاني المتميز بغنى ديكوراته، هو متميز أيضا بنبل مواد التلبيس الخارجية المنتقاة لتجعله يواجه عاديات الزمن: أبواب تذكارية من معدن التيتانيوم والبرونز والترافيرتان المنقوش في الواجهات مع كساء الفسيفساء في تجويف الزخارف لتشكيل المجسم والتبليط والرخام والغرانيت.
اضغط على الصورة للتكبير