يقول ابن خلدون في مقدمته.."ان الحكمة من وراء تيه بني اسرائيل في الصحراء اربعين عاماً..
هي نشوء اجيال جديدة قوية العزم والارادة قادرة على تغيير واقع الشتات والخوف.."
وتنفي الاجيال القديمة والتي رفضت الانصياع لموسى عندما اراد محاربة العماليق أو الجبارين..
ولكن..عندما نضع امام الحمار كومة قش بجانبها كومة ذهب فانه سوف يفضل بكل سرور وطمأنينة القش كما يقول الحكيم القديم :
فهل من المعقول ان ننعت الحمار بالغبي والجاهل ؟؟
في نفس الوقت :ثمة صوت اوبرالي برفقة غيتار يغني في بقايا فراغ ..في انتفاء عدم..يغني بحزن جنوني تأكيد الوجود الدامي واثبات التكرار الدائم لطقس هابيل و قابيل .
يغني في حضرة اخٍ يبكي اخيه ..فبعد ان قتله بيديه هاهو يحتضنه بذراعيه مفجوعاً :
كما ان ..نيتشه يقول على لسان زرادشت :"ليس من الانسانية ان يترفع المظلوم عن الانتقام :"
مخيفة هي هذه الحكمة الجميلة .
وأما ..يسوع الفلسطيني صاحب التراب والدم العاشق والزيتونة ابنة النور والسماء فيقول:
"ويا ملح الأرض لاتفسدوا فان كل شيئ اذا فسد يداوى بالملح وان الملح اذا فسد فليس له دواء"
السيفان يخترقان الارض الان فيثخنان وبفلسطين ذات الانبياء والكلمات يكفران :
فباي وحدة وطنية يأتيان؟؟؟؟؟؟؟
ستون عاماً ونحن ننتظر كي نعود وننتصر ..
ونحن الان بحاجة لأربعين أخر كي نتوحد..
أنه لمن الظلم والمكر والسخرية..فقرنُ من الزمان كثيرُ على شعب يعتبر الوقت من ألد أعدائه..
فبمقدار ما يوغل الزمن فينا ونحن فيه نوغل ..بمقدار ما نفقد شيئاً فشيئاً قيمنا ومبادئنا ونسيئ أكثر لانثانا وعشاقها من شهداء وقديسين ومجانين وأنبياء ..
عندما نتعمق في الماساة الفلسطينية نكتشف اننا في حضرة اندلس اخرى ..
اندلس فاتنة يانعة تخفي جرحها بابتسامة أم تعتذر لولدها عن اساءته وطعنه لها قائلة .. انه مجرد طفل عابث لا يقصد اهانتي وقتلي.. غداً سيكبر ويعقل وسيدرك مدى غباء شقاوته عندما يمضي بلا براءه.."
اندلس اخرى لدرجة ان الفصحاء والبليغون منا يستخدمون في مناشداتهم وموشحاتهم الوحدوية اشعار اندلس المفقودة مثل بيت من قصيدة لأبن شرف الاندلسي يقول فيه..:
القاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخاً صورة الاسد.."
انها هي بالفعل..الاندلس..ذات الجمال الغض والنضارة والجرح بلا طهارة ومن كان بلا عصيبة فهو خاطئ ..
ومن كان بلا قبيلة فهو خاطئُ ايضاً..ابحثوا اذن عما يليق بالوطن من دمار وضياع .
كما انه .. لم يعد هنالك ثمة محمود درويش لكي يقوم بدور اشباه الوطن بكلمات عاشقة تحرس وطنه .. درويش الذي ما فتئ يقول :
"تذكر، لتكبر ،نفسك قبل الهباء..تذكر..تذكر..اصابعك العشر،وانسى الحذاء..تذكر ملامح وجهك وانسى ضباب الشقاء..تذكر مع اسمك، امك وانسى حروف الهجاء:
تذكر بلادك ،وانسى السماء تذكر تذكر ..""
بني وطني..يابني الانثى المقدسة..
اما ان لنا ان نترجل عن اوج الجنون والزيف والهذيان ..
اما ان لنا ان ندرك التيه..ان نعرف اكثر.
فالمعرفة هي ان نتعب..ان نحزن ..
ان نعشق اكثر..
ان نتغير لنتحرر...
الأسير باسم الخندقجي
سجن جلبوع المركزي