عندما تصل إليها لا تواجهك إلا التلال الجرداء التي تشبه تضاريس وجه القمر, لا أثر فيه للحياة، لكن سرعان ما تكتشف أن الحياة وكل مضاهرها موجود في حفر غائرة تحت الأرض، قرية كاملة تعيش في باطن الصخور الرملية، كل حفرة هي منزل مكون من باحة رئيسية تزينها الرسوم، وتتفرع منها حفر أخرى هي بقية غرف المنزل، أما من الداخل فتلك البيوت الصخرية أو الكهوف المدهونة جدرانها باللون الأبيض الخالص تكون رطبة مع شيء من البرودة الخفيفة في الصيف مما يحمي ساكني هذه الكهوف من الشمس الحارقة في تلك الصحراء القاحلة. بعض من هذه المنازل الجبلية تحول إلى فنادق مريحة وفريدة من نوعها. وعندما تهبط على منحدر ضيق يقودك إلى باب المنزل، أو بالأحرى الحفرة، كثيراً ماتستقبلك امرأة عجوز بالترحاب, وتعطيك قطعة من الخبز الذي صنعته بيدها. حيث تعوَّد أهالي القرية على فضول الغرباء بل أصبح هذا مصدر رزق لهم, معظمهم غادر هذه الحفر ولجأ إلى بيوت الإسمنت في مطماطة الجديدة، ولكن مازال هنالك حوالي خمسمائة منهم تحت الأرض، يتحملون غزوات السياح اليومية، وفضول الغرباء ووقوفهم عند حافة الحفر، وهم يصورون دقائق حياتهم . والوصول إلى هذه الكهوف وتفاصيلها، من ممرات وما يشبه الغرف، يكون عن طريق أنفاق أو سلالم والتي من الممكن ان تزال عند الشعور بالخطر.
تقع مَطْمَاطَة في الجنوب الشرقي التونسي. جنوب غرب مدينة قابس، وهي تابعة لولاية قابس. وهياكلها النموذجية يتم بنائها عبر حَفر حفرة كبيرة في الأرض. وحول محيط هذه الحفرة توجد كهوف محفورة لاستخدامها كغرف، وكذلك توجد بعض المنازل التي تضم حفرا متعددة ويربط بينها خندق أو ممر تحت الأرض. هذا النوع من المنازل أصبح شهيرا لأنه كان موقع منزل عائلة لارس: لوك سكايوالكر، وعمته بيرو لارس وعمه أوين لارس في سلسلة أفلام حرب النجوم. منزل عائلة لارس كان في الواقع نزل سيدي إدريس، الذي يوفر منازل تقليدية أمازيغية .
( مطماطة ) قبيلة بربرية قديمة، لم تستطع أن تقاوم جحافل بني هلال، ولم تستطع التأقلم معهم، فهاجر أهلها إلى هذه المنطقة الوعرة، وحفروا بيوتهم في باطنها حتى لا يراهم أحد، وكي يتأقلموا مع المناخ، فباطن هذه الحفر كان دوما رطبا في الصيف، ودافئا في الشتاء، ومن المؤكد أنه كان رحيما بهم أكثر من الأماكن الآخرى. وقد اكتسبت (مطماطة) شهرتها العالمية من خلال فيلم (حرب النجوم), الذي صور في بيوتها الغريبة عام 1970, وبدت بيوتها على الشاشة مثل أصداء كوكب خيالي. كما كانت مطماطة معقل الفلاقة الذين حملوا السلاح ضد الاستعمار الفرنسي تحت قيادة محمد الدغباجي، وكان مع العديد من زملائه من سكان مطماطة. ثم بعد الاستقلال في 1956، أعلنت الحكومة بأنها ستحاول نقل سكان الجبال إلى المدن الجديدة الواقعة على هضبة مثل مطماطة الجديدة والزراوة الجديدة، ولكن غالبية السكان فضلوا الاحتفاظ بمنازلهم بالقرب من حدائقهم التي تطفو في الجبال .
تاريخ هذا المكان غير معروف جدا، إلا من القصص الخرافية التي تُنقل من جيل إلى آخر. على أية حالة، بقيت هذه القرية مختبئة في منطقة عدوانية لقرون عديدة .
طرق العيش في تلك المنطقة كانت صعبة: حيث تشتهر تونس بإنتاجها الكبير لزيت الزيتون، وكان الرجال هناك يبحثون عن العمل في شمال القرية كل ربيع، عند بداية موسم الزيتون، ويعودون إلى منازلهم في الخريف، عند نهاية الموسم. وكانوا يأخذون في المقابل الزيت، الذي يبادلونه بمواد أخرى (حاليا بالمال)، ويوفرون طعاما وملابس كافية لتعيش عائلاتهم حياة عادية .
تقع قرية مطماطة في تونس، سكانها من البربر. وتعد قرية مطماطة من الأمثلة البارزة على فن العمارة المنتشر في مجموعة من القرى الصحراوية في شمال أفريقيا، وهو نمط يتمثل في بناء الكهوف العمودية . فالقرية عبارة عن كهوف حفرت عمودياً من الطوب الرملي الناعم. ويوجد أمثلة من هذا الفن في المغرب وليبيا وفي مناطق أخرى من تونس إلا أن قرية مطماطة هي التي تحتوي على أكبر عدد من هذه الكهوف - ما يزيد على مائة كهف - ولكنها بدأت تقل تدريجياً لتحل محلها المنازل العادية.
اضغط على الصورة للتكبير