سألقي بكرتي هذا الأسبوع في ملاعب ''السيداو'' بجنيف بعدها أحلق مع فراشاتي في ساحة الجمعيات النسائية متمنية أن يكون كلامي خفيفاً ومقبولاً خصوصاً في قسمه الأخير.
وصلني نص البيان الصحافي للمجلس الأعلى للمرأة الذي وزع أثناء المؤتمر الصحافي الذي عقده المجلس حول مجريات الأمور عند مناقشة التقرير الرسمي لإنفاذ اتفاقية جميع أشكال التمييز ضد المرأة. ويفهم من البيان نفي تام للتعهدات التي أبداها المجلس في جنيف حول مسائل متعددة منها رفع التحفظات والانضمام إلى البروتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية وتعديل قانون الجنسية بما يضمن حق الأم المتزوجة من أجنبي ومنح جنسيتها لأبنائها. وهنا أقول إن الوفد الرسمي أعطى وعوداً والدليل على ذلك طلب أعضاء لجنة ''السيداو'' من الوفد تحديد فترة زمنية لتنفيذ تلك الأمور. لأنه لو لم يفهم أعضاء ما قيل على أنه وعود أو تعهدات فلن يكون هناك أحد ليطالب بتحديد إطار زمني للتنفيذ. على العموم لن يحسم هذا الجدل إلا صدور محضر الاجتماع وتوصيات لجنة السيداو.
نبقى بين البحرين وجنيف والخبر الذي نشرته صحيفة ''الأيام'' الصادرة بتاريخ 01 نوفمبر/ تشرين الثاني 8002 حول اجتماع المدير الإقليمي والدولي بجمعية البحرين لمراقبة حقوق الإنسان مع لجنة مناهضة التمييز ضد المرأة بالأمم المتحدة بجنيف.
وسؤالي هو لماذا الاجتماع خارج إطار مناقشات اللجنة لإنجازات مملكة البحرين؟ ولماذا لم يحضر وفد من مراقبة حقوق الإنسان لدى مناقشة تقارير المنظمات الأهلية خصوصاً وأن الجمعية قدمت تقريراً ونشرته في الصفحة الإلكترونية للسيداو؟ أعتقد أنه احتراماً للقراء الحق في معرفة سبب غياب جمعية المراقبة. ثم إنني أعرف أن أعضاء لجنة السيداو مشغولون للنخاع. وهم لا يعقدون اجتماعات مع أشخاص أو منظمات إلا في الإطار الزمني لاجتماعاتهم؟ فكيف تسنى لجمعية مراقبة حقوق الإنسان الاجتماع باللجنة كاملة العدد وهي التي من كثر مشاغلها وضيق وقتها لم تعطِ إلا عشر دقائق لكل منظمة أهلية من كل من البحرين والبرتغال والسلفادور ومينمار لعرض تقاريرها؟.
- أشكر الأخت منى فضل التي علقت على مقالي الأسبوع الماضي حول ''زمن الفراشات''. وأشاركها في تألمها لما آلَ إليه وضع الحركة النسائية من تفكك. كما أشاركها دعوتها ''لتجاوز الأنا والذات الضيقة للعمل من أجل القضايا الأكبر والأهم والأكثر جدية بما يحقق المزيد لنساء البحرين''. فدعوتي بطرق الحديد وهو ساخن لا يستوي مع رفرفة جناح فراشة هنا وفراشة هناك بحسب تعبير الأخت منى.
في السابق ورغم قيود قانون أمن الدولة كانت الجمعيات النسائية كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً سواء بين الجمعيات بعضها ببعض أو بين عضوات كل جمعية على حدة. اليوم ورغم وجود هامش من حرية الحركة قد يضيق أو يتسع حسب الظروف، ورغم وجود الاتحاد النسائي البحريني فإننا لا نلمس تواصلاً حقيقياً بين الجمعيات أو بين أعضاء الجمعية الواحدة (هذه ليست حالة عامة ولكنها تتعمق في جمعيات محددة لن أذكر اسمها حتى لا أتهم بالتشهير). ولا تزال الحال تسوء مهددة تلك الجمعيات بأن تكون خراباً تنعق فيه الغربان.
شخصياً حاولت أن أدق ناقوس الخطر. وكانت أولى محاولاتي مع شخصية قيادية كبيرة اعتقدت أنها قادرة على احتواء المشكلة قبل أن تستفحل. ولا أزال أحاول هنا وهناك ولكن لا حياة لمن تنادي. أعرف أن كلامي هذا لن يعجب الكثير وقد يشاركني في هذا الهم بعض العقلاء. لكني أدعو عضوات الجمعيات النسائية قبل أن يصببن نار غضبهن عليّ أن يتجاوزن الأنا والذات الضيقة، وأن تمسك كل واحدة منهن بورقة وقلم وتختلي بنفسها في محاولة للإجابة وبصدق على ما يأتي: ماذا قدمت لجمعيتها منذ مطلع الألفية إلى الوقت الحالي؟.
ما موقفها من الخلافات التي حدثت وتحدث في جمعيتها؟ ما أسبابها؟ وما دورها في تعميقها أو القضاء عليها؟ هل كان من الممكن تلافيها؟ هل دفع الإصرار عليها بالعمل النسائي قدماً أم العكس؟ ما أسباب هروب العناصر الجديدة التي اتجهت للجمعيات النسائية في بداية الانفتاح؟
أسئلة كثيرة تحتاج لأن تجيب عليها بتجرد وصدق كل ناشطة في العمل النسائي؛ مع محاولة لتلمس طريق الخلاص، وذلك قبل أن تحترق فراشاتنا أو قبل عقد أية حوارات جماعية ومؤسسية لمحاولة وضع قطارنا على الطريق الصحيح.