لا أدري كيف استدار كلام جارتي إلى المقهى وهي تحدثني عن طفولتها وكيف كان يصطحبها والدها أحيانا إلى المقهى وهي في الأول الابتدائي .. تحدثني الجارة بهدوء طري كأنها تنزلق صوب تلك المقهى ..
تحدثني وعيناها هناك تنتظر ( بطل البيبسي ) البارد يقدم لها بحفاوة وقدماها تتأرجحان وهي تجلس على حصير المقهى ..
ما أن تدخل مع والدها حتى تخفت الأصوات ويتوقف مزاح الشتائم والسباب بين رواد المقهى.. كل ذلك لأن بينهم تجلس طفلة .. وكأن عليهم أن يحافظوا على صورتهم الداخلية أمامها، فهم أنقياء وبسطاء لا يعرفون من الحياة سوى الكدح اليومي والمقاهي وصالات السينما والعودة لبيوتهم آمنين ..
ذات يوم كانوا يستعينون بأبي في حل مشكلة عائلية وكانت أصواتهم أقرب للهمس، لكن ما أن لفظ أحدهم اسم امرأة هي سبب المشكلة العائلية، حتى كادت الأصوات ان ترتفع، إذ رغم الخلاف بين الطرفين لكنهما شجبا تصرف الشخص الذي لفظ اسم امرأة في مكان رجالي عام واعتبروا ذلك منافيا للعرف الاخلاقي وطلب الطرفان من الشخص المعني أن يقدم اعتذاره ..
فبدأ أولاً بتقبيل رأس والدي ثم معانقة الطرفين واحدا واحدا ... أثناء ذلك نهض احد الحاضرين كانوا ينادونه ب( الاستاذ ) وعرفت فيما بعد انه من رجال الثقافة في المدينة . وتوجه صوب والدي.. أنتم، وأشار لوالدي والجالسين قربه.. أنتم تعطون الثقافة درسا في الأخلاق ..
لذا أسمحوا لي وأنا اتعلم درسا بالمجان أن يكون ( جاياتكم ) على حسابي...