ربما مَن لم يقرأ بيسوا، سيكون عمل الروائي أنطونيو تابوكي في روايته (هذيان) عملا ً ماتعا..
لكن بالنسبة لمن في تواصل مع كتب فرناندو بيسووا، وتكرار قراءة كتبه، وما كتب عنه وعن كتبه، ستكون هذه القراءة عاطلة عن الدهشة والإمتاع . والسبب أن المؤلف تابوكي اقتصر عمله على تجميع مختصرات من أعمال بيسووا وحياته وحياة الشخوص الذين كان بيسووا يصدر كتبه باسمائهم : ( البدلاء) وكل ذلك منشور في أكثر من كتاب، سواء الكتب التي تناولت كتاباته نقديا أو الكتب التي تناولت سيرته . وإعادة صياغتها روائيا، حين مرض بيسووا ورقد في المستشفى، رأى شخصيات بدلائه : ( ألفارو دو كامبوس، ألبرتو كايرو، ريكاردو ريس، برناردو سواريس، أنطونيا مور) وقد توافدوا على زيارته ليلة بعد ليلة كل واحد منهم جاء ليخبره سرا ويودعه، وهنا صدمة التلقي بكل ما في الصدمة من شحنات سالبة.. إذ ان لا اسرار تستوقف القارئ.. كل ما قاله البدلاء منتزع من كتب بيسووا.. سواء أن كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة . ثم ان اللغة وصياغة الجملة بسيطة جدا..
ثمة روايات تستوقفنا شعرية لغتها والصياغة المحكمة للجملة، وربما ذلك يكون الشافع إذا لمسنا ضعفا هنا أو هناك في الرواية ولكن في رواية (هذيان) غابت الدهشة وتسيدت التقريرية .
أقول ذلك فقد قرأت قبل سنوات رواية للروائي البرتغالي ساراماغو (سنة موت ريكادو ريس ) وهي من ترجمة أنطوان حمصي .
تناولت حياة بيسووا وكانت الرواية قد أغوتني للتفرغ لها . وهنا الفرق بين المؤلف أنطونيو تابوكي وبين ساراماغو وهنا فرق بين التسجيل وبين الإبداع.. وعلى المستوى العربي تذكرتُ قراءتي (أشواق طائر الليل) للروائي العراقي الكبير مهدي عيسى الصقر فقد كانت رواية تمتلك 80% من أسباب التشويق والمخيلة .
أرى أن الرواية السيّرية من أصعب الروايات والسبب أنها مزيج من الوثائقي والمتخيل إبداعيا ولا بد من الموزانة بين المستويين .
- رواية هذيان/ ايام فرناندو بيسووا الثلاثة الاخيرة / ترجمة : اسكندر حبش / دار طوى للثقافة والاعلام والنشر - لندن / ط 1/ 2013
ربما مَن لم يقرأ بيسوا، سيكون عمل الروائي أنطونيو تابوكي في روايته (هذيان) عملا ً ماتعا..
لكن بالنسبة لمن في تواصل مع كتب فرناندو بيسووا، وتكرار قراءة كتبه، وما كتب عنه وعن كتبه، ستكون هذه القراءة عاطلة عن الدهشة والإمتاع. والسبب أن المؤلف تابوكي اقتصر عمله على تجميع مختصرات من أعمال بيسووا وحياته وحياة الشخوص الذين كان بيسووا يصدر كتبه باسمائهم: ( البدلاء) وكل ذلك منشور في اكثر من كتاب، سواء الكتب التي تناولت كتاباته نقديا او الكتب التي تناولت سيرته. وإعادة صياغتها روائيا، حين مرض بيسووا ورقد في المستشفى ، رأى شخصيات بدلائه: ( ألفارو دو كامبوس،ألبرتو كايرو،ريكاردو ريس، برناردو سواريس،أنطونيا مور) وقد توافدوا على زيارته ليلة بعد ليلة كل واحد منهم جاء ليخبره سرا ويودعه، وهنا صدمة التلقي بكل ما في الصدمة من شحنات سالبة.. اذ ان لا اسرار تستوقف القارئ.. كل ما قاله البدلاء منتزع من كتب بيسووا.. سواء ان كان بصورة مباشرة او غير مباشرة. ثم ان اللغة وصياغة الجملة بسيطة جدا..
ثمة روايات تستوقفنا شعرية لغتها والصياغة المحكمة للجملة، وربما ذلك يكون الشافع إذا لمسنا ضعفا هنا أو هناك في الرواية ولكن في رواية (هذيان) غابت الدهشة وتسيدت التقريرية .
أقول ذلك فقد قرأت قبل سنوات رواية للروائي البرتغالي ساراماغو (سنة موت ريكادو ريس ) وهي من ترجمة أنطوان حمصي
تناولت حياة بيسووا وكانت الرواية قد اغوتني للتفرغ لها . وهنا الفرق بين المؤلف أنطونيو تابوكي وبين ساراماغو وهنا فرق بين التسجيل وبين الإبداع.. وعلى المستوى العربي تذكرتُ قراءتي (أشواق طائر الليل) للروائي العراقي الكبير مهدي عيسى الصقر فقد كانت رواية تمتلك 80% من أسباب التشويق والمخيلة
أرى أن الرواية السيّرية من أصعب الروايات والسبب أنها مزيج من الوثائقي والمتخيل إبداعيا ولا بد من الموزانة بين المستويين
- رواية هذيان/ ايام فرناندو بيسووا الثلاثة الاخيرة / ترجمة : اسكندر حبش / دار طوى للثقافة والاعلام والنشر - لندن / ط 1/ 2013
بلقيس خالد
ربما مَن لم يقرأ بيسوا، سيكون عمل الروائي أنطونيو تابوكي في روايته (هذيان) عملا ً ماتعا..
لكن بالنسبة لمن في تواصل مع كتب فرناندو بيسووا، وتكرار قراءة كتبه، وما كتب عنه وعن كتبه، ستكون هذه القراءة عاطلة عن الدهشة والإمتاع. والسبب أن المؤلف تابوكي اقتصر عمله على تجميع مختصرات من أعمال بيسووا وحياته وحياة الشخوص الذين كان بيسووا يصدر كتبه باسمائهم: ( البدلاء) وكل ذلك منشور في اكثر من كتاب، سواء الكتب التي تناولت كتاباته نقديا او الكتب التي تناولت سيرته. وإعادة صياغتها روائيا، حين مرض بيسووا ورقد في المستشفى ، رأى شخصيات بدلائه: ( ألفارو دو كامبوس،ألبرتو كايرو،ريكاردو ريس، برناردو سواريس،أنطونيا مور) وقد توافدوا على زيارته ليلة بعد ليلة كل واحد منهم جاء ليخبره سرا ويودعه، وهنا صدمة التلقي بكل ما في الصدمة من شحنات سالبة.. اذ ان لا اسرار تستوقف القارئ.. كل ما قاله البدلاء منتزع من كتب بيسووا.. سواء ان كان بصورة مباشرة او غير مباشرة. ثم ان اللغة وصياغة الجملة بسيطة جدا..
ثمة روايات تستوقفنا شعرية لغتها والصياغة المحكمة للجملة، وربما ذلك يكون الشافع إذا لمسنا ضعفا هنا أو هناك في الرواية ولكن في رواية (هذيان) غابت الدهشة وتسيدت التقريرية .
أقول ذلك فقد قرأت قبل سنوات رواية للروائي البرتغالي ساراماغو (سنة موت ريكادو ريس ) وهي من ترجمة أنطوان حمصي
تناولت حياة بيسووا وكانت الرواية قد اغوتني للتفرغ لها . وهنا الفرق بين المؤلف أنطونيو تابوكي وبين ساراماغو وهنا فرق بين التسجيل وبين الإبداع.. وعلى المستوى العربي تذكرتُ قراءتي (أشواق طائر الليل) للروائي العراقي الكبير مهدي عيسى الصقر فقد كانت رواية تمتلك 80% من أسباب التشويق والمخيلة
أرى أن الرواية السيّرية من أصعب الروايات والسبب أنها مزيج من الوثائقي والمتخيل إبداعيا ولا بد من الموزانة بين المستويين
- رواية هذيان/ ايام فرناندو بيسووا الثلاثة الاخيرة / ترجمة : اسكندر حبش / دار طوى للثقافة والاعلام والنشر - لندن / ط 1/ 2013