قسطنطين كافافي/ إيثاكا

2017-08-07
//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/a34e5036-9103-46e3-b164-2bf54a0783a2.jpeg

ترجمة : سعدي يوسف

وأنتَ تُزْمِعُ الرحيلَ إلى إيثاكا
فَلْتُصَلِّ من أجْلِ أن يكونَ الدربُ طويلاً
مليئاً بالمغامراتِ والتجاريبِ .
لا تَخَف اليستريغونيّين والسيكلوبات
وبوزايدون الغاضب،
فأنت لن تراهم
ما دُمتَ متساميَ الفِكْرِ
وما دامت عاطفةٌ نادرةٌ تلمسُ روحَكَ وجسدك
إنك لن تلقى الليستريغونيّين والسيكلوبات وبوزايدون الغاضب
إلا إذا حملتَهم في روحِك
وإلاّ إذا نصبَتْهم روحُكَ أمامك .
تَمَنَّ أن يكونَ دربُك طويلاً
أن تدخلَ في أسحارِ صيفٍ عديدةٍ
وبأيّ امتنانٍ وأيِّ فرحٍ
مرافيءَ تُرى للمرّةِ الأولى،
وأن تتوقّفَ عند مراكزِ التجارةِ الفينيقيّةِ
فتشتري بضاعةً طيّبةً
أصدافاً ومرجاناًوعنبراً وأبنَوساً
وعطوراً شَهّاءَ شتّى ، قدْرَ ماتستطيع
أن تزورَ مُدناً مصريّةً عديدةً
وأن تَجمعَ معرفةَ العارفين .
لتكنْ إيثاكا ، دوماً ،معك
إنّ بُلوغَكَ إيّاها ، لَهُـوَ مصيرُكَ
لكنْ ، لا تُسَرِّع الرحلةَ ، في الأقلّ
والخيرُ أن تستمرَّ الرحلةُ أعواماً
كي تبْلغَ الجزيرةَ شيخاً،
غنيّاً بما كسبتَه في الدربِ،
غيرَ متوقِّعٍ من إيثاكا أن تهبَكَ الغِنى .
لقد وهبتْكَ إيثاكا الرِّحلةَ الرائعةَ.
وبدونِها لم يكنْ بإمكانك الرحيل.
وليس لديها ما تهَبُكَ سوى هذا .

إنْ وجدتَ إيثاكا فقيرةً ، فهي لم تخدعْكَ
إذْ غدَوتَ من الحكمةِ في هذه التجربةِ
بحيثُ فهمتَ ، فعلاً ،  معنى هذه الإيثاكات

بانتظار البرابرة
قسطنطين كافافي
ترجمة : سعدي يوسف

ما الذي ننتظرُ في الساحةِ ، مزدحمينَ ؟
البرابرة سيصِلون اليوم .
ولِمَ مجلسُ الشيوخِ معطَّلٌ ؟
الشيوخُ لا يشترعون القوانين
فلِمَ هم جالسون هناك، إذاً ؟
لأن البرابرة يصِلونَ اليومَ .
أيَّ قوانينَ سيشترِعُها الشيوخُ الآنَ ؟
عندما يأتي البرابرةُ، سيسنّونَ، هم، القوانين .
لِمَ يستيقظُ امبراطورُنا، مبكراً، هكذا ؟
ولِمَ يجلس الآنَ، معتلياً عرشَه، معتمراً تاجَه 
عند البوّابة الكبرى للمدينةِ ؟
لأن البرابرةَ يصِلون اليوم .
الإمبراطورُ ينتظرُ استقبالَ قائدِهم .
والحقُّ أنه تهيّأَ ليوجِّهَ إليه خطبةً
خلَعَ عليه فيها كلَّ الأسماءِ والألقابِ .
لِمَ خرجَ قنصلانا معاً، والقضاةُ
بأقبائهم الحُمرِ، وأقبائهم المزركَشة ؟
لِمَ هذه الأساور، وكلُّ هذا الحجرِ الكريمِ ؟
كلُّ الخواتمِ ذات الزمرّد المتألق ؟
لِمَ يحملون اليومَ ،صولجاناتِهم الثمينة 
ذات الـمَقابضِ الفضّةِ ، والنهاياتِ الذهبِ ؟
لأن البرابرةَ سيَصِلونَ اليومَ
وأشياءُ كهذه تُدهشُ البرابرةَ .
لِمَ لمْ يأتِ الخطباءُ، المفَوَّهون، هنا، كالعادةِ 
مُلْقِينَ خُطَبَهم، قائلينَ ما ينبغي أن يقولوا ؟
لأن البرابرةَ سيكونون، هنا، اليومَ
وهم يسأمونَ البلاغةَ والفصاحةَ .
لِمَ هذا التضَيُّقُ المفاجيءُ والإضطرابُ ؟
لمَ غدتْ عابسةً وجوهُ القومِ ؟
لِمَ تخلو الشوارعُ والساحاتُ سريعاً ؟
والكلُّ يعودُ إلى دارهِ، غارقاً في الفكرِ ؟
لأن الليلَ قد هبطَ، ولم يأتِ البرابرةُ .
ولأنّ أُناساً قدِموا من الحدودِ
وقالوا ليس ثمَتَ برابرةٌ .
والآنَ ... ماذا نفعلُ، بدونِ برابرةٍ ؟
لقد كان هؤلاء نوعاً من حَلٍّ .




سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved