رُباعيّة

2021-02-03

 ي15

(1)

أنتَ في النهرِ ...

أبناءُ خالتِكَ استقدموا زورقاً، ليبيعوا بيوتَ الضفافِ، العِنَبْ .

إنّ تلكَ الـمُـسَنّاةَ كانت لهم . أنت تذكرُ في عطلةِ الصيفِ ، أنكَ

تقفزُ منها إلى القاعِ، كي تتلامسَ في لحظةٍ بالسلاحفِ .

أبناءُ خالتِكَ، الآنَ،  في عتْمةِ الليلِ، يأتونَ في زورقٍ ... إن أبناءَ

خالتِكَ، الآنَ، عندكَ، في قريةٍ بالشمالِ الغريبِ، الشمالِ الشماليّ

حيثُ يُجاورُكَ الإنجليز .

(2)

أنتَ في البحرِ ...

واللاذقيّةُ تنأى، بأشجارِها، والمقاهي الأليفةِ، والفتَياتِ الأميراتِ،

أنتَ الـمُـوَكَّلُ بالبَرِّ تذرعُهُ، صرتَ في شِرْعةِ البحرِ . هل كانت الأرضُ

أرحمَ ؟ في اللحظةِ الصِّفْرِ هذي، تناءَيتَ عمّا يشدُّكَ بالنخلِ والمنزلِ

الأوّلِ . الآنَ ... كلُّ الخرائطِ مفتوحةٌ، وهي مقروءةٌ في يدَيكَ ...

إذاً، قُلْ وداعاً لها، قُلْ وداعاً لطرطوسَ واللاذقيّةِ؛

ولْتنطلِقْ في العراءْ .

(3)

أنتَ في السهلِ ...

وهرانُ تنأى عن البحرِ، ناعمةً، ومُنَعّمَةً بالكرومِ، الحقولُ الكريمةُ

تلكَ التي منحتْنا النبيذَ ومائدةَ الأهلِ، تمتدُّ حتى تُجاوِرَ ما كانَ

صحراءَ، بين الجزائرِ والمغربِ . الآنَ تذكرُ أنك أمضَيتَ في السهلِ

سَبْعاً، وأنك فتّحتَ للروحِ نبعاً . ستذكرُ تلكَ الأغاني التي كنتَ

تسمعُ في حانةٍ لقدامى الجنودِ من الفرقةِ الأجنبيّةِ . وهرانُ كانت

لكَ البيتَ، حيثُ امتلكتَ بها الصوتَ، حيثُ افترعتَ الحياةَ

وحيثُ ابنتاكَ الرياحينُ، شيرازُ، مريمُ، قد جاءتا !

 

(4)

أنتَ في التلِّ ...

في مُرتقى التلِّ، في قمّةِ التلِّ . قيلَ : الوقوفُ على التلِّ مَثْلَبةٌ ...

ربّما في السياسةِ، وهي المَثالبُ في القاعِ أو في اليَفاعِ .

ولكنني أتحدّثُ عن سيّدٍ اسمُهُ سعدي يوسف، إذ يرتقي التلَّ .

يمضي مع العَصَوَينِ، ويقطعُ شارعَهُ نحوَ ممشى الكنيسةِ، حيثُ

الـمَـراقي إلى التلِّ ...

يصعدُ سعدي، ويصعدُ . في بغتةٍ سوفَ يبْلغُ  قمّتَهُ :

الآنَ، تبدو سطوحُ المنازلِ، والقريةُ المطمئنّةُ . والآنَ يعرفُ

أنّ الـمَراقي تليقُ،

وأنّ الذي لم يحاولْ بُلوغَ الـمَراقي سيلفظُ أنفاسَهُ في المضيقْ !

 

لندن في 21.01.2021

 

سعدي يوسف

 شاعر عراقي وكاتب ومُترجم، وُلد في ابي الخصيب، بالبصرة عام 1934. اكمل دراسته الثانوية في البصرة. ليسانس شرف في آداب العربية. عمل في التدريس والصحافة الثقافية . غادر العراق في السبعينيات وحاليا يقيم في لندن ونال جوائز في الشعر: جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية. في العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلفٍ أجنبيّ. في العام 2008 حصل على جائزة المتروبولس في مونتريال في كندا . وعلى جائزة الأركانة المغربية لاحقاً

عمل كعضو هيئة تحرير "الثقافة الجديدة".

عضو الهيئة الاستشارية لمجلة نادي القلم الدولي PEN International Magazine

عضو هيئة تحرير مساهم في مجلة بانيبال للأدب العربي الحديث .

مقيم في المملكة المتحدة منذ 1999.

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved