رواد المدرسة الإنطباعية

2020-05-05

 تعد المدرسة الإنطباعية هي الأكثر تأثراً بالطبيعة، لذا فإنها نالت أوسع شهرة وأعلى تقدير، ليست وحدها التي تدين للطبيعة بروائعها. يروي كندينسكي، كبير الرسّامين التجريديين، أن لوحاته الأكثر غرابة وتعقيداً من حيث تركيبها، هي أيضاً تولّدت من عناصر طبيعية خارجية . وعندما انطلق بيكاسو في رحلته محلّقاً في فضاء الرسم التكعيبي، نهل من الطبيعة الجيّاشة حول مزرعة سان جوان في أرياف كاتالونيا، حيث يقوم اليوم مركز للدراسات الفنيّة يحمل اسمه . وهو كان يردّد أن كل ما يعرفه تعلّمه في تلك المزرعة التي خلّدها في لوحاته بعد أن أقام فيها فترتين، الأولى عام 1898 مدعوّاً من أحد أصدقائه، والثانية في 1909 على مشارف مرحلته التكعيبية .

بيكاسو

ي عام 1802غادر كبير الانطباعيين البريطاني جوزيف تورنير بلاده في جولة إلى القارة الأوروبية وعيناه جائعتان لرؤية المشاهد الطبيعية التي طالما حلم بها . وتنقّل في الطبيعة الفرنسية التي سحرته إلى أن وصل إلى جبال الألب ليقف مأخوذاً أمام «القمّة البيضاء» وما يحيط بها من مشاهد آسرة ليضع لوحته الشهيرة «رسّام الضوء» التي ما زالت تعتبر إحدى قمم الفن الإنطباعي .

تيرنير

                                                    جوزيف تيرنر ( رسام الضوء )

أما قرية جيفرني (Giverny) الواقعة في منطقة النورماندي الفرنسية، فهي تختزل وحدها انطباعيّة كلود مونيه الذي استقرّ فيها منذ وصوله إليها عام 1883 مع عائلته وعاش فيها 43 عاماً حتى وفاته في منزل تحيط به حديقة غنّاء انصرف لرسم كل زواياها مستلهماً من ربيعها وخريفها نسغ لوحاته الخالدة .

كلود
                                                انطباعية كلود مونيه

أما ملهمة العبقري الهولندي آرنسنت فان كوخ  فكانت بلدة آرلز (Arles) في الجنوب الفرنسي، حيث حطّ رحاله المعذّبة تحت أضوائها وألوانها في شتاء العام 1888، وعاش فيها أخصب مراحله حيث وضع أكثر من 150 لوحة ومئات الرسوم، وفيها باشر باستخدام الألوان الصفراء والخضراء والزرقاء الداكنة التي ميّزت أعماله وأطلقته إلى الشهرة العالمية بعد وفاته . وفي تلك البلدة التي قال إن روحه ولدت فيها، رسم عدداً من روائعه مثل «البيت الأصفر» و«دوّار الشمس» و«غرفة الرسّام» .

فان كوخ

                                                ( البيت الأصفر ) لآرنسنت فان كوخ

الجنوب الفرنسي كان أيضاً هوى مشاعر بول سيزان الذي استقرّ في منزل له هناك عام 1880 أمام جبل سانت فيكتوار الذي رسمه من كل الزوايا الممكنة لشدّة انخطافه بجمال المشاهد المحيطة به . وفي مقاطعة إكس أونبروفانس، يوجد اليوم طريق يحمل اسم سيزان، طوله أربعة كيلومترات، يجول فيه الزائر على الأماكن والمشاهد الطبيعية التي ألهمت أحد عباقرة

الرسم العالمي .


بول سيزان

                                               ( جبل سانت فيكتوار ) بول سيزان

عندما كان الفنان ماتيس في الستين من عمره، في العام 1930 كان ومدفوعاً بإعجابه الشديد بأعمال بول غوغان، فصعد على متن باخرة في ميناء سان فرانسيسكو وتوجّه إلى جزر تاهيتي البعيدة، حيث أمضى شهراً كاملاً، وضع خلاله بعضاً من أجمل لوحاته «مأخوذاً بسحر الليل وإشراقة الفجر التي لها كثافة مختلفة في تلك السماء» كما كتب لأحد أصدقائه .

 

ماتيس

                                             ماتيس والوان من سحر الليل واشراقة الفجر

وفي اليابان، حيث الطبيعة امتداد للروح البشرية وذاكرة يرسو الماضي في مينائها ليعيد بناء الذكريات، كان جبل فوجي، الأيقونة اليابانية المقدّسة، المصدر الوحيد الذي ألهم هوكوساي كبير رسّامي بلاد الشمس الساطعة الذي خلّدها في 36 لوحة ما زالت إلى اليوم تعتبر الذخر الفنّي الوطني بامتياز .

 

هيكوساي

                                                        ( مرايا البحر ) للفنان هوكوساي 

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved