اشتهرت روزا باركس عندما رفضت التخلي عن مقعدها في باص عمومي لشخص أبيض، عاصية بذلك أوامر سائق الباص. فأطلق ذلك حركة مقاطعة الباصات في مونتغمري، والتي شكلت بداية عملية إلغاء التمييز العنصري الذي كان سائداً في ذلك الوقت، لتكون إحدى أهم الأحداث في تاريخ الأمريكان الأفارقة.
كانت روزا باركس في الثانية والأربعين وتعمل خياطة عندما أسهمت في صنع تاريخ الولايات المتحدة. ففي الأول من ديسمبر كانون الأول كانت السيدة باركس تجلس في حافلة في بلدة مونتجومري عندما طالبها رجل أبيض بإخلاء مقعدها له. وقد رفضت السيدة باركس، وتمردت على القواعد التي تفرض على السود إخلاء مقاعدهم والتنازل عنها للركاب البيض. وانتهى الأمر بالقبض عليها وتغريمها 14 دولارا.
تعرف روزا مكولي باركس اليوم بأنها "أُمّ حركة الحقوق المدنية"، لأن إلقاء القبض عليها بسبب رفضها التخلي عن مقعدها في الحافلة العمومية أشعل فتيل المقاطعة المحورية للحافلات العمومية في مونتغومري، بولاية ألاباما. لم تكن روزا تنوي صنع التاريخ عندما غادرت عملها كخيّاطة لتركب في حافلة عمومية بعد ظهر اليوم الأول من كانون الأول/ديسمبر 1955. كانت مُنهكة وكل ما أرادته هو الذهاب إلى منزلها. وهكذا، عندما طلب منها سائق الحافلة الانتقال إلى المقاعد الخلفية كي يجلس مكانها رجل أبيض، لم تتمكن من حمل نفسها لفعل ذلك.وقالت لاحقاً: "لم تكن نيتي عندما ركبت الحافلة بأن يُلقى القبض عليَّ. ركبت الحافلة وأنا أنوي الذهاب إلى منزلي."
ولدت روزا باركس تحت اسم روزا لويس ماكولي في 4 فبراير 1913م، في بلدة توسكغي في آلاباما. كانت ابنة كلٍ من جايمس ماكولي الذي كان يعمل بالنجارة، وليونا إدواردز التي عملت مدرسة. كما كانت ذات أصول أفريقية أمريكية، شيروكية (من قبائل الهنود الحمر)، وإسكوتلندية إيرلندية.
بعد انفصال والديها عن بعضهما عندما كانت في الثانية من عمرها، عاشت باركس مع والدتها، جديها، وأخيها الأصغر في مزرعة خارج بلدة توسكغي، وتلقت هناك تعليماً منزلياً حتى بلغت الحادية عشرة من العمر، وكانت أيضاً عضوة في كنيسة ميثودية أفريقية. أكملت باركس دراستها في إحدى مدارس مونتغمري التي أنشأت من قبل بعض النساء اللاتي اعتنقن فكراً متحرراً، توافق مع نصائح والدتها في فهم قيمة الشخص نفسه. ثم انتقلت إلى مدرسة خاصة بالأفارقة الأمريكيون لإكمال المرحلة الثانوية، إلا أنها أجبرت على التخلي عن دراستها للعناية بجدتها، ووالدتها بعد أن أعياهما المرض.
في سن الحادية عشرة أُرسلت روزا إلى مدرسة للبنات في مونتغومري كان جميع طالباتها من السود وجميع معلماتها من البيض. تعلمت روزا في المدرسة "الإيمان بأننا نستطيع أن نفعل ما نريده في الحياة". تعلّمت أيضاً من معلماتها أن الناس البيض ليسوا كلهم متعصبين.
في هذه المدرسة تعرفت على الفتاة جوني كار، وبدأت مرحلة صداقة بينهما دامت طوال الحياة. قالت كار عن طفولة صديقتها: "كنت أنا مُضجّة وثرثارة، وأما هي فكانت هادئة للغاية وتبتعد دائماً عن المشاكل. ولكن كانت تركزّ كل طاقتها على كل شيء تعمله. وكانت هادئة إلى درجة أنك لن تعتقد مطلقاً بأنه من الممكن أن تصل إلى حد إلقاء القبض عليها."
أرادت باركس أن تصبح معلمة ولكنها اضطرت إلى التوقف عن متابعة دراستها للعناية بوالدتها المريضة. (حصلت لاحقاً على شهادة الدراسة الثانوية). عندما بلغت الثامنة عشرة من عمرها، وقعت في غرام الحلاق ريموند باركس وتزوجت منه لاحقاً. خلال جزء من فترة الحرب العالمية الثانية عملت في معسكر ماكسويل في مونتغومري حيث لم يكن يُمارس التمييز العنصري (يعرف الآن بقاعدة ماكسويل الجوية). وقد عزت روزا في وقت لاحق حنقها تجاه نظام النقل العمومي المنفصل عنصرياً إلى تناقضه مع نظام النقل المندمج في المعسكر الذي عرفته.
بعد أن انتهت مقاطعة الحافلات العمومية بنجاح عام 1956، استمرت باركس تعمل في الدفاع عن الحقوق المدنية. انضمت في عدة مناسبات إلى كنغ لدعم جهوده. وفي السنة التالية انتقلت باركس إلى الشمال، إلى ديترويت، بولاية مشيغان، حيث عملت مع عضو الكونغرس جون كونيرز، الذي كان يمزح بالقول إنه كان يزور مكتبه عدد أكثر من الناس لمقابلة مساعدته من الذين كانوا يأتون لمقابلته.
أُدخلت باركس إلى قاعة مشاهير النساء القومية عام 1993. ومنحها الرئيس كلينتون عام 1996 جائزة ميدالية الحرية وحصلت على الميدالية الذهبية للكونغرس عام 1999. أنشأ مجلس القيادة المسيحية الجنوبية جائزة باسمها عرفت باسم جائزة روزا باركس السنوية للحرية.
بعد وفاتها في 24 تشرين الأول/أكتوبر 2005، صادق الكونغرس على قرار يسمح بعرض جثمانها بشرف في القاعة المستديرة لمبنى الكابيتول مقر الكونغرس الأميركي. كانت أول فرد بعد الواحد والثلاثين، وأول امرأة، وثاني فرد أسود يمنحه الكونغرس هذا الشرف منذ بدء هذا التقليد في عام 1852.
كانت روزا باركس متواضعة دائماً بالنسبة لدورها في حركة الحقوق المدنية، وعزت الفضل لقوة عليا لقرارها بعدم التخلي عن مقعدها في الحافلة العمومية في ذلك اليوم. قالت روزا باركس: "كنت محظوظة لأن الله منحني القوة التي احتجت إليها في الوقت الدقيق الحرج عندما أصبحت الظروف ناضجة للتغيير. أشكر الرب في كل يوم لأنه أعطاني القوة لعدم التحرك من مقعدي."
ذكرت باركس في سيرتها الذاتية العديد من مظاهر التمييز العنصري الذي واجهته خلال نشأتها، خاصة وأنها قد عاشت في إحدى مناطق الجنوب، والذي كان التمييز العنصري فيه أشد من المناطق الأخرى في الولايات المتحدة. بموجب قوانين جيم كرو، فقد كان المجتمعان الأبيض والأسود منفصلين، تحكمهما قوانين تفضل المجتمع الأبيض على غيره، حتى من ناحية وسائل النقل، فقد كان على الأمريكيين الأفارقة التخلي عن مقاعدهم للبيض، أما عن وسائل النقل المدرسية، فقد كانت غير متوفرة للأمريكيين السود -بحسب ما ذكرته باركس- وكانت تلك المرات الأولى التي تمكنت من خلالها فهم الاختلاف الذي كان يجري بين هذين المجتمعين.
كذلك، كانت جماعة الكو كلوكس كلان تمر بشكل مستمر في الطرقات أمام البيت الذي كانت تعيش فيه، وكانت تذكر بأن جدها كان يحرس البيت وبيده بندقية، ومشاعر الخوف الذي كانت تتملكها عندما كانت هذه الجماعة تمر أمام البيت في الليل. إلا أن باركس قد صرحت بأن بعضاً من البيض كانوا يعاملونها بلطف واحترام.
تزوجت روزا رايموند باركس، الذي كان عضواً في إحدى الجمعيات المكافحة لمظاهر العنصرية، حيث انضمت إلى هذه الجمعية فيما بعد، وعملت إلى جانب زوجها في تحسين حياة بعض الأمريكيين الأفارقة.