صبيحة الشيخ داوود.. أول بغدادية تكسر التقاليد البالية\ صاد

2013-07-28

 عندما قابل والدها وزير التعليم العالي لاجل قبولها في كلية الحقوق:- " كان الوزير عصبيا ورفض قبولها ورجا والدها ان يعدل عن الامر وعندما عادوا الى البيت تلقى والدها اتصالا هاتفيا من شخصية معروفة في الدولة ليخبره ان قرار ابنته بالدخول الى الجامعة سيسبب مشاكلا لا حد لها، غير ان والدها اصر على طلبه بان ذلك من حقها وبرغبة عائلتها .

تقول صبيحة ( لم ننم ذلك اليوم وكنا كلنا نؤمن بأن علينا انا وابي وامي ان نصر على ما نويناه في قراراة انفسنا، ان لا نتراجع عن هذا الطلب )  وفعلا تم قبول طلبها .. وفي اليوم الذي ذهبت فيه صبيحة الى الكلية كانت هناك جمهرة من الطلبة المحتشدين ليروا الفتاة الجميلة السافرة بلا عباءة ، يومها القت والدة صبيحة على تلك الجمهرة كلمة مؤثرة : - " اعتقد انكم ستعاملون اختكم معاملة طيبة ، فأنا اتركها امانة لديكم وهي ستكون عند حسن ظنكم ولن تتركوها تندم على هذه التجربة " هذا الكلام جعل اغلب الشباب يشعرون بالخجل ويفسحون المجال للطالبة الجديدة بالدخول الى قاعة المحاضرة .

//api.maakom.link/uploads/maakom/originals/17ba1db1-addf-406f-bd4e-e6be9f0e4983.jpeg  

انها صبيحة الشيخ داوود أول قاضية في العراق، نشأت وتعلمت القرآن الكريم في صغرها، اكملت دراستها الابتدائية والمتوسطة ومن ثم دخلت دار المعلمات الابتدائية، بعدها دخلت كلية الحقوق، وتعتبر اول فتاة اكملت دراسة الحقوق وكانت تسمى الحقوقية الاولى ومارست المحاماة مدة يسيرة ثم عينت كقاضية في محكمة الاحداث واستمرت بهذه الوظيفة حتى أحيلت على التقاعد،  وللمحامية صبيحة كتاب يحمل عنوان (أول الطريق)

كانت صبيحة متأثرة بشخصية والدها كونه شخصية وطنية مرموقة وافكاره تنويرية متحررة وهو يدعو الى تحرر وأنعتاق المرأة كشرط لتقدم المجتمع العراقي وقد تميزت شجاعته في المجلس النيابي قبل أن يصبح وزيرا للاوقاف وقد دفع بأبنته في العشرينيات من القرن الماضي لتمثيل دور الخنساء في مهرجان تمثيلي بأسم (سوق عكاظ) رغم أن رئيس الوزراء العراقي آنذاك عبد الرحمن الكيلاني أستنكر أن تظهر فتاة أمام الرجال لتلعب دورا نهضويا وقد حسم الأمر الملك فيصل الأول مؤسس الدولة العراقية الحديثة الذي أيد فكرة التمثيل وحين أراد الزعيم عبد الكريم قاسم تنحية السيدة الدكتورة نزيهة الدليمي من الوزارة أستشار وزير خارجيته هاشم جواد في أن تكون هي الوزيرة البديلة لكن صبيحة الشيخ داوود أعتذرت،

تنحدر صبيحة الشيخ أحمد داود من أصول عائلية مهمة ومؤثرة في تاريخ العراق : فوالدها الشيخ أحمد داود كان وزيرا للأوقاف عام 1912 وعضوا في البرلمان العراقي كما أنه لعب دورا بارزا في مناهضة الاستعمار البريطاني على العراق أثناء مشاركته في ثورة العشرين. أنضم إلى صفوف شخصيات لامعة في الحركة الوطنية العراقية كالشيخ يوسف السويدي وجعفر ابو التمن والسيد محمد الصدر. أما والدتها نعيمة سلطان حميدة فهي شخصية بارزة  وإحدى النساء اللواتي أسسن أول جمعية نسوية عراقية.

دعت صبيحة الشيخ داود في مقالات صارخة الى سفور المرأة وهي أول قاضية عراقية رئيسة لمحكمة الأحداث وأول أمرأة تقيم صالونا أدبيا يحضره الأدباء رجالا ونساء على غرار صالون (مي زيادة) اللبنانية في القاهرة ، توفيت 1975 وهي في عزلة صعبة وذكريات جميلة.

 - ولدت صبيحة الشيخ داود في بغداد عام 1914 -1975 .

- اول طالبة انتمت الى كلية الحقوق عام 1936 

- عينت مفتشة في وزارة المعارف 1940 .

- عملت كتدريسية في دار المعلمات الابتدائية 1950 .

- في عام 1956 نقلت كعضو محكمة الاحداث ، وظلت الى ان اعتزلت الخدمة عام 1970 وانصرفت الى ممارسة المحاماة .

- كتبت مقالات في الصحف ، ومن ضمنها في مجلة( ليلى) التي تعتبر اول صحيفة نسوية التي صدرت بعددها الاول عام 1923 .

- سكرتيرة جمعية حماية الاطفال التي تشكلت عام 1945 .

- عضو الهيئة الادارية لجمعية الهلال الاحمر 1958 .

- اشتركت في مؤتمرات نسوية عربية وكانت صوتا مسموعا للدفاع عن حقوق المرأة ، فأذا ما ذكرت هدى شعراوي وباحثة البادية ومي زيادة في مصر ذكرت صبيحة الشيخ داوود كزعيمة للحركة النسوية في العراق . 

- تعتبر اقدم اديبة عراقية معاصرة وهي أول من اقامت صالونا ادبيا اسبوعيا ينتظم فيه اعلام الفكر والادب والسياسة في العراق .

- كان عمرها 8 سنوات عندما مثلت دور الخنساء في مهرجان (سوق عكاظ) 1922 بحضور الملك فيصل فاعترض وقتها عبد الرحمن الكيلاني رئيس الوزراء قائلا :- سافرة وتخطب على جمل!!

والدها الشيخ داوود كان رجل دين مثقف متنور متمدن ، شغل منصب وزير الاوقاف في العراق ، وكان عضوا في البرلمان العراقي ، لعب دورا في مناهضة الاستعمار البريطاني .

والدتها ( نعيمة سلطان حمودة ) شخصية بارزة في المجتمع العراقي ، وهي اول من أسست أول جمعية نسوية في العراق وقادت احتجاجات نسوية ، وقدمت لـ (مس بيل) مذكرة تدين الاعتقال والتهجير القسري لعدد من السياسيين العراقيين ومن ضمنهم والد صبيحة .

عاشت السيدة صبيحة في وسط شهد صراعا حامي الوطيس بين السفور والحجاب والتعليم النسوي واشغال المراة لوظائف في الدولة العراقية ، ناضلت لاجل اهداف حيوية قد لا يحس بقيمتها الجيل الجديد ، كانت اول تلميذة في مدرسة الاناث التي افتتحت عام 1920 تلك المدرسة التي خلقت ردود فعل هزت الاوساط في بغداد والتي اعتبرها المجتمع آنذاك تضليلا للفتيات واخراجهن عن الطريق السوي يومها تعرض والدها لسباب والشتم والتجريح .

 

مع نشوب الحرب العالمية الأولى . جاءت ولادتها. وكان المجتمع العراقي يموج بتيارات واتجاهات سياسية واجتماعية وفكرية مختلفة. والصراع بين (المجددين) و(المحافظين) على أشده. ولقد اتخذ هذا الصراع وجوه متعددة منها قضية (السفور والحجاب) التي شغلت الناس ردحا من الزمن. والتي عاشها الناس وتابعوها على صفحات الجرائد والمجلات. ومع أن دعاة التغيير والتجديد لم يكونوا بالقوة التي كان عليها دعاة المحافظة. إلا أن تيار التغيير استطاع أن يكتسح أمامه كل الصعوبات والعراقيل لان حركة التأريخ كانت مع الذين حرصوا على تبديل صورة مجتمعهم.

لقد عاشت صبيحة الشيخ داوود وسط هذا الجو الصاخب من الصراع الاجتماعي والفكري، بل وكانت إحدى المساهمات في هذا الصراع. وتتحدث هذه المراة عن تلك الأيام فتقول : ( أن المراة العراقية ناضلت في سبيل أهداف حيوية قد لايحس بقيمتها الجيل الجديد. كالسفور والحجاب. والتعليم النسوي وأشغال المراة لوظائف الدولة وغير ذلك. وقد يكون من حق هذا الجيل أن لايحس بذلك. ولكن عليه للإنصاف ان يتذكر مدى الكفاح المرير الذي خاضته المراة لتصل إلى مانراه اليوم في أكثر حقول المعرفة والعيش ).

 

شاركت صبيحة في نهضة الصحافة العراقية كذلك، فكتبت مقالات عديدة في بعض الصحف والمجلات التي كانت تصدر منذ بداية العشرينات، ولعل مقالاتها في مجلة "ليلى" التي صدر عددها الأول في 15 تشرين الأول 1923، من أقدم ماكُتب، كما أسهمت في إنشاء بعض الجمعيات النسائية فكانت سكرتيرة لجمعية حماية الأطفال التي تشكلت في 12 آذار-مارس 1945 وعضوا في الهيئة الإدارية لجمعية الهلال الأحمر في سنة 1958، وقد اشتركت في بعض المؤتمرات النسائية العربية. ففي المؤتمر النسائي العربي الذي عقد في بغداد بين 5_9 آذار 1952 كانت صوتا مسموعا في الدفاع عن المراة العربية وجهودها في بناء المجتمع العربي الجديد، ولقد حضرت مؤتمر الاتحاد العربي النسائي في بيروت بين 15_18 أيار-مايو 1949 ممثلة لنسوة العراق.

لقد حرصت صبيحة الشيخ داوود على تسجيل أحداث ووقائع نضال المراة العراقية وذلك في كتابها الذي حمل عنوان" أول طريق إلى النهضة النسوية في العراق"، وذلك رغبة منها في اطلاع الجيل الجديد على "تطورات قضية المراة الجديدة في العراق" فهي تقول في مقدمة الكتاب" كان لزاما على ان اسجل هذه المرحلة.. ولاشك في أنني كنت اعد مسؤولية إلى حد كبير لو لم اضطلع بهذا العبء بكوني واحد ممن ماشين النهضة، وساهمن في إرساء قواعدها واوصولها، بين أول دفعة من الطالبات، وأول طليعة من المعلمات ثم في أول مرحلة للتعليم المختلط في هذه البلاد..."

وصبيحة الشيخ داوود لم تكن من أوائل الطالبات والمربيات حسب، بل كانت أقدم أديبة عراقية معاصرة وأول حقوقية وأول قاضية عربية، وأول من أقامت صالونا أسبوعيا ينتظم فيه أعلام الفكر والأدب والسياسة في العراق. إن قصتها_بحق_ ليست إلا صفحة خالدة من صفحات نضال المراة العراقية المعاصرة.

 

عالية كريم

رئيسة تحرير "معكم"

 

معكم هو مشروع تطوعي مستقل ، بحاجة إلى مساعدتكم ودعمكم لاجل استمراره ، فبدعمه سنوياً بمبلغ 10 دولارات أو اكثر حسب الامكانية نضمن استمراره. فالقاعدة الأساسية لادامة عملنا التطوعي ولضمان استقلاليته سياسياً هي استقلاله مادياً. بدعمكم المالي تقدمون مساهمة مهمة بتقوية قاعدتنا واستمرارنا على رفض استلام أي أنواع من الدعم من أي نظام أو مؤسسة. يمكنكم التبرع مباشرة بواسطة الكريدت كارد او عبر الباي بال.

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  

  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
  •  
©2024 جميع حقوق الطبع محفوظة ©2024 Copyright, All Rights Reserved