اختارت بعض الصحفيات العربيات ان يقاومن التمييز والظلم الذي تتعرض له المرأة في مجتمعاتهن على اختلاف اشكاله، وتعدد ادواته، وتنوع وسائله. ربما يكون هذا التمييز ضد المرأة لمجرد كونها امرأة، ويتم استنادا الى مجموعة من القوانين التي تكرس التمييز ضد المرأة، او بعض الاعراف التي تحرم المرأة من حقوقها الاساسية، وربما يكون ضد فئة او مجموعة معينة في المجتمع تتعرض للتمييز بسبب العرق او الدين، وتعاني المرأة بالتبعية من هذا التمييز اذا كانت تنتمي لهذه المجموعات.
ياسمين الشومري، من بي بي سي العربية، تحدثت لاثنتين من الصحفيات العربيات اللاتي واجهن اشكالا مختلفة من التمييز، واختارت كل منهما طريقا شاقا لمواجهة كل ما ترفضه من اوضاع اجتماعية او سياسية.
ليلى عودة، مراسلة قناة "فرانس 24" و اذاعة "مونت كارلو"
واجهتني صعوبات، خصوصا في بداية عملي. التحقت بهذا العمل بالصدفة حين علمت باختبار للصحفيين عن طريق صديق، فتقدمت لذلك وقبلت. في البداية كان من الصعب إقناع أسرتي، لأننا نعلم ما تعنيه كلمة صحافة ومهنة الصحافة في مجتمعاتنا. على الرغم من أن والدي رجل مثقف وله كتاباته الصحفية والأدبية، فقد كانت له تحفظات. لكن بالتعاون مع بقية أفراد الأسرة نجحت بإقناعه ووافق أخيرا، وبهذا تجاوزت الصعوبات الاجتماعية.
عملية الانخراط في العمل الإعلامي لم تكن سهلة أبدا. لازلت أذكر أول تقرير كان علي إعداده بشكل فردي. لم أتمكن من النوم في تلك الليلة لإدراكي بأهمية العمل الذي أقوم به، فالتقرير الذي كنت أعده سيؤثر في الرأي العام، ولأنني لم أدرس الإعلام لم أتوقع أبدا أن أعمل في مجال الصحافة، ولذلك كان التقرير الأول هو انطلاقتي. وبمرور الوقت حققت نجاحا في مهنتي، وحصلت على وسام الشيخ زايد، وجائزة شخصية العام الاعلامية لسنة 2001.
لأنني امرأة فلسطينية كانت لي رسالة مختلفة. كان هدفي ان تصل الرسالة الفلسطينية إلى العالم بدون شوائب أو رتوش. وعلى مدى 20 عاما من عملي في الصحافة حرصت على أن يعكس عملي الواقع بكل ما فيه.
واجهت الكثير من الصعوبات لكنني كنت دائما أمتلك العزيمة وقوة الشخصية. أدين بعزيمتي وقوة شخصيتي لوالدي، الكاتب والسياسي، فهو من زرع فيَّ الإرادة القوية وقناعاتي وقضيتي وفلسطينيتي. تغربت وعدت كلاجئة وشعرت دائما بضرورة أن أكون مرآة لقضيتي واسرتي، وكيف حرمت من قريتي "المالحة" التي بقيت اسما محفورا في ذاكرتي ومكانا لا يمكنني أن أزوره. أنا ايضا شقيقة شهيد قتل برصاص الاحتلال.
ابتزاز بعض وسائل الإعلام الاسرائيلي، الذي لم يتوقع أبدا أن يتمكن الإعلاميون الفلسطينيون من إبراز القضية الفلسطينية، قوى من عزيمتي، حتى أصبح الاعلام الفلسطيني ندا للإعلام الاسرائيلي، أصبحنا هدفا للقناصين لمنعنا من المضي قدما برسالتنا. لذلك أطلقوا علي النار ليشلوا حركتي.
للأسف لا تزال المرأة تواجه الكثير من الصعوبات في العالم العربي كونها امرأة. فلا يزال المجتمع - حتى طبقته المتعلمة - يتعامل معها على أنها امرأة فقط. وأمام المرأة العربية طريق طويل لتثبت نفسها. ربما أن وضع المرأة العاملة أفضل بقليل لأنها تملك نوعا من الاستقلالية الاقتصادية. وكما نعلم، من يملك المال يملك الرأي. إذا تمكنت المرأة العاملة من التعامل الايجابي مع موقعها كامرأة مسؤولة، ستنعكس هذه الايجابية على أطفالها و على تربيتهم و عقليتهم.
بالنسبة لتمثيل المرأة في وسائل الاعلام العربية فانه ضعيف جدا. هناك إجحاف في تمثيلها بسبب عدم الثقة بها وبقدراتها. دائما نرى المحطات العربية تستضيف المحللين السياسيين والاقتصاديين والخبراء من الرجال، بالرغم من وجود الكثير من الخبيرات من النساء.
في بداية ثورات الربيع العربي كان خروج المرأة الى الشارع بجانب الرجل أمرا جميلا. لكن مؤخرا لم تبرز المرأة العربية بصورتها التي كنت أتوقعها منها. لم تنجح في استغلال هذه الثورات، وأن تكون الوجه الجميل لهذه الثورات.
آخر دليل هو لجنة تعديل الدستور في مصر، التي لا يوجد بها امرأة واحدة. هذا مثال بسيط على استثناء المرأة من عملية التغيير، وسكتت المرأة المصرية على ذلك، و لم تخرج إلى الشوارع لتعترض. هذا الصمت يزيد من عملية الاستيلاء على حقوق المرأة. المرأة العربية بحاجة إلى ثورة عربية نسائية جديدة لقلب العقليات السائدة. يجب أن تثبت أنها أكثر من مجرد جسد جنسي، أكثر من ربة البيت التي تطبخ وتنظف. حتى المرأة المثقفة لم تثبت نفسها حتى الأن، و لم تقف في المكان الذي يجب أن تكون فيه حاليا.
افراح ناصر، كاتبة ومدونة من اليمن
أنا كاتبة ومدونة من اليمن، وأعيش في السويد باختياري الشخصي. أكتب في مدونتي عن قضايا عدة تتعلق باليمن، من أهمها قضايا النساء وانتهاكات حقوق الإنسان.
من أهم المصاعب التي واجهتني: قبضة الفقر والمجتمع الأبوي والتمييز على أساس الجنس، والتفرقة على أساس الوضع الاجتماعي، والقوانين المجحفة في حق النساء، والرقابة على كتاباتي.
أدين لوالدتي بكل شيء حققته، فهي التي عملت جاهدة لرعايتي أنا وأختي، في مجتمع ينظر للمرأة المطلقة نظرة دونية.
بلدي هو جزء من هويتي، وهو يلعب دوراً ايجابيا وسلبيا في الآن معاَ في عملية نجاحي. نجاحي في التدوين عن اليمن ينبثق من رغبتي العميقة في ايصال المعلومة للعالم عن هذا البلد المهمش. كم اتمنى لو اني كنت مدونة عن الموضة عوضاً عن التدوين عن انتهاكات حقوق الانسان المستمرة في بلدي.
الكتابة بالنسبة لي هي شغف وهي ايضاً نتاج اجتهادي الشخصي. اعتقد اني كنت سأحقق نجاحا أكبر لو كانت القوانين مختلفة وأفضل بالنسبة للمرأة ولكل مواطن في اليمن.
اسباب شغفي بالكتابة والتدوين عديدة، اهمها أملي في ارتفاع الوعي السياسي للشباب في اي مكان في العالم وانخراطهم في العمل السياسي بشكل أكبر. سأكون أسعد شخص في العالم اذا استطعت ان أؤثر في شاب أو شابة واحدة حتى يكون هذا الشاب او تلك الشابة أنشط سياسياً في قضية واحدة على الاقل تتعلق بمحيطهم ومجتمعهم.
كم أتمنى لو أنني لم أُعان من الفقر في دولة لا تعتني بمواطنيها الفقراء. كم أتمنى لو أنني لم أعان من التحرش الجنسي منذ طفولتي. كم أتمنى لو أنني لم أعان من القوانين التي لم تحم والدتي التي كافحت لتحصل على الطلاق. كم أتمنى لو أنني لم أعان من الحيرة في الاختيار بين بناء عائلة داخل اليمن أو خارجه لمعرفتي الاكيدة بالذي سوف ينتظرني من إجحاف ومن قوانين لن تحميني كزوجة تحت وصاية زوجها. كم أتمنى لو أنني لم أعان من الراتب الضئيل الذي اعتدت على تقاضيه لأنني ببساطة أنثى.. كم أتمنى لو لم ترغمني الظروف على مغادرة بلدي.
ارى أن تغطية وسائل الاعلام لقضايا المرأة غير كافية ، بالأخص في الصحف والمطبوعات والمواقع الدولية المهمة. تمثيل النساء في وسائل الاعلام في رأيي يختلف من قناة أو موقع أو صحيفة إلى اخرى. في العام 2010 كانت في اليمن صحافية بين كل 13 صحفيا، وفقاً لإحصائية نقابة الصحفيين اليمنيين. لكني اليوم ارى وجوها نسائية أكثر في وسائل الإعلام في اليمن. لكن ما زلنا بحاجة الى عمل أكبر لتحسين تمثيلنا.
تغير وضع المرأة العربية بعد الثورات، فنساء اليوم مؤمنات بأنفسهن أكثر من ذي قبل. وبعد كل الاحباطات التي عانين منها خلال السنوات التي سبقت الربيع العربي تعمل النساء العربيات اليوم على تحقيق تغييرات جذرية وتحقيق تقدم في سبيل نيل حقوقهن. ثورات الربيع العربي أحدثت تغييرا في عقولنا وتفكيرنا. فإذا انتهت الثورات ستظل شرارتها بداخلنا.
وعلى الرغم من ذلك، فان وضع النساء في تهديد مستمر بعد أن تولت التيارات الدينية السياسية والعسكرية سدة الحكم واستأثرت بالسلطة ومناصب اتخاذ القرار. انا قلقة جدا مما سيكلفنا ذلك في المستقبل القريب والبعيد. لربما نخسر المزيد من حقوقنا الناقصة من الاساس. لا بد للنساء أن يتحدن حتى يتمكن من تحقيق أهدافهن في الحرية والمساواة.