اذا خطونا باتجاه الدخان الراعد يغمرنا رذاذ ناعم من الماء، وعندما نفتح أعيننا عند الحافة على الأعماق السحيقة التي يتصاعد منها الدخان، نكون قد وقفناعلى مائة وخمسين مليون سنة، تكشف عن وجهها على عمق اكثر من مائة متر صخور البازلت السوداء التي تهوى عليها شلالات المياه فتتحطم رذاذاً يتصاعد كأعمدة الدخان، ثم تذروه الرياح فيتكاثف ويتساقط مطراً ناعماً يصنع ظاهرة نادرة تتمثل في غابة مطيرة تحيط بفوهة الشلالات الممتدة بطول يقارب كيلو مترين، فكأنها منطقة استوائية مطيرة برغم بعدها الساشع عن خط الإستواء وعن مناطق الغابات المطيرة . وتسمى نقطة مشاهدة بداية الشلالات عند تمثال ليفنجستون بنقطة المشاهدة رقم واحد...
واذ نتحرك يساراً والى الأمام ندور حول هذا الجزء الأول من الشلالات الذي يسمى الشلال الوحشي، حينها نرى جزأً متسعاً من نهر الزامبيزي يغمر الأرض، ثم نجد لها مهبط مياه عند حافة خفيضة عن مستوى الحافة العام، فتندفع وتهدر كأن بحر الماء ينضغط ويندفع في حزمة عرضها أمتار قلائل ومن ثم نجد درجاً يهبط حتى قاع الشلال، درجاً منحوتاً من صخور المكان، ولا يسمح بهبوطه لمن يعانون الدوار .
ان حافة الشلال الوحشي هذه هي الأكثر انخفاضاً بين الشلالات الخمسة المكونة لشلالات فيكتوريا التي تلتحم معاً في موسم فيضان نهر الزامبيزي . ونقطة الشلال الوحشي هذه هي نقطة ضعف في تركيبها الصخري ومن ثم فإن النهر يحفر لنفسه مجرى خلالها وهو مجرى الشلال الوحشي الذي ترتفع إلى يساره جزيرة تسمى جزيرة الشلال، يعقبها الشلال الرئيسي وهو أكثر انفتاحاً حتى تبرز أشجار جزيرة ليفنجستون التي تتبدى طيفاً وراء دخان الرذاذ . وعندما تنظر من النقطة المواجهة للشلال الرئيسي نحو قاع الجرف لا تراه لفرط عمقه .
شلالات فيكتوريا أو موسي ؤوا تونيا هي شلالات تقع في نهر زمبيزي، على الحدود بين زامبيا وزيمبابوي، في جنوب وسط أفريقيا. عرضها 1.7 كلم (أو ما يعادل الميل)، وارتفاعها 128 م (420 قدم).
حين زار الشلالات لأول مرة المستكشف الأسكتلندي ديفيد ليفينغستون في نوفمبر 1855، أطلق عليها هذه التسمية نسبة للملكة فيكتوريا من المملكة المتحدة، بالرغم من أن الشلالات كانت تعرف لدى السكان المحليين سابقاً باسم موسي ؤوا تونيا، والتي تعني "الدخان الذي يطلق الرعد". وتعد شلالات فيكتوريا من أكبر الشلالات في العالم. بالمقارنة مع شلالات نياغارا في أمريكا الشمالية، عرض وعمق شلالات فيكتوريا تعادل ضعف عرض وعمق نياغارا. ويبلغ عرضها أكثر من الف وسبعمائة متر ويبلغ أقصى ارتفاع لها مائة وثمانية امتار. كما ان معدل كمية المياه الساقطة سنويا يبلغ أكثر من تسعمائة واربعة ثلاثون متر مكعب \ ثانية.
تنحدر الشلالات من الأعلى إلى الاسفل بصوت صاعق، والضباب المائى الكثيف الناتج عنها يلف عموم المنطقة طول السنة. ويطلق عليه المحليون "الضباب الصاعق".
ديفيد ليفينغستون، هو مستكشفاً إسكتلندياً لوسط أفريقيا.. ولد في 19 مارس 1813، في مدينة بلانتاير بإسكتلندا. يعرف ليفينغستون بلقائه المشهور مع هنري مورتن ستانلي. كان من أشهر المبشرين المسيحيين في أفريقيا. قرر أولاً أن يكون مبشراً طبياً في الصين، ولكن حروب الأفيون جعلت الصين مكاناً سيئاً بالنسبة للغربيين ذوي النوايا الحسنة. فذهب ليفينغستون إلى أفريقيا بدلاً من ذلك، وبعد أربعة أشهر من السفر، وصل إلى كيب تاون، التي تقع الآن في جنوب أفريقيا، وذلك عام 1841. وعامل ليفينغستون الأفريقيين بكل احترام. وتعلم لغاتهم وعاداتهم ثم استكشف جزء كبير من القارة. واعتقد ليفينغستون بأن أفضل طريقة لمشاركة الأفريقيين إيمانه هي أن يعلمهم عن العالم الخارجي. ودعم ليفينغستون عمله التبشيري عن طريق تأليف الكتب حول سفراته.
كان ليفينغستون رجلاً متديناً بشكل كبير، ولم تعجبه طريقة معاملة المستعمرين الهولنديين والبرتغاليين للشعوب الأفريقية. كتاباته أخبرت العالم عن تجارة العبيد. توفي ليفينغستون في 1 مايو 1873، في بحيرة بانغويولو بزامبيا. معظم جسده أرجع بعد ذلك إلى إنجلترا، ولكن العديد من أصدقاء ليفينغستون دفنوا قلبه في أفريقيا.
اضغط على الصورة للتكبير