تعد المجموعة كتابة تراهن منذ البداية على الاختلاف، وتعبر؛ في مجملها؛ عن رؤية نسوية في رؤية العالم، لتحارب ولو بشكل رمزي؛ ذلك التوجه الذكوري المفرط في التحيز ضد المرأة.
ابتعد القيصر في مجموعته عن النص المفتوح، فجاءت جميع القصص ذات بنية درامية تسلسلية باستثناء بعض القصص والتي تعمد القاص رسم زمن دائري فيها.
وتميل لغة المجموعة إلى لغة المجاز والاستعارة ، تبتعد قليلا عن الإيجاز والتكثيف، ولا تراهن على الاكتناز.
المجموعة تُنبئ بقاص واعٍ ومبدعٍ، ربما تكون له بصمته المميزة في المشهد القصصي.
• • • • •
وانهارت دفاعاتي
عمر القيصر
راحتْ تتأمَّل رقعة الشطرنج الممتدة أمامهما بمربعاتها البيضاء والسوداء، مربع أبيض، وآخر أسود، وفيما بينهما فرق واضح، لكن العين لا تلمحه، خُيِّلَ إليها أن المربعات تقترب من بعضها، رويدًا رويدًا، وأنها سوف....
- هل نبدأ ؟
قطعَ صوته الهادئ تأملاتها، فابتسمتْ له وهي تومئ بالإيجاب، ثم بدأ اللعب... هكذا ظنَّتْ في بادئ الأمر، أنها مجرَّد لعبة، ولن تلبث أن تملها بعد أن تشغل بها بعضًا من فراغ أيامها، فتلقيها بعيدًا، أبعدَ ما تستطيع... وحين تحدثتْ إليه، لم تتوقعْ أبدًا أن تفلت خيوط اللعبة من يديها، بل ظنت أنها قد أحكمت الخناقَ عليه، وأنها هي المسيطرة، فهي أكثر من يعرف أسرار اللعبة؛ لكنها، وبعد أول لقاء، وجدت نفسها تفكرُ فيه، حقيقة لم يكنْ حبًا؛ لكنها كانت تفكر فيه، وقد كان هذا بمثابة أول....
- سقط أول جنودك.!
عادت إلى اللعبة مرة أخرى، نظرت إلى رقعة الشطرنج، عدَّلت من خطتها، حقيقة أنها قد فقدت أول دفاعاتها، لكن هذا نذر يسير، فمن الطبيعي أن تفكر في الطرف الآخر من لعبتها، من الطبيعي أن تفكر في... الخصم؛ لكنها وبعد عدة لقاءات، وجدت نفسها تشتاق إليه، تتمنى لو طال بينهما الحديث، لو أصبحا أكثر قربًا، باتتْ تشعرُ أنه جزءٌ من كِيانها، فرضٌ يجب أن تؤديه في كل يوم من أيامها، وبدأت تشعر بالقلق، فهذا معناه أن الأمر جد خطير، وأنها قد فقدت....
- ماتت طابيتك، احذريني.!
نظرتْ إليه مبتسمة وهي تحاول أن تفكر في طريقة تستردّ بها مواقعها المحتلة، وتغتصب أراضيه؛ لكنه حين انقطع عنها وغاب، شعرت بالحزن يعتصر قلبها، وراحت تبحث عنه في كل مكان يؤمه، أو يكون قد خطر له يومًا أن يذهب إليه أو يراه، لم تنم لياليها، ولم يعرف من يحيطون بها سر تغيرها، والألم الذي راح يعتريها ويرتسم على ملامحها... وحين عاد، بعثت من جديد، عادت إليها الحياة، استردت ورودها نضارتها، وعاد إلى جنتها رونقها، ألقت بنفسها في أحضانه، ظلت تبكي وتبكي، وحين ذاقت طعم الدمع، أدركت أن الأمر قد استحال إلى داء لا ينفع معه الدواء، أدركت أنه قد ملكها، وأنها قد أصبحت أكثر ضعفًا من أن تجادلَ. لقد فتحت أمامه بابًا آخر، فاز بجولة أخرى، لقد....
- مات الوزير، حاصرتك.!
لم يعدْ هناك بُدٌ من الاستسلام، لم يعد هناك مجالٌ للمقاومة؛ فقد لمس ضعفها، أيقن أنها تحبه، وأقسم لها بأنه مِلكُ يديها، عاشقٌ لها، ولا معنى لوجوده بدونها، نامت على صدره، ذابت فيه، امتزجت بخلاياه، واعترفت له بأنها قد فقدت....
- مات الملك.!