إن كانت أيدي الزمن تستطيع أن تعبث بمقتنيات وآثار بلداننا وتمحوها فان عبق الماضي لن يضمحل وسيظل مؤرخاً يسطره التاريخ كالذكريات الأخرى المخزونة في مستودع الأفكار ليبقى مرجعا وكنزا تتناولهما الأجيال المتلاحقة في الحقب القادمة.
يعود تاريخ سوق الحميدية إلى مئات السنين، وبنيَ في شكله الحالي في عهد السلطان عبد الحميد الأول عام 1780 م ويقال أنه أخذ اسمه الحميدية من اسم السلطان العثماني الذي بناه. ويشتهر سوق الحميدية بتاريخه العريق فزيارة الشام لاتكتمل إلا بزيارة أشهر الأسواق التراثية فيه .
ذكرالرحّْالة سوق الحميدية كثيرا في زياراتهم لسورية والشرق ،لما يمتاز به من تنوع وغرابة مصنوعاته وبضائعه، فتباع في السوق كافة أنواع البضائع من كل صنف ولون وأهمها الصناعات التراثية مثل المصنوعات النحاسية والأرابيسك والمصدفات والأقمشة بكافة أنواعها الحريرية والقطنية والمطرزات والصناعات التراثية السورية وكافة أنواع الملابس الجاهزة وأدوات الزينة والأحذية والديباج والمفروشات والسجاد والذهب والتحف والهدايا والتراثيات لذا فان الكثير من العرائس يتجهزن منه ففيه محلات بيع الصناعات الدمشقية التقليدية، مثل الاغباني وهي اقمشة مصنوعة من الكتان ومطرزة بخيوط حرير وقصب, وصناعة الموزاييك الخشبية والتحف والمصنوعات الشرقية النحاسية. كما تباع فيها الاقمشة الحريرية والاجواخ والمطرزات وادوات الزينة والملبوسات النسائية الجاهزة كالجلابيات على اختلاف اشكالها والتي لم تتغير تصاميمها الا قليلا وفساتين العرائس والافراحً والاكسسوارت كما توجد بعض محلات الصاغة والمجوهرات ...
يبدأ سوق الحميدية عند نهاية شارع النصر مع شارع الثورة عند منطقة الدرويشية ويمتد السوق لمسافة تقارب الميلين، الجزء الأول منه يقع بجوار قلعة دمشق وبه العديد من المساجد والمباني التاريخية العريقة وتصطف على جانبية المحلات التجارية من كل نوع وصنف على طابقين، وتتفرع منه أسواق كثيرة مثل - سوق السروجية - سوق البزورية - سوق الصاغة - سوق المناخلية - سوق العصرونية - سوق الحرير - سوق العرائس - سوق القباقبية - سوق الخياطين وغيرها. وينتهي سوق الحميدية عند بوابة معبد جوبيتر الدمشقي وأعمدته الباسقة ومنه إلى الساحة أمام الجامع الأموي في قلب المدينة القديمة.
ويمتد سوق الحميدية وصولا إلى أحد فروعه المسمى سوق (المسكية) وهو سوق للكتب والقرطاسية، حتى يصل إلى أعمدة (جوبيتير الدمشقي) وهي بقايا لمعبد وثني بني أيام الإغريق بقي منه أعمدته الرخامية المرمرية الجميلة.. والمزينة بكؤوس مزخرفة من الرخام وبوابة أثرية، والذي يتصل بساحة يعتقد أنها كانت فناء للمعبد المذكور، ليجد الزائر نفسه أمام البوابة الرئيسية للجامع الأموي الكبير.
يحيط بالسوق عدد من الأوابد الأثرية والتاريخية فعلى يمينها تقع قلعة دمشق الشهيرة التي يتقدمها تمثال البطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي وضريحه الذي يقع بين سوق الحميدية وبين حي العمارة التاريخي المعروف في دمشق القديمة ، وقبل أن يصل زائر سوق الحميدية إلى أعمدة جوبيتير الضخمة الباسقة ينحرف يسارا ليجد صرحا ثقافيا كبيرا لايزال شاهدا على كون دمشق الشام من الحواضر المهمة للثقافة والعلم والمعرفة والصناعة والتجارة في الشرق على مر العصور ، فيجد المكتبة الظاهرية التي بناها الظاهر بيبرس أبان فترة حكمه لدمشق ، وتجد جوامع ومساجد أثرية ومباني تاريخية هامة ، بذا فأنت تشاهد التاريخ وعبق الزمان في كل مكان من هذا السوق العريق .
يمتد سوق الحميدية وصولا إلى أحد فروعه المسمى سوق (المسكية) وهو سوق للكتب والقرطاسية، حتى يصل إلى وأعمدة (جوبيتير الدمشقي) وهي بقايا لمعبد وثني بني أيام الإغريق بقي منه أعمدته الرخامية المرمرية الجميلة.. والمزينة بكؤوس مزخرفة من الرخام وبوابة أثرية، والذي يتصل بساحة يعتقد أنها كانت فناء للمعبد المذكور، ليجد الزائر نفسه أمام البوابة الرئيسية للجامع الأموي الكبير.
يبلغ طول السوق نحو 600 متر وعرضه بحدود 15 متراً، ارضيته حجرية جميلة وسقفه عال جدا , ويمتد من شارع الثورة الى ساحة المسكية المؤدية الى الجامع الاموي وأُنشئ خلال مرحلتين تاريخيتين. فالقسم الغربي منه يعود إلى فترة والي دمشق العثماني محمد باشا العظم عام 1780 وأُطلق عليه اسم "سوق الجديدة" لوجود سوق اخرى كانت تقوم قبلها وتعرف باسم سوق "الاروم". اما القسم الثاني فبني عام 1883 ايام السلطان العثماني عبد الحميد الثاني . ومرت السوق بالكثير من المحن اذ تعرضت الى حريق عام 1911 أتى على الكثير من المحلات التجارية، واندلع فيها حريق آخر عام 1920 وكادت النار ان تصل الى الجامع الاموي بعد استمرارها ثلاثة ايام متواصلة, مما اضطر الدولة الى هدم الكثير من البيوت ونسفها بالديناميت لايقاف امتداد النيران. وقام الوالي حسين ناظم باشا باستبدال السقف الخشبي للسوق بسقف من التوتياء عام 1895 منعاً للحرائق
كما ان هذا السقف يمَّكن الزائر من التجوال في السوق في اي وقت كونه يسمح لاشعة صغيرة من الشمس بالدخول بحيث لاتسبب ازعاجا ...و قد اعادت محافظة دمشق للسوق روح التراث التي كادت ان تندثر , واستعادت السوق شبابها من خلال إعادة احيائها وازالة كل اشكال المخالفات الموجودة في داخلها, والتي اخفت معالمها التاريخية. وبدت السوق في حلة جديدة بعدما ازيلت عن اعمدتها الاثرية اللافتات والديكورات الحديثة فقد كان اصحاب المحلات يعرضون الكثير من بضاعهم على الرصيف وحوائط السوق مما اخفى الكثير من معالمه اما الان فقد برزت التيجان الاثرية والاعمدة التاريخية وأُعيد تنظيم اللافتات في شكل يتماشى مع مظهرها التاريخي. وتم تجديد بنيتها التحتية وازالة الارصفة على جانبيها والتي كان يستغلها الباعة والجوالون .
كما أن في نهاية السوق وقبيل باب شرقي يوجد العديد من الكنائس العريقة أهمها (كنيسة حنانيا) التي تعود للعهد البيزنطي وهناك دار النعسان التي تمثل طراز البيت الشامي التقليدي. وفي آخر سوق الحميدية توجد سوق الحرير التي أنشأها درويش باشا عام 1574ويقع مدخلها بالقرب من الجامع الأموي وتشتهر دكاكينها ببيع الأقمشة والمطرزات والعطور ولوازم الخياطة النسائية وهناك سوق الخياطين التي أنشأها شمسي باشا عام 1553 والتي تقع في نهاية سوق الحرير وتشتهر بمحلات بيع الأجواخ والأقمشة الصوفية وبين السوقين يقع جامع وقبر القائد الإسلامي نورالدين زنكي الذي أنشئ عام 1173ويتميز بقبة فريدة وبمقرنصات داخلية وخارجية رائعة. وهنالك اسواق تزخر بها الحميدية منها الأسواق الصغيرة التي تصب تباعا في السوق الكبيرة كسوق الجوخ وسوق القطن وسوق (تفضلي يا خانم) وسوق الفضلات وسوق الكلفة وسوق الذهب وسوق القباقبية التي لم يتبق منها على حائط الجامع الجنوبي سوى دكان أو دكانين.
وتتفرع عن سوق الحميدية وتحاذيها أسواق كثيرة تصل إلى أكثر من عشرين سوقا تاريخيا متخصصة غير السوق الرئيسي.. ويقول المؤرخون أنها تتجاوز ال21 سوقا، ويقول القسطلي أنها تزيد على اثني عشر سوقا وهي أسواق مهنية تخصصية عرف كل سوق منها باسم حسب مهنة السوق وتخصصه، نذكر منها أساسا: سوق مدحت باشا وهي سوق طويلة مسقوفة مثل سوق الحميدية بناها الوالي العثماني مدحت باشا، وسوق البزورية وفيها يباع كل شيء يتعلق بالأغذية والحبوب والبذورات المجففة إضافة إلى السمنة العربية والزيوت والبهارات، سوق الحريقة المتخصصة بالأقمشة وسوق الخياطين وسوق الصاغة للذهب وسوق المناخلية وسوق العصرونية وسوق القباقبية وسوق السروجية (صناع سروج الخيل) وسوق الحرير وسوق العرائس المتخصصة بلوازم الأعراس ويسميها السكان سوق تفضلي وسوق الطويل وسوق المسكية وسوق القيشاني الذي تباع فيه الكلف والأزرار وسواها وسوق الصوف لبيع الأصواف ومشتقاتها وسوق القطن وسوق العبي للعباءات العربية التي تشتهر بها مدينة دمشق والكثير من الروائع والفنون التي تشتهر بها سوريا.
عند دخولكم لسوق الحمدية يستقبلكم بائع العرقسوس وهو من المشروبات المحببة في سوريا - بزيه التقليدي الشروال والصدرية ويحمل ادواته على ظهره ويقدم كوب العرق سوس بعد عرض صغير كذلك نجد بائع التمر هندي وباعة التمرية الكعك وهي نوع من الخبز لذيذ جدا وكما يغص السوق بالزوار والمتسوقين كذلك يغص بالباعة المتجولين لكل شئ
واذا شعرت بالحر في سوق الحميدية ستجد الكثير من محل لبيع البوظة - الآيس كريم - الدمشقية الشهيرة بالقشدة والفستق والمحلاية وكشك الفقرا باسعار في متناول الجميع ومذاقها يدخل الى نفسك الشعور بالرضا والإنتعاش والتي تصنع بأسلوب فريد ومميز منذ أكثر من مائة عام ، وأشهر وأقدم صالونات ومحلات (البوظة الدمشقية) المعروفة والمشهورة هو (صالون بكداش) التاريخي المعروف منذ نهاية القرن التاسع عشر الذي يزوره يوميا آلاف الزائرين.