مدينة أصيلة أو "أرزيلة ، أصيلا" جوهرة الشمال المغربي التي ترصع ضفة المحيط، قلادة الشمال، جوهرة المحيط ، أوملتقى الثقافة العربية، هي أسماء من بين أخرى عديدة ومتنوعة، أُطلقت على هذه المدينة الهادئة الأنيقة، الرابضة على شاطئ المحيط الأطلسي.
يعود تاريخ نشأة مدينة أصيلة إلى أكثر من ألفي سنة. فقد حط بها الفينيقيون والقرطاجيون، قبل أن تتحول إلى قلعة رومانية تحمل اسم " زيليس " . وفي القرن العاشر الميلادي، قدم إليها النورمانديون من صقلية واستقروا بها، واحتلها البرتغاليون سنة 1471 م ليشرفوا من خلالها على سفنهم التجارية عبر المحيط الأطلسي. وبعد معركة الملوك الثلاثة التي وقعت سنة 1578 م والتي سقط فيها ملك البرتغال سان سيباستيان صريعا في معركة وادي المخازن، استطاعت المدينة أن تتخلص من الاحتلال البرتغالي على يد أحمد المنصور السعدي سنة 1589 م، لكنها سرعان ما سقطت في يد الإسبانيين الذين استمر احتلالهم لها إلى غاية سنة 1691، وهي السنة التي أعادها السلطان مولاي اسماعيل إلى نفوذ الدولة العلوية.
وفي بداية القرن العشرين، أصبحت مدينة أصيلة معقلا للقائد الريسوني الذي بسط انطلاقا منها نفوذه على الكثير من الأراضي الشمالية، قبل أن يطرده منها الإسبانيون سنة 1924 ويحكموا قبضتهم عليها حتى مرحلة الاستقلال.
وتُعتبر المدينة العتيقة لمدينة أصيلة فضاءاً ساحراً بدروبها الضيقة وأزقتها الأنيقة وبمنازلها المتشحة بالبياض في تراص ّ جميل، وأبوابها ونوافذها المتلفعّة بزرقة مُشعة واخضرار براق، وبجدارياتها المُزينة برسوم فنانين تشكيليين من مختلف المدارس والأجيال، وبالأسوار المحيطة بها التي يعود تاريخها إلى عهد البرتغاليين. ويمكن الدخول إلى أحياء المدينة العتيقة عبر ثلاثة أبواب هي باب القصبة، وباب البحر، وباب الحومر، وتوجد بداخلها قيسارية لمنتجات الصناعة التقليدية، وساحة " القمرة " التي تقام بها سهرات الهواء الطلق خلال الموسم الثقافي للمدينة، وساحة أخرى تشرف على البحر يسميها الأهالي ساحة " الطيقان " تؤدي إلى بُريْج " القريقية " الشهير الذي يطل على المحيط، والذي يمكن من خلاله الاستمتاع بغروب الشمس ومشاهدة ميناء المدينة وإلقاء نظرة على ضريح سيدي أحمد المنصور أحد المجاهدين الذين تصدوا إلى الاحتلال البرتغالــــي.
وتتميز أحياء المدينة القديمة بنظافتها الفائقة وبالتنافس الكبير بين سكانها في تزيين واجهات بيوتهم بالأغراس والنباتات، وهوالأمر الذي يمكن أن يتيح لأحدهم فرصة الفوز بجائزة البيئة التي يتم الإعلان عن نتائجها خلال الموسم الثقافي.
ومن أهم وأقدم معالم المدينة العتيقة * قصر الريسوني *، الذي يعود تاريخ بنائه إلى بداية القرن العشرين، وأصبح يحمل اسم " قصر الثقافة ".
زكي عثمان
alia@maakom.link
أترككم مع صور خلابة لهذه المدينة