لا يوجد أي منا لم تنتابه مشاعر مفاجئة، وفكر في أحد ما، أو رآه في الحلم وتفاجأ فيما بعد بسماع خبر يخصه. وكذلك عند تبادل الحديث تتفاجأ بمن يتحدث معك باستخدام أفكارك وما كنت تود قوله، فهذا هو ما يسمى تخاطر الأرواح أو التوافق الفكري الذي لا زال موضوع جدل حير الكثيرين فلم يجدوا له تفسيرا علميا واحدا ونهائيا .
والتخاطر هو أن يتواصل عقل إنسان مع عقل إنسان آخر، وأن يتم نقل معلومات من واحد لآخر والتي قد تكون أفكارا أو مشاعر. هو الإدراك فوق الحسي، وأحد مظاهر الحاسة السادسة. فالتخاطر يعتبر من القدرات النفسية القوية، التي تحتاج إلى تدريب وممارسة من أجل نقل الرسالة من عقل إلى آخر بالشكل الصحيح. فكل إنسان يمكنه أن يمتلك هذه القدرة وليس فقط من هم مختصين وفنيين. فكل إنسان يمتلك قدرات كثيرة ومن خلال التدريب وممارسة الرياضة النفسية يمكنه أن يتقن التخاطر أيضا.
لا يكون التخاطر في شكل واحد، فهناك التخاطر الذي يمثل انتقال الأفكار من شخص مرسل إلى شخص مستقبل ويأخذ ذلك وقتا طويلا، وقد يتمثل في انتقال الأفكار من الماضي إلى الحاضر والمستقبل، وهناك تخاطر العواطف بحيث تنتقل المشاعر والعواطف من شخص لآخر.
فكل إنسان يعيش في مجالين، أولهما المجال الإدراكي الحسي والذي يعتمد على حواس الإنسان الخمس من سمع وبصر وذوق ولمس وشم، والآخر الذي يمثل العالم الروحي أو عالم اللاوعي الذي تسيطر عليه أبجدية غير معروفة لا زال العلماء والمختصون يحاولون فك رموزها وإيجاد تفسير علمي واضح لها. والتخاطر هو ظاهرة روحية تتم من خلال التواصل بين الأذهان عن بعد، ولا يكون هناك أي اتصال حسي من خلال الحواس. فهو يشمل الأفكار والمشاعر والأحاسيس والتخيلات الذهنية. بحيث تنبعث من مخ الشخص المرسل موجات سريعة جدا تشبه الموجات الكهرومغناطيسية أو موجات الراديو، بحيث تنتقل الأفكار من المخ إلى باقي خلايا الجسم عن طريق تلك الموجات ثم تنتقل إلى الفضاء الخارجي بسرعة 60 ألف كم\ساعة تقريبا، فيتم استقبالهامن الشخص الآخر الذي تكون موجات دماغه متوافقة مع موجات دماخ المرسل، ثم إن هالات الموجات الكهرومغناطيسية تلك للشخصين تتداخل حتى تبدو وكأنها هالة واحدة . وبالتالي الأشخاص الذين تتوافق أرواحهم وأفكارهم بدرجة عالية يحدث بينهما توارد وتزامن الأفكار والمشاعر مهما بعدت المسافات. فهو يتم عن طريق العلاقات الحميمة، طريق الحب، والتعاطف، والتقارب. كما يحدث بين المتحابين، والأصدقاء المقربين جدا، وكذلك الأم تجاه أبنائها. وقد يحدث في أي وقت وفجأة، وتكون تلك الأفكار أو المعلومات على شكل أحلام، أو خيالات، أو هلوسات، أو كلمات تأتي فجأة في ذهن أحدهما.
وبالرغم من حدوث التخاطر فجأة، إلا أن هناك ظروف معينة تساعد على نجاحه، أهمها توفر الهدوء والراحة في المكان ولدى الشخص المرسل، والشعور بالتسامح والحب اتجاه الآخر المستقبل، فلا بد من توفر رابطة روحية بينهما. وأفضل ما تكون عملية التخاطر في أوقات الليل وخاصة بعد منتصف الليل حيث الهدوء، والراحة في المحيط، وكذلك تكون هالة الإنسان المكونة من الطاقة الحيوية في حالة تمدد، والعقل البشري واللاوعي لدى الشخص يكون أكثر إحساسا، وهذا بدوره يساعد على نجاح العملية.
إضافة إلى ذلك يجب أن يؤمن كل من المرسل والمستقبل بأهمية التخاطر وإمكانية حدوثه ونجاحه بينهما، وأن ينفصلا عن التصور البدني لهما بمعنى فصل النفس عن الجسد المادي، والتركيز في الأفكار والمشاعر وقد يتم ذلك من خلال ارتداء سماعات الرأس، او ارتداء نظارات واقية. كذلك ممارسة الرياضة والاسترخاء للجسد والروح والعقل، والتركيز بشكل أفضل، وأن تكون الرسالة قصيرة، وواضحة.
وأخيرا إذا كنت تعتقد أنك تعرضت لموقف يعبر عن حالة تخاطر مع شخص آخر حبيب أو صديق أو قريب، وتريد ممارستها مرة أخرى بشكل مقصود، وترغب بإجراء إتصال ذهني وإرسال رسالة قد تكون معلومة، أو فكرة، أو إحساس لشخص آخر يمكنك التدرب على التمرين التالي حتى تتقنه:
اختر المكان الأكثر هدوءا وراحة بالنسبة لك، المكان الذي تشعر فيه بالراحة والسكينة.
اجلس على كرسي مريح بشكل مستقيم الظهروالرقبة، وضع يديك على رجليك.
فكر بالشخص الآخر الذي تريد الإتصال به ذهنيا، وإرسال الرسالة له، وتذكر انه يجب ان يكون بينكما توافق وعلاقة حميمة او مشاعر محبة وتسامح.
ثم فكر بمحتوى الرسالة التي ترغب في إرسالها، وتذكر أنها يجب ان تكون قصيرة وواضحة.
والآن أغمض عينيك، وتجاهل أي أصوات قد تسمعها، وحافظ على التركيز.
قم بإجراء تمرين التنفس من أجل الإسترخاء من ثلاث الى خمس مرات، يجب ان تأخذ الشهيق بالعمق من الأنف وتحبسه 3ثواني ثم تخرجه من الفم مع تنهيدة طويلة، وخلال ذلك حافظ على تركيزك، وحاول ان تتجاهل أي أصوات او خيالات أو افكار أخرى وقل لنفسك انها عابرة وستزول.
والأن وبتركيز عالي ضع يدك اليمنى على جبينك، ويدك اليسرى على ؤخرة رأسك، ولا تفتح عينيك، وركز كل انتباهك على العين الثالثة وسط جبينك وهي منطقة الحاسة السادسة.
استشعر هالتك المحيطة بك، وتخيل الشخص الذي ترغب بالتواصل معه، وأنه يقترب منك أكثر، فاكثر، ثم ركز على ملامح وجهه، وتعابيره، ورائحته، وصوته، وكل تفاصيله وكانه أمامك حقيقيا.
ركز على هالته، ودعه يخرج منها ليدخل هالتك المحيطة بك، فتصبحون في هالة واحدة، إمسك بيده وأخبره بالرسالة.
انتظر منه الرد فقد تكون في نفس اللحظة، وقد تكون بعد الإنتهاء من التمرين، وقد تأتيك على شكل صورة خيالية، أو حلم.
وبعد الانتهاء من رسالتك، دعه يخرج من هالتك ليعود إلى هالته، وانظر اليه يبتعد عنك إلى ان يختفي ولم تعد تراه، حينها قم بإجراء تمرين التنفس بعمق وكرره من ثلاث الى خمس مرات، ثم افتح عينيك.
.... ولا زالت الظاهرة موضوع جدلي، لم يثبت علميا، ولم يتم تفسيره بشكل واضح، ولم يحقق نتائج ثابته وواحدة لكل من قاموا به. فيبقى الأمر بين الحقيقة والخيال...قد نؤمن به فينجح، وقد نشكك به فيفشل...فالقرار لك إما أن تنجح وتثبت صحته ويكون واقعا وحقيقة تمارسها وتكررها مع من تحب، وإما أن تفشل فتكون مجرد خيال ووقتا للاسترخاء.
كل الحب والسلام لأرواحكم
رام الله \ 2016
الأخصائية النفسية: ثورة انجاص
