ربوة أبي القاسم الشابي
توزر هي مدينة وواحة صحراوية تقع في الجنوب الغربي للجمهورية التونسية، يبلغ عدد سكانها حوالي 40.000 نسمة، وهي عاصمة ولاية توزر ومركز بلاد الجريد، تقع في الشمال الغربي لشط الجريد، وجنوبي شط الغرسة، على بعد 430 كم من العاصمة تونس . كما تقع توزر في المنظقة الفاصلة بين منطقتي شط الجريد وشط الغرسة .
تتميز توزر بالحي القديم الذي يُشبه متاهةً صغيرةً من المنازل المبنية من الطوب، والأقواس، والجدران، واحتوائها على شط الكريد الذي تبلغ مساحفة حوالي 7000 كيلومتر مربع، الذي يعد أكبر حوض ملح في الصحراء، إذ يحتاج للقوارب ليتمّ عبوره في فصل الشتاء عند هطول الأمطار، ولكن جفاف المياه في الصيف يترك وراءه قشرةً ملحيةً تمتد لأميال، كما تُعدّ الواحة موطناً لبقايا مستوطنة رومانية صغيرة، بني فيها متحف دار شريّط الذي يُعدّ متحفاً تقليداً لقصر فخم قديم يحتوي على مجموعة متنوعة من الفخار، والمجوهرات، الأزياء، والعديد من التحف، بالإضافة إلى معرض فني، كما تنتشر في غرف هذا المتحف العديد من الصور التي تُعبّر عن مشاهد من الحياة التونسية في الماضي والحاضر .
إنها واحات غناء خلابة، تفتح ذراعيها ليدخل عشاقها ويستنشقوا نفحاتها، وروائح الفردوس المنبعثة من أرجائها، فتستقبلهم بأشجارِ نخيلها الباسق الشاهق الذي يعلو أشجار الزيتون والتين والرمان والعنب، وينتج أجود أصناف التمور العالمية، وينابيع مائها العذبة، التي تنمو حولها أعشاب خضراء تكّون بساطًا تحلوا للعين رؤيته ويهب للسكّان حياة، وظلّا يقي الإنسان حرّ الشمس وأشعتها .
عند أول بيت تشاهده في توزر، يخيّل إليك أن عمارة المدينة تخرج من قلب الرمال، منازل مبنية من الآجر، تتمتع بأشكال هندسية رائعة، تزينها أنواع النباتات عند باب مدخلها، إلى جانب نافورة ونبع مياه، جدرانها سميكة صفراء متشابهة في كل أنحاء المدينة، لا تبنى دون منحنيات تفاديًا لريح السموم، بينما تتكفل طبيعة الآجر المحمي في الفرن أو المجفف تحت الشمس بأن يكون بارداً في الصيف، ودافئًا في الشتاء .
إن العمارة التوزرية هي ثمرة تعايش الناس مع ظروف المناخ الصحراوي الذي خبروه منذ آلاف السنين، ويمثّل الجامع الكبير ببلاد الحضر قبلة لمحبي ومستكشفي الآثار فهو يجلب اهتمام الزائر لا لروعة معماره فقط وإنما لبساطته، وشيد الجامع بالحجارة والطين وغلفت جدرانه من الداخل والخارج وأرضيته بالآجر التقليدي وبنيت أسقفه من خشب النخيل ويحتوي على نحو 43 عمودًا من الآجر التقليدي، وبذا أصبح تحفة معمارية متميزة .
غير بعيد عن وسط المدينة يوجد متحف دار شريط الذي بني حديثًا، محاولاً المزج بين ما هو عصري وأصيل في الجهة، في عمارته وما يحتويه، فهو مكان يختصر تاريخ تونس منذ النشأة وإلى اليوم من خلال مجسمات لشخصيات وأبطال عرفتهم البلاد عبر تاريخها الطويل مثل قادة قرطاج وكبارها، والفاتحين المسلمين وقادة الحركة الوطنية وغيرهم .
بالإضافة الى دار الأحلام التي تتربع فيها مدينة الأحلام، التي هي عبارة عن مجسمات متحركة لشخصيات وديكورات قصص ألف ليلة وليلة، فيدخلك في قصة علاء الدين ومصباحه وبساطه السحري، والسندباد ورحلاته العجيبة، وعلي بابا ولصوصه، والبجع الأبيض الجميل ينساب في نهر صناعي بين جنبات المدينة، سائرًا صوب مدينة النحاس .
وغير بعيد عنها يوجد متحف رشيق البناء والهندسة، في شكل غابة، يطلق عليه اسم "شاق واق" يسرد قصة الإنسان وكيفية خلق الكون بتقنيات وتأثيرات صوتية وضوئية، وباعتماد المجسمات الضخمة، مجسمات تحكي قصص تطور الإنسان وأهم المراحل التي مر بها منذ الخليقة، توافقاً مع النظريات العلمية والقصص الدينية، وتضم قاعات المتحف مجموعات نادرة من اللباس التقليدي، ومجموعة من المصاحف القرآنية النادرة، والمخطوطات من التوراة والإنجيل، إلى جانب مجسمات لديناصورات ضخمة، ومجسمات طريفة لأحداث تاريخية مهمة، بينها مجسم لسفينة نوح .