24/10/2014
في مونتريال الكندية، التأم شمل مجموعة من المثقفين والمهتمين بالشأن الثقافي، في حدثٍ ثقافي متميز، هو توقيع عمل روائي للكاتب المصري الكندي اسامة علاّم، رواية أُسامة علاّم الثالثة " تولوز " التي صدرت حديثاً عن دار " دون " للنشر والتوزيع والتي تعتبر حقاً إضافةً مهمة، في الرواية العربية الحديثة، وليؤكد من خلالها المعنى الجوهري للثقافة ويثبت ان ابرة الأبداع لا بد ان تحك جلد الكتابة في كل الظروف وفي كل الأزمنة ...
اجتماع العدد الكبير من المهتمين بالثقافة، في هذا الحدث الثقافي، هو رسالة عربية، تهدف إلى بث أفكار التنوير في الظروف القاسية التي تمر بها الأمة العربية حاليا، في مواجهة القوى الظلامية والتكفيرية التي تعتاش على تحجيم الثقافة، وبث افكار التخلف التي ما من سبيل لمواجهتها غير السبيل الفكري التنويري الجاد، الذي يستند إلى التراث الفكري والثقافي للأمة، التراث المتنور، المتعدد والحر...
تدور أحداث الرواية في مدينة تولوز الفرنسية، التي عاش فيها الكاتب من عام 2005 حتى عام 2007، ليحكي فيها عن صراع الناس مع مصائرهم، مع همومهم اليومية، مع اقدارهم، ومع احتدام المعارك بين الخير والشر، وبدقة متناهية وبمهارة فائقة واقتدار، يرصد الكاتب تحولات المجتمع، البيئة، التاريخ، وتأثيراتها على تتابع حياة البشر في زمن الرواية ...
من يقرأ الرواية يجدها نصاً مفتوحاً على اسئلة الحياة، ومع بدايتها، تبدأ قصة ظهور أبطالها تباعاً، ولإسلوبٍها الإنساني الشيق، يَسْكُنك، من اول صفحاتها، فضول كبير للانغمار في قراءتها، ولهفة لمعرفة احداثها، فتعيش معها مستغرقاً في عوالمها، ومستمتعاً بها حتى النهاية ...
أُفتثحَتْ الامسية بكلمة ترحيبية، ثم دقيقة وقوف حداداً على ارواح الشهداء الأبرياء في كندا، وفي البلدان العربية، الذين سقطوا غدراً في اعمال عنف ارهابية، ثم قدم كورال سوري، اغاني جميلة ممزوجة برسائل سياسية ووطنية، وكانت معظمها من اغاني الفنان المصري الشيخ امام ...
استطاعت الفرقة أن تمزج بين إيقاعات آلات عربية وغربية، بنكهة فنية متميزة أطربت الجمهور، فجاء الأداء حاملا معاني ودلالات صَقْلُ الهوية العربية في ظل التحديات، وعاكسا حلم التواصل مع العالم العربي والتطلع إلى التمازج الحضاري والثقافي.
انتشى الجمهور طربا وعاش جوا فنيا، زينته ألحان ومعزوفات كلاسيكية عربية شرقية، كما أنها لم تخل من إيقاعات ومعزوفات كلاسيكية غربية على الكمان، للعازف التونسي وليد الغربي، وعلى وقع أنين كمانه استطاع ان يمزج بين مشاعر الحزن والفرح في نفوس الحاضرين فانعكس اعجابهم تجاوباً ومحبة ...
اعقب ذلك قراءآت لأجزاء من رواية " تولوز " وكانت اول قراءة ل د. رانية سعد، احدى عضوات مجموعة اقلام عربية التي نَظّمتْ هذا الحدث الثقافي، واستطاعت بصوتها الشجي وقراءتها المعبرة، ان تشوق، وتستحث السامع لقراءة الرواية ...وتتالت قراءة اجزاء من رواية تولوز، ثم اعقبتها قراءآت شعرية للشاعر التونسي المغترب أنيس بن عمار فيقول في احدى قصائده :
لا حُزن ..
لا حُزن في المدائن اليوم ..
ولا في تراتيل الكنائس،
لا حُزن بين عينيَّ وعينيْكِ .
لا حُزن في القصائد الليلة ..
ولا في تسابيح المعابد،
لا حُزن سوى ما كتبتُ قبْل عينيك .
لا عطرَ كموسم الورد على صدرك،
ولا موسم في قصص العطور ..
كغابات اللوز على سفح نهديْك .
لا جسر بين مرافئ العشق
سوى ما قال لي البحر عنكِ،
ولا جسراً سيعرف طريقا
غير امواج البحر ... إليكِ .
لا سر بيني وبين المناخات
سوى ان الشمس تُدركُ القمر،
ولا سرٌ سوى ان القمرَ
سيرفع الشمس قرباناً الى شفتيكِ .
لا حبْر على متاهات الورق
سوى ما أملى الليل على شعرك
ولا قصةٌ في الشعر ..
سوى ما كان بين عينيَّ .. وعينيْكِ !
والفقرة الأخيرة في البرنامج كانت حواراً مفتوحاً شيقاً، شارك فيه اغلب الحاضرون، اعقبته وجبة عشاء بأطباقٍ عربية منوعة.
اسامة علاّم
أسامة علام روائى مصرى مقيم بكندا من 2008 يعمل طبيب بيطرى حصل على درجة الماجستير من جامعة بول سابتيه
(تولوز 3) في فرنسا .
وحالياً يدرس لنيل درجة الدكتوراه فى المناعة من جامعة مونتريال بكندا.
ورواية "تولوز.... أغنية أخيرة لأكورديون وحيد" هى العمل الروائى الطويل الثالث لأسامة علاّم، كما صدر له "واحة الزهور السوداء" عن دار نشر مدبولى 2008 بتقديم من الدكتور محمد المخزنجى، رواية "الاختفاء العجيب لرجل مدهش" عن دار دون 2013 والتى رشحتها الدار لجائزة البوكر العربية لعام 2015. وله مجموعة قصصية وحيدة بعنوان "قهوة صباحية فى مقهى باريسى" وهى مجموعة فائزة بجائزة غسان كنفانى عن الصالون الأندلسى بمونتريال 2013. وهو أحد أعضاء مجموعة أقلام عربية فى مونتريال بكندا.
اضغط على الصورة للتكبير
