* يكفي أن تسألها عن الحبّ، إذ تضيع منك الأسئلة في حضرة هذه المرأة الاستثنائيّة التي تسحرك بعفويّتها القاطعة، وبساطتها الآسرة. مرّةً، قرأنا لها أنّ الحبّ «موجة، قوّة مطلقة، تخلق إحساساً بالغرق، وحاجة يائسة لتجميد الحبيب في الزمان والمكان. إنّه مسألة مطلق».
* من معرضها في «غاليري زملر صفير» (بلال جاويش) وضعت إيتل عدنان سكيناً في حزام «الست ماري روز»، روايتها الوحيدة التي كتبتها بالفرنسية بعد اندلاع الحرب اللبنانية بثلاث سنوات، وعرّبها جيروم شاهين («المؤسسة العربيّة للدراسات والنشر»، 1979)، وتعيد إصدارها «دار تاميراس» أخيراً بلغتها الأصلية. تتحرك الرواية في زمن الخوف. تنتقل المَشاهد من جنازة غسان كنفاني مرة وإلى محاكمة ماري روز
* نكاد لا نجد تجربة شعرية شبيهة بتجربة إيتل عدنان في شعرنا الحديث. لا نعرف أصلاً إن كان مجدياً البحث عن موضع ومكانة محدّدين لشاعرة لم تكتب بلغتنا، ولم تكترث لتصنيفاتنا الشعرية والنقدية. لم تنتمِ هذه الشاعرة المتفرِّدة لجيلٍ أو تيارٍ أو حساسية شعرية مشتركة. اختارت الفرنسية في البداية، ولكن من دون أن يُخضعها ذلك لتمزُّقات ملفَّقة وغير مثمرة على صعيد الهوية الشخصية والشعرية. بطريقة ما، خلَّصتها الكتابة بالفرنسية من الماضي غير المرن للجملة العربية. لم تعد محتاجة إلى نبرة ذاتية ومزاجٍ عربي خاص، لكنهاـ في الوقت نفسه ـ لم تصبح شاعرة فرنكوفونية.
* إيتل عدنان كاتبة، شاعرة، رسامة، ولدت في بيروت من والد سوري وأم يونانية، تعيش بين أميركا وأوروبا والشرق الأوسط. كتاباتها كحياتها موزعة على القارات ومترجمة الى لغات عدة. جذب فكرها وفنها فنانين من آفاق مختلفة، فشاركوا معها في أعمال فنية لاقت ترحيبا في أهم مراكز الفن المعاصر.
* تسكن أعمالها دقة الواقع ورحابة الخيال.وفي إنتاجها شيء من عبق الستينيات وتمرده، وهي المسكونة بالطبيعة اللبنانية والكاليفورنية، تكتب عن الجبال كما يرسم الفنان، وترسم كما يكتب الشاعر.
ترسم إيتل عدنان في كتابها "باريس عندما تتعرى" عالما نسيجه الشعر والقصة والحزن والمطر والاحلام بشكل تتداخل فيه المشاعر والواقع لتشكل حالة واحدة تكاد تحمل الى القارىء رائحة القهوة في مقاهي باريس الرائعة وحرارة الانفاس وأصوات نبض القلوب في بكائها وفي حالاتها المختلفة. صدر الكتاب عن "دار الساقي" في بيروت في 143 صفحة متوسطة القطع توزعت على فصول حمل كل منها عنوان الكتاب الرئيسي اي "باريس عندما تتعرى" ليصبح الكتاب كله اقرب الى حالة واحدة شاملة تطل منها وجوه عديدة أو تطل هي عبر تلك الوجوه.
* ليست إيتل عدنان كاتبة وشاعرة فحسب، بل رسامة، هكذا كتابات إيتل حيث بدت ككتلة ومضات من كل شيء. فمنذ قصيدتها الأولى "كتاب البحر" والتي كتبتها في سن العشرين، انهمكت عدنان في تلمس ذلك القاموس التعبيري الفريد الذي سنعرفها عن طريقه، وفي تطوير طاقاته التصويرية ـ التشكيلية خصوصا، وتأثيث عوالمه ومناخاته ومواضيعه و"كتاب البحر" القصيدة المكتوبة أصلا باللغة الفرنسية،تحاول وضع العلاقات التبادلية بين البحر والشمس في إطار من التعايش الكونى لكنها جوهريا ترسم مشهدا تشكيليا حاشدا في الأساس، ينقلب فيه لقاء البحر والشمس إلى انفجار بصري مذهل لعناصر الطبيعة المحسوسة والمتخيلة.
وأرتبط شعرها بثورات وحروب كثيرة، من فيتنام والجزائر إلى لبنان وفلسطين والعراق، وشهدت بيروت ولادتها الأدبية الأولى، وفي الولايات المتحدة كرست بين كبار الكتاب الأميركيين.